حقق المؤتمر الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي، الذي عقد في جدة يومي 1 و2 كانون الأول ديسمبر الجاري، وافتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، 4 أهداف اساسية في ما يتعلق بقضية البوسنة والهرسك التي اجتمع من اجلها. وهذه الاهداف هي: 1 - وضع قضية البوسنة والهرسك على رأس القضايا الدولية الراهنة وتسليط الاضواء بقوة على معاناة مواطني هذه الجمهورية، وخصوصاً المسلمين منهم. وقد حضر مؤتمر جدة، الذي انعقد برئاسة الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ممثلو 50 دولة اسلامية اضافة الى ممثلي عدد من المنظمات والهيئات الاقليمية والدولية. وأبرز المشاركين في المؤتمر رئيس جمهورية البوسنة والهرسك علي عزت بيكوفيتش ورئيس جمهورية البانيا صالح بريشا ومبعوث الاممالمتحدة سايروس فانس وممثل دول المجموعة الاوروبية ديفيد أوين ويرئس الاثنان المؤتمر الدولي للسلام حول يوغوسلافيا السابقة والامين العام لجامعة الدول العربية عصمت عبدالمجيد، اضافة الى الدكتور حامد الغابد الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي قدم الى المؤتمر تقريراً مفصلاً عن الوضع في البوسنة والهرسك. 2 - أظهر مؤتمر جدة من خلال قراراته وبوضوح تضامن الدول الاسلامية مع البوسنة والهرسك ومسلميها الذين يشكلون 45 في المئة من سكانها لكنهم عانوا ويعانون من عمليات القمع الوحشي والابادة التي تمارسها ضدهم القوات الصربية وحلفاؤها، وهم حالياً امام خيارين بعد سيطرة الصرب على نحو 70 في المئة من أراضي البوسنة والهرسك: اما مغادرة البلاد أو العيش في جيوب صغيرة وهم مهددون في أية لحظة بالموت أو القمع أو الطرد. 3 - وضع مؤتمر جدةالاممالمتحدة امام مسؤولياتها وطالبها بقوة بالقيام بدور فعال لوقف الحرب في البوسنة والهرسك وحماية مواطنيها ومنع زوال هذه الجمهورية. ولاحظ عدد من المشاركين في المؤتمر ان الاممالمتحدة أصدرت مجموعة كبيرة من القرارات حول البوسنة والهرسك لكن هذه القرارات بقيت بلا تنفيذ ولا تزال الحرب مستمرة هناك. 4 - أرسل مؤتمر جدة اشارة قوية الى صربيا بأن العالم الاسلامي وكذلك المجتمع الدولي لن يسمحا لها بالاحتفاظ بثمار عدوانها وبمواصلة حرب الابادة ضد البوسنة والهرسك بلا عقاب. هذه الاهداف الاساسية عكستها بوضوح القرارات التي أصدرها مؤتمر جدة في بيان ختامي بعد انتهاء اعماله. وأبرز هذه القرارات: تطلب منظمة المؤتمر الاسلامي من مجلس الامن الدولي ان يتخذ فوراً جميع التدابير الضروية ضد صربيا والجبل الاسود بما في ذلك اللجوء الى القوة استناداً الى المادة 42 من الفصل السابع في ميثاق الأممالمتحدة... لضمان التزامهما الكامل بالقرارات ذات العلاقة وخصوصاً القرارين 752 و757 بالاضافة الى مواجهة وردع أية اعمال عدوانية خارجية اخرى ضد جمهورية البوسنة والهرسك. تدعو منظمة المؤتمر الاسلامي مجلس الامن الى التوضيح والاعلان صراحة ان حظر بيع السلاح ليوغوسلافيا السابقة المفروض بموجب القرار 713 لا ينطبق على جمهورية البوسنة والهرسك، وان يسمح لها بالاستلام الفوري لاسلحة دفاعية مقدمة من الدول الاعضاء اي من الدول الاسلامية. تدعو المنظمة الدول الاعضاء الى التعاون مع جمهورية البوسنة والهرسك في ممارسة حقها في الدفاع عن النفس، فرادى أو جماعات، وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة. تدعو منظمة المؤتمر الاسلامي جميع الدول الاعضاء فيها الى ابلاغ الامين العام للأمم المتحدة ومجلس الامن استعدادها لتقديم مساهمتها بالمال والافراد من اجل تنفيذ قرارات مجلس الامن الهادفة الى اعادة احلال السلام في البوسنة والهرسك. تطلب المنظمة من مجلس الامن ان يقوم قبل 15 كانون الثاني يناير المقبل بمراجعة للوضع في البوسنة والهرسك من حيث تنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة بما في ذلك القرار الرقم 752 وكذلك سير تنفيذ الالتزامات التي تم التوصل اليها في المؤتمر الدولي حول يوغوسلافيا السابقة مؤتمر لندن. تطلب المنظمة من مجلس الامن ان يغلق فوراً معسكرات الاحتجاز والاعتقال التي اقامها الصرب في صربيا والجبل الاسود والبوسنة والهرسك. وتدعو الأممالمتحدة الى انشاء محكمة دولية لجرائم الحرب فوراً وذلك من اجل محاكمة ومعاقبة الذين اقترفوا جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في البوسنة