يعد الفل من النباتات العطرية التي عرفت وتشتهر بزراعتها منطقة جازان حتى ارتبط كل منهما باسم الآخر، فأصبح الفل"فل جازان"، وأصبحت جازان"جازان الفل... مشتى الكل"، وغدت عقود الفل على رؤوس الفتيات موروثاً شعبياً، إذ تحرص نساء المنطقة على التزين به في مناسبات الأعراس والمواليد واستقبال الضيوف. ويعتني المزارعون في منطقة جازان بهذه النبتة، إذ يبدأ المزارع في زراعة"ردائم الفل"في فصل الربيع لانخفاض درجات الحرارة، ليتعهد بعد ذلك أشجار الفل"الردائم"بالري وبناء بيت من ألواح الخشب المربعة، وذلك للسماح لها بالنمو والتسلق وهي تكبر، وليتمكن المزارعون من رؤية حبات الفل من جوانب الرديمة كافة. وليس المزارعون فقط في جازان من يزرعون ردائم الفل، بل إن السيدات يحرصن على زراعة أشجار الفل في مداخل المنازل وحدائقها، بما يزيد من جمال المنزل ويسهم في بث رائحة الفل العطرية في أجواء المنزل وداخل أسواره. وتتعدد أنواع الفل وأشكاله ومسمياته، فالفل العزان ذو الحبات الكبيرة ينمو في المناطق الجبلية بالمنطقة، ويسمى فل"العزان"، وهو أصفر اللون حجمه أكبر من حجم الفل الأبيض المتعارف عليه في المنطقة، وينظم في عقد طويل تتراص حباته جنباً إلى جنب في اتساق جميل يلفه الرجال في المناطق الجبلية خصوصاً حول رؤوسهم كمظهر من مظاهر الزينة. وللفل أنواع كثيرة، منها الفل العريشي الأبيض ذو الحبات الطويلة شديد البياض والعبق، خصوصاً بعد أن تتفتح حباته في الليل، والفل البلدي الذي يتباين في حجمه ولونه ورائحته فهما يميلان إلى الاصفرار، وكذا الفل الجازاني الذي يزرع في مزارع المنطقة ويتمتع بنسبة عالية من عبق الرائحة وأريجها. والفل في جازان هو المدعو الوحيد في مختلف المناسبات الذي لا يحتاج إلى دعوة للحضور، بل هو الضيف الأول والأساس في مناسبات الأفراح والأعياد واستقبال الضيوف والاحتفاء بالمواليد وفي مختلف المناسبات، وهو من الهدايا ذات القيمة العالية التي تقدم لضيوف جازان وأبناء المنطقة. وتختلف طرق نظم الفل قبل اقتنائه، فهناك عقود الفل المنظومة في عقد طويل حبة تلو حبة في ما يسمى بالكبش، وهو عقد أسطواني الشكل يختلف طوله وحجمه تبعاً لطلب الزبون. ويتفنن الباعة في نظم الفل وبطرق متعددة من العقود، من أهمها طريقة عقد"الرصاص"الذي أخذ اسمه من تراص الحبات جنباً إلى جنب بطريقة العمودية، ومن ثم توثق بالخيوط لتصبح كالحزام في نهاية الأمر، وكذلك نظم الفعوات والمسابح والمصر وغيرها من الطرق. ويمكن الاحتفاظ بالفل بعد قطفه بين اليوم والليلة واليومين، وفي حال تصديره إلى مناطق أخرى في المملكة يجب حفظه بطريقة معينة بين قوالب الثلج حتى لا يذبل ويموت. وتختلف أسعار الفل في فصلي الصيف والشتاء، ففي الأخير يزداد سعر الفل لندرته بسبب البرد، بينما تزيد كميات المنتج من الفل في الصيف، ما يتسبب في رخص أسعاره، ففي فصل الشتاء يباع الكوب"المغراف"من الفل بعشرة ريالات، بينما في الصيف تباع ثلاثة أكواب بعشرة ريالات، ويصل سعر عقد الفل المبروم في فصل الصيف من 250 إلى 500 ريال. وإن كانت أدوات الزينة والتجميل الصناعية تلقى رواجاً فإن الفل لا يزال حتى اليوم هو المحبوب الفريد والوحيد بين النباتات العطرية في جازان، حيث تتوزع محال بيع الفل في أسواق المنطقة الأسبوعية الشعبية بمختلف محافظات ومراكز المنطقة، لتلبية متطلبات أبناء جازان من الفل الجازاني ذي الرائحة الفواحة الذي يكمل جمال ورونق العروس.