سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستشار الرئيس الاميركي السابق في حوار مع "الوسط". غاري سيك يكشف سراً مهماً : اسرائيل حاربت كارتر لرفضه تسليح ايران ولأنه كان ينوي الضغط عليها لتحقيق السلام
كشف غاري سيك، مستشار الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر، سراً مهما لپ"الوسط" وهو ان اسرائيل عملت على اسقاط كارتر في الانتخابات الرئاسية الاميركية، وتدخلت لهذا الغرض في عملية احتجاز الرهائن الاميركيين في طهران وساهمت في تأخير الافراج عنهم. واوضح سيك، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، ان اسرائيل حاربت كارتر لأنه كان ينوي الضغط عليها لتحقيق تقدم في مفاوضات السلام المتعلقة بالنزاع العربي - الاسرائيلي. وقد عمل سيك كمستشار لكارتر للشؤون الايرانية في مجلس الامن القومي، وكان المسؤول الرئيسي، في ذلك الحين، عن ملف الرهائن الاميركيين المحتجزين في ايران وعن ملف العلاقات الاميركية - الايرانية. ويشغل سيك حالياً منصب استاذ بروفسور في جامعة كولومبيا الاميركية. اسم غاري سيك برز اخيراً بعد اصداره كتاباً بعنوان "مفاجأة اكتوبر"، اثار ضجة في الولاياتالمتحدة، كونه تضمن وثائق ومعلومات دقيقة تظهر ان المسؤولين عن حملة رونالد ريغان وجورج بوش الانتخابية اضافة الى عدد من الاسرائيليين، "اقنعوا" الايرانيين بعدم التجاوب مع جهود كارتر للافراج عن الرهائن الاميركيين المحتجزين لديهم وبتأخير عملية الافراج الى ما بعد الانتخابات. وقد لعب ذلك دوراً رئيسياً في اسقاط كارتر وفي انتخاب رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة وجورج بوش نائباً للرئيس في خريف 1980. وفي الاسبوع الماضي حدث تطور على صعيد هذه القضية، اذ وافق مجلس النواب الاميركي، بعد نقاش حاد، على تأليف لجنة خاصة من الكونغرس لاجراء تحقيق حول "مفاجأة اكتوبر" وما اذا كان المسؤولون عن حملة الرئيس ريغان الانتخابية عقدوا عام 1980 صفقة سرية مع ايران لتأخير اطلاق الرهائن الاميركيين الى ما بعد انتخابات الرئاسة. التقت "الوسط" غاري سيك في مكتبه في جامعة كولومبيا واجرت معه مقابلة خاصة مطولة حول هذه القضية المهمة والمثيرة. الواقع ان الاتهامات في كتاب غاري سيك تتركز خصوصاً على وليم كايسي، مدير الحملة الانتخابية لريغان وبوش عام 1980، والذي اصبح في عهد ريغان مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية السي. آي. اي. ثم توفي في نهاية عهد الرئيس السابق. ووفقا لما جاء في الكتاب، فان كايسي عقد سلسلة اجتماعات في اوروبا وخصوصاً في مدريدوباريس - وحضر بعضها وسطاء اسرائيليون - مع عدد من الشخصيات الايرانية، اقنع خلالها طهران بتأجيل الافراج عن رهائن السفارة الاميركية المحتجزين هناك منذ خريف 1979. وقد أدت الاتهامات الواردة في كتاب سيك الى فتح تحقيق في الكونغرس حول هذه القضية. وكان كارتر قبل في مرحلة مبكرة من ازمة الرهائن، وبالتحديد في تشرين الثاني نوفمبر 1979، عرضا من ياسر عرفات بارسال المطران ايلاريون كبوجي وبعض المسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية الى طهران، من اجل التوسط لاطلاق سراح الرهائن النساء. وكان محتجزو الرهائن لا يرغبون في احتجاز النساء منذ البداية. ونجح كبوجي في مهمته، وأيضاً في تأمين اطلاق سراح الرهائن السود. وبعد ذلك طال امد الازمة، وهبطت الى مستوى "الديبلوماسية التليفزيونية". ويقول سيك في كتابه: "لم يستطع كارتر او اي من مستشاريه التوصل الى اي تفسير منطقي لسلوك ايران المحير… ولم يخطر لهم بأي حال من الاحوال ان مجموعة من الاشخاص الاميركيين، الذين ليست لهم اي صفة رسمية، دخلت في مفاوضات ديبلوماسية مع حكومة اجنبية معادية لافساد جهود كارتر ومستشاريه، وذلك في عملية تسير بلا هوادة من اجل الحصول على السلطة السياسية". ومن بين الذين اشار اليهم البروفسور سيك باصبع الاتهام، الى جانب كيسي ، جورج بوش الرئيس الحالي الذي كان نائباً لريغان ودونالد غريغ مستشار بوش للمعلومات الذي يشغل حالياً منصب السفير الاميركي في سيول. لقد كان هناك انكار شديد لهذه "المؤامرة الشيطانية" من جانب المعنيين بالامر. لكن مع صدور كتاب سيك كشفت مجلة "نيوز ويك" الاميركية تفاصيل تلك المؤامرة في موضوع احتل احد اغلفتها. ويقال ان بعض الشخصيات الرئيسية في هذه القصة - مثل غريغ - لديها "سجلات" تثبت انها كانت في اماكن اخرى. ولكن سيك يشير الى انه ليس هناك ما هو اسهل من تزوير السجلات. وعلى سبيل المثال يعر ض غريغ صورة تثبت انه قضى عطلة نهاية الاسبوع مع اسرته على شاطىء البحر، وتاريخ تحميض وطبع الصورة يتفق مع كلامه، لكن ليس هناك دليل على تاريخ التقاط الصورة. ويتحدث كتاب "مفاجأة اكتوبر" عن عمل مشابه ساعد ريتشارد نيكسون في الفوز بانتخابات الرئاسة في العام 1968 على منافسه الديموقراطي هيوبرت همفري. وكانت الباحثة آنا تشينولت قد اعترفت لكاتب هذا المقال عام 1975 بأنها اقنعت الرئيس الفييتنامي تيو بمقاطعة مؤتمر السلام في باريس، حتى لا يستفيد ليندون جونسون - رئيس اميركا في ذلك الوقت - ونائبه هيوبرت همفري من انهاء الحرب في فييتنام. وفي يأتي المقابلة الخاصة مع سيك: هل من الصواب القول انك مقتنع بأنه كانت هناك مؤامرة من جانب الحزب الجمهوري لمنع الرئيس كارتر من تحقيق اية مكاسب في انتخابات الرئاسة عن طريق اطلاق سراح الرهائن؟ - انني مقتنع تماماً بأنه كانت هناك اتصالات بشأن الرهائن بين المسؤولين عن حملة ريغان الانتخابية وايران، وبأن هذه الاتصالات اثرت على توقيت اطلاق سراح الرهائن. ولا ادعي انني اعرف كل ما قيل في كل مرحلة من المراحل، ولكنني واثق تماماً من ان الاجتماعات التي عقدت في مدريد كانت - على سبيل المثال - نقطة البداية بصورة عامة لعملية تفاوض طُلب فيها من ايران تأجيل اطلاق سراح الرهائن. وفي مقابل ذلك تم تزويد ايران بمعدات عسكرية، وبأموال، وايضاً بخدمات سياسية. لم يكن اطلاق سراح الرهائن اذن يوم تنصيب ريغان في كانون الثاني يناير 1981 من قبيل المصادفات، أليس كذلك؟ - لا لم يحدث ذلك مصادفة. لقد كان الايرانيون يقفون وساعاتهم في ايديهم لضبط توقيت اطلاق سراح الرهائن. اننا نعرف انهم كانوا يرغبون بتنفيذ ذلك اثناء تنصيب الرئيس ريغان. ولا يثبت ذلك في حد ذاته ان هذا الاجراء تم على اساس صفقة متفق عليها من قبل، ولكنني اعتقد انه كان هناك بالفعل اتفاق على ذلك. وقد وصل الى طهران تاجر السلاح ويليام هيرمان في اليوم التالي لاطلاق سراح الرهائن، وعقد اجتماعات مع حميد نقشبان، وهو شخص لا نعرف عنه الكثير، ولكن له اهمية كبيرة في تجارة السلاح. وكان الاثنان يتناولان طعام العشاء عندما قال حميد نقشبان: "انت تعرف ان اطلاق سراح الرهائن تم في اطار صفقة متفق عليها سلفاً". وكان نقشبان مطلعاً الى اقصى حد على اسرار الحكومة الايرانية، كما انه ليس هناك اي سبب على الاطلاق لعدم تصديق هيرمان. وفي الواقع لم يتزحزح هيرمان عن اقواله على الاطلاق منذ ذلك الحين. شقيق بوش تفاوض مع الايرانيين؟ لقد نشأ وليم كايسي في اروقة مخابرات الحرب العالمية الثانية، التي كان يحدث فيها، في احيان كثيرة، وضع اشخاص مشابهين لكبار القادة، مثل تشرشل وايزنهاور، في اماكن عامة مختلفة لتضليل العدو. هل تعتقد ان شخصاً ما حل محل كايسي بناء على تعليمات كايسي نفسه - في مدريد او باريس او كليهما؟ - انني اعمل في هذه المرحلة على اساس الافتراض ان كايسي كان في الواقع في مدريد، وايضا في باريس، الا اذا ثبت عكس ذلك. ان لدينا في مدريد شاهد عيان يقول ان كايسي كان هناك، ولدي اسباب قوية للاعتقاد بأن هذا الشاهد يقول الحقيقة. هل كان هذا الشاهد يعرف كايسي شخصياً؟ - نعم، كان يعرف كايسي. ولدينا ايضاً تسلسل الاحداث، كما ان لدينا شهادة جمشيد هاشمي الذي اخبرني عن سلسلة الاجتماعات التي عقدها مع كايسي. وقد راجعت محطة ايه. بي. سي. السلجلات، واثبتت ان الاخوين هاشمي كانا بالفعل في الأماكن التي ذكراها في تموز يوليو وآب اغسطس 1980. وكان كايسي خارج الولاياتالمتحدة في تلك الفترة من تموز يوليو 1980. كان يحضر مؤتمراً في متحف الحرب الملكي في لندن. - نعم، وكانت آخر مرة شوهد فيها كايسي يوم 25 تموز يوليو، ولم يره احد مرة اخرى حتى يوم 30، باستثناء حضور المؤتمر نفسه. وقد امكن اثبات مكان وجوده في تلك الفترة لمدة يوم ونصف اليوم على الأكثر. واذا تفحصنا بعناية سجلات متحف الحرب الملكي، سنجد انها تثبت وجوده هناك لمدة تقل عن 24 ساعة. وقد اختفى كايسي لمدة اربعة او خمسة ايام. وهكذا كانت لديه فرصة كافية للتوجه الى مدريد. ويشير ما نعرفه عن تحركاته، ومواقع وجوده في تلك الفترة، الى انه كان بامكانه عقد اجتماعين ناجحين مع الجانب الايراني يومي السبت والاحد، او ربما يومي الاحد والاثنين، ثم التوجه مرة اخرى الى لندن لحضور المؤتمر واداء كل ما كان يجب عليه عمله. ان الادلة الخاصة بوجوده في متحف الحرب الملكي مثيرة للاهتمام، ولكنني اصر على ما ذكرته في كتابي. وقد تحدثت فيه عن فترة وجوده في المتحف. وهل انت مقتنع بأن الشخص الذي ظهر في باريس، والذي يشبه كايسي، كان في الواقع كايسي نفسه؟ - انني متأكد بشأن مدريد اكثر من تأكدي من احداث باريس. ان هناك نوعاً من الغموض يكتنف ماجرى في باريس، ولدينا الكثير من الادعاءات بشأنها، ولكن ليس لدينا شاهد واضح مثل جمشيد هاشمي في مدريد. ولم يدلِ اي شخص اشترك في اي من اجتماعات باريس بوصف لما قيل هناك بالضبط. وهكذا فاننا نعمل اساساً بناء على اقوال اشخاص كانوا بعيدين الى حد ما عن الحدث نفسه، وهم من صغار العاملين في الاجهزة المختلفة للمخابرات. وقد استمع هؤلاء الاشخاص الى بعض الاقوال، او شاهدوا تقارير حول معلومات بهذا الشأن. وليس لدي قدر كبير من الشك في ان شيئاً ما قد حدث في باريس، ولكن يتعين علينا استنتاج هذا الشيء، وذلك على عكس مدريد التي نعرف ما حدث فيها بالضبط. هل فكرت في احتمال استخدام اشخاص شبيهين لكايسي وجورج بوش، ودون غريغ، وذلك حتى يمكنهم الانكار في حال اكتشاف المؤامرة؟ - ليس هناك شيء مستحيل. وأنا ادرك طبيعة سؤالك. لقد ذكر بعضهم ان الشخص الذي مثّل بوش في احد هذه الاجتماعات مع الايرانيين كان شقيقه بريسكوت الذي يشبهه كثيراً. لا يعرف معظم الايرانيين، ولا حتى معظم الاميركيين، كيف يبدو دون غريغ، ومن المؤكد انه عندما يتقدم اي شخص اميركي بدين، يبلغ من العمر 60 عاماً، ويقول: "هالو، انا بيل كايسي"، سيصدقه معظم الايرانيين. - ضاحكاً نعم. مسؤولية ريغان في اليوم السابق لهجوم الحلفاء على المحور في الحرب العالمية الثانية ظهر شخص مشابه لايزنهاور وهو يمارس رياضة الغولف في مكان بعيد عن الساحل الجنوبي لبريطانيا. وتم اسقاط الطائرة التي كان يستقلها الممثل ليزلي هوارد، ولقي مصرعه بالفعل، عندما حل محل تشرشل في رحلة من جبل طارق الى لندن. وكان كايسي واحدا من الذين نشأوا على ممارسة تلك المناورات في تلك الفترة. - اوافق على ذلك. لقد كان كايسي يعمل في مكتب الخدمات السرية، وكان قادراً، في رأيي، على اداء الكثير من الاشياء. ان ما نعرفه الآن هو مجرد قطرة في بحر. ولدينا قدر كاف من المعلومات يجعلنا نقول انه كان هناك شيء كبير يجري في الخفاء، ولكننا لا نعرف حتى الآن شكل هذا الشيء او ابعاده. وقد لا نعرف كل التفاصيل ابداً، لأن كايسي كان يعمل على الارجح بصورة تلقائية، ولم يكن يحتفظ بأي سجلات حقيقية. ومن المؤكد ان نظرية استخدام الشبيه يمكن ان تفسر وجود بوش في مكانين مختلفين في وقت واحد. استخدم كل من فرنسا، والاتحاد السوفياتي، واليابان، اسلوب الديبلوماسية السرية في مرحلة لاحقة للافراج عن الرهائن في لبنان. ولم يكن هذا الخيار متاحاً للرئيس كارتر، لأن محتجزي الرهائن جعلوا الأمر "عرضاً تليفزيونياً" هل هذا صحيح؟ - نعم، هذا صحيح. لقد جرت محاولات لاستخدام الديبلوماسية السرية مع الايرانيين، ولكن الايرانيين لم يكونوا راغبين في اية سرية في تعاملهم مع الحكومة الاميركية. وبذلك حصل الحزب الجمهوري على ميزة كبيرة في التعامل مع الايرانيين. هل تعتقد ان ريغان كان على علم بذلك، او انه جرى تزويده بأدلة لنفي ما حدث؟ - لقد ادهشني تصريح ادلى به ريغان دون تحضير مسبق في مؤتمر صحافي عقد في آب اغسطس الماضي في ملعب لرياضة الغولف. وذكر ريغان في ذلك المؤتمر ثلاث مرات متتالية ان ادارة حملته الانتخابية حاولت في الواقع تأمين اطلاق سراح الرهائن. وقد نقلت تصريحاته بالكامل في كتابي. وقد وافق ريغان في هذه التصريحات على انه كانت هناك اتصالات بين ادارة حملته الانتخابية والايرانيين. ومن الامور التي يمكن تصديقها في اعتقادي ان المسألة لم تعرض على ريغان باعتبارها خطة لتأجيل اطلاق سراح الرهائن. وأعتقد ان نوايا الاشخاص المشاركين في تلك المؤامرة لم تكن تسير في البداية في هذا الاتجاه. انني اعتقد انهم انطلقوا في الاجتماعات الاولى مع الايرانيين، في تموز يوليو وآب اغسطس بفكرة بسيطة مفادها ان جيمي كارتر فشل في اطلاق سراح الرهائن، وان الحزب الجمهوري يمكنه ان يستغل ذلك لصالحه ويعمل على اطلاق سراحهم، وهذا هو نوع التفكير الذي عكسته تصريحات ريغان في ملعب الغولف. وبعد ان بدأت ايران بالتفاوض مع ادارة كارتر مرة اخرى في صيف 1980 تغيرت، على ما اعتقد، طبيعة الاتفاق الذي كان الحزب الجمهوري يسعى اليه. وكان الشيء الذي تم الاتفاق عليه من قبل هو اطلاق سراح الرهائن لحساب الحزب الجمهوري من دون اي اشارة حقيقية الى كارتر. وعندما عاد كارتر الى الظهور على مسرح الاحداث، تغيرت طبيعة المفاوضات التي يديرها الحزب الجمهوري، وانتهى الامر باتفاق على تأجيل اطلاق سراح الرهائن. ولكن هل كان ريغان يعرف التفاصيل كلها؟ لا أعتقد ذلك. هل كان يعرف شيئاً عما يحدث؟ نعم، اعتقد انه كان يعرف بعض الشيء وتصريحاته نفسها تدل على ذلك. الدور الاسرائيلي هل كانت المؤامرة التي اتضحت أبعادها بعد ذلك مؤامرة اسرائيلية اساساً، باستخدام اسرائيليين من اصل ايراني مثل فؤاد بن ميناشي وهوشانغ لافي؟ - لعب الاسرائيليون دوراً مهماً للغاية. وكانوا يحرصون على بيع السلاح الى ايران لاستعادة العلاقات التي كانت سائدة بين الدولتين في عهد الشاه. وأدى احتمال وقوع حرب بين ايران والعراق الى جعل العلاقات مع ايران تبدو اكثر جاذبية بالنسبة الى اسرائيل. ولم يكن كارتر متعاطفاً مع رغبة اسرائيل في بيع السلاح لايران. وهكذا بدا الحزب الجمهوري في صورة جيدة بالنسبة الى اسرائيل، بسبب استعداده للموافقة على بيع السلاح الاسرائيلي لايران، وأيضاً لأن اسرائيل لم تكن ترغب في ان يبقى كارتر رئيسا للولايات المتحدة لولاية ثانية. كان كارتر ينوي الضغط على اسرائيل - في حال اعادة انتخابه - بصورة اكبر بكثير مما فعل خلال مفاوضات كامب دايفيد. وكان يرغب ايضا بمتابعة محادثات السلام الاسرائيلية - الفلسطينية بحماس كبير، وبالطبع لم تكن اسرائيل ترغب في اي محادثات سلام على الاطلاق. وكان ما فعلته اسرائيل يخدم مصالحها من وجهة نظرها، ولذلك كانت هناك خطة جيدة للتعمية. وقد لعبت دوراً رئيسياً في الاتصلالات الاميركية - الايرانية التي ادت الى تأجيل اطلاق سراح الرهائن. كان التعاون بين اسرائيل ووليم كايسي بدأ في مرحلة مبكرة قبل الحملة الانتخابية. ونحن جميعاً نعرف ذلك. وقد ارسلت اسرائيل الى ايران كمية كبيرة للغاية من المعدات العسكرية. وأعتقد انه من الصعب جداً تفسير السبب الذي دفع بادارة