لم تؤكد الحكومة الإيرانية المعلومات المتداولة عن لقاء جمع كبير مستشاري الرئيس الإيراني مجتبي هاشمي ثمرة مع وزير الدفاع الأميركي وليام غيتس، إلاّ أن الحدث يعيد الى الأذهان العلاقة بين طهرانوواشنطن خلال الأعوام الثلاثين الماضية والتي امتازت بالصمت والرغبة والرفض. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 1979 أي بعد ثمانية أشهر من نجاح الثورة، عقد أول اجتماع رسمي بين رئيس الوزراء الإيراني آنذاك مهدي بازركان ومستشار الأمن القومي الأميركي زبيغنيو بريجنسكي في العاصمة الجزائرية على هامش مشاركة الطرفين في احتفالات الجزائر بذكرى استقلالها. وشارك في المباحثات وزير الخارجية الإيراني ابراهيم يزدي ووزير الدفاع مصطفى شمران، واعتبر الاجتماع الأول من نوعه بعد أن اعترفت الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي بالحكومة الجديدة الموقتة التي رأسها بازركان. مهدي بازركان الذي كان يعرف خطورة اللقاء قدم حال عدته من الجزائر تقريراً للبرلمان الإيراني مدافعاً عن خطوته التي لم ترض منتقديه الذين وصفوه ب «الأميركي» وحكومته ب «الحكومة الليبرالية الأميركية». ولعبت الصدفة دورها حيث أقدم الطلاب السائرون على نهج الإمام الخميني بعد أربعة أيام من ذلك باحتلال مبنى السفارة الأميركية في طهران والذي صادف ذكرى إبعاد الإمام الخميني من إيران الى تركيا ومن ثم الى العراق. ويعتقد المطلعون على خفايا هذا الحادث أن الطلاب الإيرانيين أرادوا إرسال رسالة لحكومة بازركان يقولون فيها ان التاريخ لن يعيد نفسه وان الولاياتالمتحدة لا يمكن ان تعود الى إيران كما عادت بعد حركة الدكتور محمد مصدق عام 1953. وعلى رغم ان اجتماع بازركان – بريجنسكي الذي دام أكثر من ساعتين لم يسفر عن أي تعهد من الطرفين، وعن أي مذكرة إلا أن بازركان لم يستطع الصمود أمام حادث السفارة الأميركية الذي أجبره على تقديم استقالته للإمام الخميني الذي كان عينه رئيساً للحكومة الإيرانية الموقتة بعد نجاح الثورة في 11 شباط (فبراير) 1979. والغريب في الأمر، ان اتصالاً آخر كان أُجري في طهران قبل يومين من مباحثات الجزائر بين محمد حسين بهشتي أحد أبرز المقربين من الخميني ومسؤولين من السفارة الأميركية، وذلك في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 1979 لكن هذا الاجتماع الذي عقد في مكتب بهشتي لم يعلن عنه إلا بعد تسعة وعشرين عاماً وتحديداً في صيف 2008، ولم يستطع في حينه إسقاط بهشتي الذي ظل على علاقة حميمية مع الخميني حتى مقتله في حادث انفجار الحزب الجمهوري عام 1981 بأيدي منظمة «مجاهدين خلق» المنشقة. في المرحلة اللاحقة، ظهرت طبق من الثوريين الإيرانيين قادوا مباحثات جديدة مع الجانب الأميركي على خلفية احتلال السفارة في طهران، وقاد المباحثات من الجانب الإيراني بهزاد نبوي زعيم حركة مجاهدي الثورة الإسلامية مقابل وارن كريستوفر من الجانب الأميركي. وانصبت المباحثات على مصير الرهائن والأرصدة الإيرانية المحتجزة في البنوك الأميركية. مفاوضات صامتة خلال الثلاثين عاماً الماضية، كانت هناك رغبة جامحة لإجراء مباحثات بين الجانبين، من خلال عدد من السياسيين في البلدين كانوا يدافعون عن إعادة العلاقات الديبلوماسية، وحل الملفات العالقة