يُعد الفل من النباتات العطرية التي عرفت وتشتهر بزراعتها منطقة جازان، حتى ارتبط كل منهم باسم الآخر، فنقول «فل جازان» و»جازان الفل»، وغدت عقود الفل على رؤوس الفتيات موروثا شعبيا تحرص نساء جازان على التزين به في المناسبات كالأعراس والمواليد واستقبال الضيوف. ويعتني المزارعون في منطقة جازان بهذه النبتة حيث يبدأ المزارع في زراعة «ردائم الفل» في فصل الربيع لانخفاض درجات الحرارة، والقيام بعملية الري، وبناء بيت من ألواح الخشب المربعة وذلك للسماح لها بالنمو والتسلق وهي تكبر، ليتمكن المزارعون من رؤية حبات الفل من جوانب الرديمة كافة. وليس المزارعون فقط في جازان من يزرعون ردائم الفل بل إن السيدات في جازان منذ عشرات السنين يحرصن على زراعة أشجار الفل في مداخل المنازل وحدائقه بما يزيد من جمال المنزل ويسهم في بث رائحة الفل العطرية بأجواء المنزل وداخل أسواره. وتتعدد أنواع الفل وأشكاله ومسمياته فالفل العزان ذو الحبات الكبيرة ينمو في المناطق الجبلية بمنطقة جازان ويسمى فل (العزان) وهو أصفر اللون حجمه أكبر من حجم الفل الأبيض المتعارف عليه في المنطقة وينظم في عقد طويل تتراص حباته جنبا إلى جنب في اتساق جميل يلفه الرجال في المناطق الجبلية خاصة حول رؤوسهم كمظهر من مظاهر الزينة. وللفل أنواع كثيرة منها الفل العريشي الأبيض ذو الحبات الطويلة شديدة البياض والعبق خاصة بعد أن تتفتح حباته في الليل، والفل البلدي الذي يتباين في حجمه ولونه ورائحته فهما يميلان إلى الاصفرار، وكذا الفل الجازاني الذي يزرع في مزارع المنطقة ويتمتع بنسبة عالية من عبق الرائحة وأريجها. والفل في جازان هو الحاضر الدائم في مختلف المناسبات وهو الضيف الأول والأساس في مناسبات الأفراح والأعياد واستقبال الضيوف والاحتفاء بالمواليد وفي مختلف المناسبات، وهو أيضاً من الهدايا ذات القيمة العالية التي تقدم لضيوف جازان وأبناء المنطقة. وتختلف طرق نظم الفل قبل اقتنائه فهناك عقود الفل المنظومة في عقد طويل حبة تلو حبة فيما يسمى «بالكبش» وهو عقد اسطواني الشكل يختلف طوله وحجمه تبعا لطلب الزبون، فيما يتفنن الباعة في نظم الفل بطرق متعددة من العقود من أهمها طريقة عقد «الرصاص» والذي أخذ اسمه من تراص الحبات جنبا إلى جنب بطريقة عمودية ومن ثم توثق بالخيوط لتصبح كالحزام في نهاية الأمر، وكذلك نظم الفعوات والمسابح والمصرّ وغيرها من الطرق. ويمكن الاحتفاظ بالفل بعد قطفه بين اليوم والليلة إلى اليومين وفي حالة تصديره لمناطق أخرى في المملكة يجب حفظه بطريقة معينة بين قوالب الثلج حتى لا يذبل ويموت. فيما تختلف أسعار الفل بين فصلي الصيف والشتاء ففي الأخير يزداد سعر الفل لندرته بسبب البرد، بينما تزيد كميات المنتج من الفل في الصيف ما يسبب في استقرار أسعار الفل. وإن كانت أدوات الزينة والتجميل الصناعية تلقى رواجاً فإن الفل لا يزال حتى اليوم هو المحبوب الفريد والوحيد بين النباتات العطرية بجازان والمتفوق على أرقى أنواع العطور حيث تتوزع محلات بيع الفل بأسواق المنطقة الأسبوعية الشعبية بمختلف محافظات ومراكز المنطقة، لتلبية متطلبات أبناء جازان من الفل الجازاني ذي الرائحة الفواحة الذي يكمل جمال ورونق العروس. ويستثمر «مهرجان الفل الأول» الذي تنتظره منطقة جازان هذا الأسبوع، إمكانات المنطقة في زراعة الفل، لتقديم مهرجان مميز يعزز حكايات الفرح التي يُقدمها الفل، ويحافظ عليه كموروث شعبي واجتماعي، ويدعو للحفاظ على زراعته والتوسع فيها، إلى جانب التأكيد على أهمية الفل كمنتجٍ اقتصادي له مردوده وأهميته، فضلًا عن العمل على فتح مجالات أوسع وأكثر تطورًا لتسويق الفل. جازان تشتهر بالفل.. وتتعدد أنواع الفل وأشكاله ومسمياته Your browser does not support the video tag.