والهرسك. والى ان يتم تنفيذ ذلك يجب تعيين مراقبين دوليين في هذه المعسكرات وتمكين اللجنة الدولية للصليب الاحمر من الوصول بلا اعاقة الى كل معسكرات الاعتقال التي انشأها الصرب والاتصال بجميع المعتقلين فيها وان يتم اشعارها بصورة فورية ومن دون تأخير بأسماء المعتقلين. مطالبة الاممالمتحدة وغيرها من المنظمات الدولية النظر على وجه السرعة في اقامة مناطق آمنة بالتنسيق الوثيق مع كل الاطراف المعنية بالجهود الانسانية القائمة في البوسنة والهرسك لتقديم مواد اغاثة... مع مراعاة عدم القيام بأي شيء من شأنه تشجيع السياسة الصربية للتطهير العرقي. حث مجلس الامن على نشر قوات على حدود البوسنة والهرسك مع جمهوريتي الصرب والجبل الاسود لمنع مرور أية معونات الى صرب البوسنة. هذه القرارات تعني، بوضوح، ان الدول الاسلامية تعتبر ان لجوء مجلس الامن الدولي الى استخدام القوة هو السبيل الوحيد لوقف العدوان الصربي على البوسنة والهرسك، كما تظهر ان الدول الاسلامية اعطت مجلس الامن مهلة حتى يوم 15 كانون الثاني يناير المقبل لوقف الحرب في البوسنة، تاركة، ضمناً، الباب مفتوحاً أمام اجراءات اخرى يمكن ان تتخذ لدعم البوسنة ووقف العدوان. وعكست هذه القرارات استعداد الدول الاسلامية لارسال اسلحة دفاعية الى البوسنة، وللمساهمة "بالمال والافراد" من اجل احلال السلام في هذه الجمهورية. هذه القرارات جاءت منسجمة تماماً مع مضمون الكلمة التي القاها الملك فهد بن عبدالعزيز لدى افتتاحه مؤتمر جدة. فقد أكد الملك فهد في كلمته هذه ان المملكة العربية السعودية "أولت اهتماماً خاصاً بالوضع المؤسف في جمهورية البوسنة والهرسك حيث يتعرض شعبها لاعتداءات مستمرة من جانب الصرب من اجل طمس هوية شعب تلك الجمهورية. وأعلنت المملكة تأييدها للتوصيات والقرارات الصادرة عن مؤتمر لندن. ولهذا أرى لزاماً علينا ايها الاخوة ان تتضافر جهودنا من اجل وضع تلك القرارات موضع التنفيذ الجدي والتأكيد على ضرورة ضمان وصول المساعدات الانسانية عبر الأممالمتحدة الى مواطني البوسنة والهرسك خاصة في ظل تفاقم المعاناة التي يعيشونها اليوم". وأضاف الملك فهد: "اننا ومع عميق تقديرنا للجهود التي تبذلها الأممالمتحدة ومع تأييدنا لجميع القرارات التي اصدرها مجلس الامن والتي كان آخرها القرار الرقم 787 والقاضي بإحكام المقاطعة المفروضة على صربيا والجبل الاسود بسبب استمرار عدوانهما على جمهورية البوسنة والهرسك فإننا نرى ان تحقيق العدالة يحتم تمكين حكومة جمهورية البوسنة والهرسك من الحصول على الاسلحة التي تحتاجها لأغراض الدفاع المشروع عن وجودها". وحرص الملك فهد على القول ان "مأساة شعب البوسنة والهرسك على بشاعتها لم تنسنا لحظة واحدة مأساة الشعب الفلسطيني". وأكد الدعم والمساندة "لجميع الجهود المبذولة لايجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية وفق قراري مجلس الامن 242 و338 ". ومن خلال العودة الى مداولات مؤتمر جدة يمكن تسجيل الملاحظات الآتية. 1 - أبدى مبعوث الأممالمتحدة فانس وممثل المجموعة الاوروبية اوين معارضتهما لاستخدام القوة العسكرية ضد الصرب ولرفع الحظر على شحنات الاسلحة الى البوسنة والهرسك على أساس ان ذلك سيؤدي الى "توسيع نطاق الحرب" هناك. وقد تعرض فانس وأوين لانتقاد شديد من عدد كبير من ممثلي الدول الاسلامية، غير ان وزير خارجية البوسنة حارس كامل سيلاييفيتش كشف ان فانس وأوين "مقتنعان شخصياً بضرورة رفع الحظر على شحنات الاسلحة الى البوسنة ويعتبران ان هذا الحظر غير عادل وغير قانوني ولا إنساني... لكنهما يقومان بمهمة وساطة هناك وبالتالي اتخذا هذا الموقف العلني". 2 - على رغم تحفظاتهما العلنية فقد اكد فانس وأوين انهما سينقلان وجهة نظر الدول الاسلامية الى مجلس الامن والمجموعة الأوروبية، وأشارا الى ان مؤتمراً دولياً حول البوسنة والهرسك تحضره ثلاثون دولة سيعقد في جنيف يوم 16 كانون الأول ديسمبر الجاري وسيناقش اقتراحاً يدعو الى تقسيم البوسنة والهرسك الى مقاطعات على أساس جغرافي لا عرقي، باعتبار ان ذلك سيضع حداً للحرب. 3 - أكد وزير الخارجية الايراني علي أكبر ولايتي أن ايران مستعدة لارسال قوات الى البوسنة. لكنه حرص على القول ان ايران لن تخالف قرارات الأممالمتحدة وانها مستعدة لارسال هذه القوات في اطار القانون الدولي. مما يعني ان ايران لن تذهب ابعد مما نصت عليه قرارات مؤتمر جدة.