بين الجانبين. لكن هذه الرغبات كانت تصطدم بعدد من العوائق، خصوصاً من الجانب الإيراني الذي كان يسعى لتعزيز القيم الثورية المعادية للولايات المتحدة، بقدر ما يرغب بإبداء واشنطن احترامها للثورة الإسلامية في إيران. أما الجانب الأميركي فكان يرى أنه فقد الكثير من صدقيته حينما احتلت السفارة الأميركية في طهران، وان على الإيرانيين العمل على إعادة ما دمروه بخطوتهم تلك. وعدا مباحثات الجزائر بشكل علني، أُجريت جميع الاتصالات والحوارات بين مسؤولي البلدين بعيداً من الأضواء، وكان طبيعياً أن تكون الاتصالات سرية لإذابة الثلوج المتراكمة بين البلدين والتي تقف حائلاً دون البحث في إعادة العلاقات. لكن المصادر السياسية والصحافية استطاعت أن تكشف الكثير من هذه الاتصالات التي كانت في مجملها تحاول حل المشاكل المالية والتجارية، أو أنها كانت تحاول شراء قطع الغيار للتجهيزات العسكرية الإيرانية. ومن ضمن الاتصالات ذلك الاجتماع الذي عقد في آذار (مارس) 1980 بين مبعوث ايراني لم يكشف عن اسمه وويليام كيسي مستشار الرئيس الأميركي رونالد ريغان ومدير حملته الانتخابية في فندق ريتز في مدريد، حيث شارك في المباحثات عدد من الشخصيات السياسية. وعقد اجتماع آخر في أيار (مايو) من العام نفسه حضره من الجانب الأميركي ارل برين وكيتر ومن الجانب الإيراني خسرو فخرية الذي اغتيل في ما بعد. وفي منتصف شهر تموز (يوليو) 1980 جرى اللقاء الثالث للحصول على التجهيزات العسكرية التي كانت إيران تحتاجها، خصوصاً قطع الغيار التي بدأت تنفد من المخازن العسكرية. وهذا ما دفع الجانبين الى لقاء رابع في آب (أغسطس) من العام نفسه بين ممثلين غير رسميين في فندق ماريوت في امستردام حيث قدم الجانب الإيراني قائمة باحتياجاته من قطع الغيار والتجهيزات العسكرية. وجرى لقاء آخر بين الجانبين بعد بدء الحرب العراقية – الإيرانية في مدينة بارسلون الإسبانية اتفقا خلاله على رفع مستوى المباحثات، وبناء على ذلك عقد اجتماع آخر في منتصف أيلول (سبتمبر) لمدة يومين في فندق ماريوت في أمستردام. وفي 2 تشرين الأول (أكتوبر) 1980 عقد اجتماع في فندق لوانفات بلازا في واشنطن شارك فيه من الجانب الأميركي روبرت ماكفرلين وريتشارد الن ولارنس سيلزمان. ومع بدء الحرب العراقية – الإيرانية عقد اجتماع آخر في منتصف تشرين الأول في باريس شارك فيه روبرت كيتز، وجورج كيو وروبرت ماكفرلين ودونالد كرك وجورج بوش اضافة الى وليام كيسي، حيث نوقشت آلية الإفراج عن الرهائن الأميركيين في طهران، في الوقت الذي تقدمت طهران بقائمة لشراء سلاح وقطع غيار قدرت ببليون دولار. ماكفرلين وكانت زيارة روبرت ماكفرلين الى طهران من أهم الأحداث على صعيد العلاقات بين البلدين، بعد مباحثات الجزائر، وألقت الضوء على الاتصالات التي حدثت قبل هذا التاريخ. ففي احتفال إيران بالذكرى السابعة لاحتلال السفارة الأميركية، وتحديداً في 4 تشرين الثاني 1986 كشف علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس الشورى، عن زيارة ماكفرلين بعد خمسة أشهر من وقوعها، وكانت حديث المحافل السياسية خارج إيران لكن الإيرانيين لم يكونوا يعرفون ذلك إلاّ من الإذاعات الأجنبية. ونقل رفسنجاني معلومات موثقة عن الزيارة وقال ان ماكفرلين زار ايران باسم