ريغان الى كسر القانون مباشرة تقريباً بعد توليها زمام الحكم عن طريق بيع معدات عسكرية الى ايران. لا بد ان يكون هناك سبب لذلك، والسبب المنطقي انه كان هناك اتفاق على ذلك، وان هذه المعدات كانت جزءاً من الثمن. هل تعتقد ان هناك ما يثير الشبهات في وفاة سيروس هاشمي المفاجئة الذي كان يمثل حلقة الاتصال الرئيسية بين الايرانيين وكايسي باعتبار ان مرض سرطان الدم الذي كان يعاني منه يستمر، عادة، فترة طويلة؟ - لقد تحدثت الى بعض الاطباء بهذا الشأن، وليس الامر بالغرابة التي يبدو بها من الناحية السطحية. ان هناك نوعاً من سرطان الدم الذي يمكن ان يؤدي في حالات الضغط او القلق، الى جلطة في المخ او سكتة قلبية. وقد كان قلب هاشمي معتلاً الى حد كبير. الا تعتقد انه قتل لأنه يعرف اكثر مما ينبغي، وأن مجموعة ارهابية تابعة للموساد الاسرائيلي ربما تكون نفذت ذلك؟ - لست على استعداد للتصريح بأن وفاته جاءت في اطار مؤامرة. لقد كان هناك اعداء كثيرون لسايروس هاشمي، وكانت هناك اسباب تدفع المخابرات الاميركية المركزية، والموساد، والسافاك، الى الغضب عليه. لقد كشف هاشمي عن عدد كبير من تجار السلاح في شتى انحاء العالم، وكلهم متورطون في عمليات غير شرعية لتجارة السلاح. وهؤلاء الاشخاص لا يعرفون الرحمة. لقد كان هناك اعداء في كل مكان لسايروس هاشمي، وكنت انا شخصياً اعتقد ان اجله محتوم. وهكذا كان من الطبيعي ان تحوم الشكوك حول وفاته المفاجئة، ولكن المصادفات تحدث بالفعل ايضاً. وهكذا استطاع كايسي والمتآمرون الآخرون معه تحديد نتيجة انتخابات الرئاسة الاميركية. - كان الطرفان في حملة انتخابات الرئاسة يشعران بأن هناك اهمية قصوى لقضية الرهائن. ففي الساعات الست والثلاثين السابقة لموعد التصويت، نقلت كل محطات التليفزيون، وكل الاذاعات، وكل صحيفة في الولاياتالمتحدة، عرضاً لمراحل ازمة الرهائن، وذلك بمناسبة مرور عام على اقتحام السفارة الاميركية في طهران. وأدى ذلك الى آثار مدمرة بالنسبة لحملة كارتر الانتخابية، لأن هذه الدعاية السلبية أدت الى التأثير على كل شخص لم يكن حسم امره بعد للتصويت لصالح اي من الطرفين. وماذا لو تم اطلاق سراح الرهائن يوم التصويت، او في اليوم السابق؟ - كان ذلك سيؤدي - في رأيي - الى النتيجة التي كانت تتنبأ بها استطلاعات الرأي، وهي تقارب عدد الأصوات لكل من الطرفين، ولكن الأمر كان سينتهي بفوز ريغان على ما اعتقد. ولكن ما حدث كان فوزاً ساحقاً لريغان. وكانت الاسباب الحقيقية لفوز ريغان ارتفاع معدل التضخم، وارتفاع نسب البطالة، وارتفاع نسب الفائدة. وهكذا كان الوضع الاقتصادي هو العامل الرئيسي الحاسم في نتيجة الانتخابات.
ان اهمية الكلام الذي يقوله سيك عن الدور الاسرائيلي في محاربة كارتر، تكمن في انه صادر عن شخص كان مستشاراً مباشراً للرئيس السابق وعضواً في مجلس الامن القومي لسنوات عدة. وما يقوله سيك يعني ان اسرائيل يمكن ان تحارب بوسائل واسلحة مختلفة، اي رئيس اميركي ينوي الضغط عليها لحملها على التجاوب مع قرارات الشرعية الدولية ومبادلة "الارض بالسلام".