مستعار هو شون دوبلين وبجواز سفر ارلندي. ونقل رفسنجاني ان ماكفرلين وصل الى طهران على متن طائرة تحمل شحنة من التجهيزات العسكرية المشتراة، حطت في مطار قلعة مرغى العسكري جنوبطهران. وأشار رفسنجاني الى أن ماكفرلين عرف بنفسه لدى نزوله من الطائرة، حيث مكث في المطار لليوم الأول قبل أن يسمح له ولبقية أعضاء الوفد بالتوجه الى فندق استقلال. والتقى الوفد في الفندق المذكور كلاً من فريدون وردي نجاد الذي كان ممثلاً لاستخبارات الحرس الثوري – عمل في ما بعد مديراً لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية وبعد ذلك سفيراً لإيران في الصين – والسفير محمد علي هادي ممثلاً عن وزارة الخارجية. وطلب الوفد الأميركي لقاء رئيس الجمهورية علي خامنئي، ورئيس مجلس الشورى هاشمي رفسنجاني، ورئيس مجلس القضاء الأعلى آية الله عبدالكريم اردبيلي، إلا أن هؤلاء امتنعوا من لقاء الوفد. وغادر ماكفرلين والوفد المرافق طهران بعد ثلاثة أيام، وست جولات من المباحثات، تاركين هدايا للمسؤولين الإيرانيين: ثلاث قطع سلاح شخصية لرؤساء السلطات الثلاث، وقطعة كيك لرئاسة الجيش الإيراني، وانجيل وقعه الرئيس ريغان أهدي الى الإمام الخميني! وفي المباحثات كان ملف الرهائن الأميركيين في لبنان على طاولة الحوار، فساهمت ايران بإطلاق أحد هؤلاء الرهائن، ما دفع طهران الى مطالبة الجانب الأميركي بإرسال السلاح اليها. وهنا دخلت إسرائيل على الخط فنقل السلاح من واشنطن الى تل أبيب بواسطة الخطوط الجوية الإسرائيلية ومن هناك الى مطار تبريز بواسطة طائرة أرجنتينية إذ لم تكن طهران ترغب باستخدام طائرة اسرائيلية. الصفقة الأولى كانت بقيمة 500 مليون دولار، وصلت شحنتها الأولى في أيلول (سبتمبر) 1985 وشملت طائرة حملت صواريخ ناو، وبعد أسبوعين وصلت الشحنة الثانية فأطلقت الرهينة الأميركية الثانية وهي القس الأميركي بنجامين وبر. لكن الإيرانيين علموا في ما بعد، ان 18 صاروخاً من صواريخ ناو كانت اسرائيلية الصنع، الأمر الذي أدى الى انزعاجهم، وأثر ذلك بشكل واضح على التعامل في هذا المجال. وفسر هاشمي رفسنجاني هذه الخطوة خلال حديثه الى مجلة «كيهان هوايي» بأن الأميركيين أرادوا أن يقولوا للرأي العام ان إيران تستخدم أسلحة إسرائيلية. وتبين في ما بعد أن الجانب الأميركي عقد الصفقة لحساب المجموعات المعارضة للرئيس النيكاراغوي دانيال اورتيغا والتي عرفت في ما بعد بصفقة إيران – كونترا، لأن الكونغرس كان يحظر دعم هذه المجموعات. ديبلوماسية الانجيل حاولت الحكومة الأميركية ترميم فضيحة ايران – كونترا، لتبدأ فصلاً جديداً من الديبلوماسية، فالتقى وفد أميركي علي هاشمي ابن شقيق هاشمي رفسنجاني في بلجيكا، وتركز الاهتمام برفسنجاني الذي اعتبر الوحيد الذي يملك مفاتيح العلاقات مع الولاياتالمتحدة. وبحسب ما نقل علي هاشمي، فإن اتصالاً تم معه في تشرين الأول 1986، الهدف منه نقل رسالة خاصة لعمه هاشمي رفسنجاني. وتبين في ما بعد أن الوفد شمل شخصيات تعمل مع مجلس الأمن القومي الأميركي منهم ريتشارد سيكورد (عمل معاوناً لوزير الدفاع، إضافة الى عمله لمدة طويلة في إيران). وكانت رغبة هؤلاء مناقشة الأسباب التي أدت الى فشل مهمة ماكفرلين، إضافة الى طلبهم الحوار مع وفد رسمي إيراني. والواقع ان عدم استعداد أي وفد رسمي ايراني للجلوس مع الأميركيين كان سبب وصول العلاقات بين البلدين خلال الثلاثين عاماً الماضية الى طريق مسدود. وتوالت جهود علي هاشمي لجمع الأميركيين والإيرانيين في كل من تركيا والولاياتالمتحدة، وكانت ترتكز بمجملها على التعاون الاقتصادي والفني، حتى توقفت هذه الجهود بسبب انكشاف مهمة ماكفرلين. الديبلوماسية الاقتصادية في هذه الأجواء كانت الحرب العراقية – الإيرانية وصلت لمرحلة حاسمة، بعدما أدركت القوى الكبرى ضرورة وضع حد لها، وزادت الضغوط على إيران مع حرب الناقلات والاشتباكات بين البحريتين الإيرانية والأميركية في الخليج، إذ هاجمت البحرية الأميركية حقول النفط الإيرانية في تلك المنطقة، ما أدى في نهاية المطاف الى إسقاط طائرة الركاب المدنية الإيرانية وعودة العلاقة بين البلدين الى المواجهة. لكن وصول هاشمي رفسنجاني الى الرئاسة، متزامناً مع وصول جورج بوش الأب الى البيت الأبيض، أعطى أملاً في إخراج العلاقات من طريقها المسدود، فشهدت ولاية رفسنجاني آراء تقول بجواز التعامل اقتصادياً مع الولاياتالمتحدة، على الرغم من حساسية هذا الأمر على صعيد الشارع الإيراني. وأعلن مجلس الأمن القومي الإيراني موافقته على التعاون الاقتصادي مع الولاياتالمتحدة موفراً الغطاء السياسي لتوجهات الرئاسة الإيرانية، في الوقت الذي وافق مجلس الأمن الأميركي على هذا الأمر أيضاً، ما ساعد في جعل التبادل التجاري بين البلدين يصل الى بليون دولار خلال أشهر قليلة. وكانت سياسة إعادة البناء التي انتهجتها حكومة الرئيس هاشمي رفسنجاني (1989 – 1997) تحتاج الى الكثير من القدرات الفنية لإعادة تشغيل المعامل والمصافي ومعامل البتروكيماويات، حيث استطاعت ايران شراء المعدات والأجهزة، لتشغيل هذه المعامل والمصانع التي توقفت عن العمل في الحرب. وكان واضحاً ان الحكومة الأميركية كانت تسعى لإعادة العلاقات مع طهران، إلا أن مثل هذه الرغبة كانت تواجه بممانعة إيرانية لأسباب تتعلق بالوضع الداخلي. وظهر واضحاً أن الإدارة الأميركية كانت تستعجل إعادة العلاقات، وكان طلبها يتمحور على إرسال مسؤول كبير الى طهران ليضع حداً للعلاقات المتوترة مع الجمهورية الإسلامية. وفي ذلك يقول علي هاشمي: «لقد تم اتصال بين وزير الخارجية الأميركي وممثل ايران لدى منظمة الأممالمتحدة خلال ولاية جورج بوش الأب من أجل ترتيب اتصال هاتفي بين الرئيسين بوش ورفسنجاني. ولم يتأخر الرئيس بوش كثيراً حيث قام بالاتصال في اليوم التالي بمكتب الرئيس رفسنجاني طالباً التحدث مع السيد هاشمي لكن هذه الخطوة جوبهت بمعارضة من قبل الرئيس هاشمي رفسنجاني لأنه لم تكن هناك رغبة بمثل هذا الاتصال، وقد تكرر الاتصال الهاتفي لكن في كل مرة كان يقطع الهاتف». وعلى رغم الخطوات الحذرة التي انتهجتها طهرانوواشنطن في ولاية الرئيس رفسنجاني والتي كانت بمجملها تصب في الإطار الاقتصادي وليس الديبلوماسي، إلا أنها وصلت بسرعة الى طريق مسدود، بسبب استعجال الحكومة الأميركية انتهاج سياسة المقاطعة الاقتصادية حيال ايران، حيث شملت هذه المقاطعة كافة العقود النفطية والاقتصادية، والتي كان من ضمنها عقد شركة «كونوكو»، في الوقت الذي كانت مجموعة «هاليبرتون» الأميركية تخطط للعمل في ايران من خلال شركة إيرانية حيث أشيع في طهران ان ديك تشيني أحد أبرز المساهمين في الشركة المذكورة قد قام بزيارة طهران في ذلك الحين. وبصدور قانون «داماتو» عام 1996 الذي حظّر العمل في المناقصات النفطية الإيرانية، انكمشت مرة أخرى العلاقات الاقتصادية حيث عمل الجانبان بعد ذلك على إعادة الأوضاع الى ما كانت عليه، لكن المساعي كانت تفشل في كل مرة لاختلاف النوايا حيث كان الجانب الإيراني يسعى للتعاون الاقتصادي في الوقت الذي كان الجانب الأميركي ينظر للعلاقات الديبلوماسية. وأوجد فوز الرئيس محمد خاتمي في انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 1997 الكثير من الأمل لدى الإيرانيين والأميركيين على حد سواء، بقرب الانفراج في العلاقات الثنائية خصوصاً، وان الرئيس خاتمي وصف للمرة الأولى خلال لقائه مع قناة «سي. ان. ان» الشعب الأميركي ب «الشعب الكبير» ما لقي اشادة من قبل الرئيس بيل كلينتون. لكن الذي فاجأ المراقبين امتناع الرئيس محمد خاتمي عن مصافحة الرئيس كلينتون على هامش اجتماع منظمة الأممالمتحدة، وتعمده عدم المشاركة في الصورة التي التقطت للرؤساء المشاركين في الاجتماع المذكور. وشهدت ولاية خاتمي الكثير من الاتصالات بين وفود إيرانية غير رسمية مع وفود أميركية في عواصم أوروبية، كما أن البلدين شاركا في اجتماعات مشتركة وفي عمليات تنسيق في حوادث مشتركة وتطورات مهمة كالهجوم الأميركي على أفغانستان والعراق، ومشاركة ايران في اجتماع بون الذي حضرته الولاياتالمتحدة، وقبل ذلك أصدرت الحكومة الإيرانية بياناً عزّت فيه الشعب الأميركي بأحداث الحادي عشر من أيلول ما أثار انتقادات كثيرة داخل إيران حيث صار بيان التعزية وصمة عار على خاتمي من قبل منتقديه. وعلى رغم كل ذلك أدرجت الحكومة الأميركية اسم إيران في محور جديد أطلق عليه اسم «محور الشر». وتعرض الرئيس خاتمي لضغوط متعددة من قبل الداخل الإيراني، وتحديداً من المحافظين من أجل عدم فتح باب الحوار مع واشنطن لأنهم كانوا يعتقدون بأن مثل هذه الخطوة ستجعل الإصلاحيين يحكمون إيران لسنوات طويلة. وبفوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بالرئاسة الإيرانية عام 2005، صار يسمع بوضوح ما كان محظوراً في العهود السابقة. حيث رحبت الحكومة الإيرانية بالحوار مع الولاياتالمتحدة، وحصلت حوارات مباشرة بين الجانبين في بغداد حيث كانت المرة الثانية التي تسجل فيها مثل هذه المباحثات العلنية المباشرة بعد مباحثات الجزائر. وعقدت في هذا الإطار ثلاثة اجتماعات بين آذار وشباط 2007 بين سفراء ايرانوالولاياتالمتحدة في العراق بمشاركة عراقية. هذه الورقة الخضراء التي أعطيت لحكومة الرئيس أحمدي نجاد، لم تكن متوافرة للحكومات السابقة ويبدو ان المحافظين هم الأقدر في ايران على فتح باب الحوار مع الولاياتالمتحدة حيث وجه الرئيس أحمدي نجاد رسالة اعتبرت الأولى من نوعها الى الرئيس الأميركي باراك أوباما هنأه فيها على فوزه في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الجمهوري جون ماكين، والتي جاءت - كما يقول المطلعون – على أثر المباحثات التي أُجريت في إحدى العواصم الأوروبية في تشرين الثاني 2008 بين كبير مستشاري الرئيس الإيراني مجتبى هاشمي ثمره ووزير الدفاع الأميركي السابق وليام بري.