كشف مصدر مصري رفيع ل «الحياة»، أن الجلسة الأخيرة في المفاوضات غير المباشرة التي أسفرت عن اتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإنجاز صفقة تبادل الأسرى، استغرقت يوم عمل متواصلاً بلا انقطاع، وان جولة المفاوضات الاخيرة بدأت في آب الماضي من المربع صفر. وأوضح المصدر: «في اليوم الأخير الذي سبق التوصل الى اتفاق، استغرقت جلسة المفاوضات 24 ساعة كاملة من التاسعة صباحاً من الإثنين الماضي إلى التاسعة من صباح الثلثاء»، لافتاً إلى أن المفاوضات غير المباشرة التي بدأت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في آب (أغسطس) الماضي، بدأت من نقطة الصفر. وأضاف: «بدأنا من مربع الصفر، وأجرينا محادثات مكثّفة، وتعمدنا أن تكون المفاوضات سرية بعيدة من أعين الإعلام لضمان استمرارها وعدم إفشالها». وقال: «وضعنا أسماء جديدة، وحاربنا من أجل انتزاع موافقة الجانب الإسرائيلي على كل اسم»، مشيراً إلى أن «جميع الأسرى الذين سيطلق سراحهم عبر هذه الصفقة من أصحاب المحكوميات العالية جداً ومن الذين اعتقلوا قبيل عام 2000». وعن أسباب عدم إطلاق كل من القيادي في حركة «فتح» مروان البرغوثي والأمين العام ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أحمد سعدات، أجاب: «إسرائيل وضعت فيتو على أسماء محددة، من بينها سعدات، وكانت متعنتة ومتشددة جداً. أما بالنسبة الى البرغوثي، فلقد حاربنا حتى آخر لحظة من أجل إدراج اسمه في قوائم الأسرى الذين سيفرج عنهم، لكن الإسرائيليين تشددوا ورفضوا، معتبرين أن إطلاقه في حاجة الى قرار سياسي يجب أن يتخذه المجلس الوزاري المصغر». وقال المصدر: «إن قوائم أسماء الأسرى التي قدمناها الى الإسرائيليين فيها أسرى من حركة فتح أكثر من أسرى حركة حماس». وعزا إنجاز الصفقة إلى وجود مصلحة وإرادة حقيقية وجادة لدى الطرفين بحسم هذا الملف وإنهائه، واصفاً موقف «حماس» بالثابت، وقال: «إنهم (حماس) أصحاب حق، وبالتالي صعب أن نضغط عليهم، لكن الإسرائيليين كانوا متشددين للغاية، وكانوا يعتبرون أن مطالب حماس مبالغ بها كثيراً (...) لذلك المفاوضات كانت صعبة وشاقة، وكأننا كنا نخوض معركة، لأنه حتى آخر لحظة كانت هناك أسباب كثيرة يمكن أن تفشل هذا الاتفاق الذي توصلنا له». في الوقت نفسه، أكد المصدر ان الصليب الاحمر سيكون له دور في تنفيذ الصفقة. كما اكد ان اسرائيل لن تستهدف الاسرى الذين سيفرج عنهم إلا في حال عودتهم الى ممارسة اي نشاط ضد اسرائيل. وقال إن حصار غزة يتوقع ان يخفف بعد تنفيذ الصفقة، ويعتمد ذلك على سلوك الفلسطينيين، مضيفاً ان الانفراج مع مسألة المعابر يعتمد على «حماس» وموافقتها على عودة المراقبين الدوليين وممثلين عن الرئاسة الفلسطينية في المعابر، لكن «حماس» تضع عقبات. ونفى المصدر ما تردد عن لقاء مباشر جمع أياً من أعضاء الفريق الفلسطيني المفاوض بالوفد الإسرائيلي، وقال: «كل فريق مفاوض كان موجوداً في مبنى منفصل تماماً، نافياً حدوث لقاءات، وأضاف: «لم يروا بعض ولو من بعد». وعما إذا كان الجانب الإسرائيلي تجاوب وأنجز الصفقة نظراً لأن شاليت عسكري، واطلاقه يعتبر دعماً للمؤسسة العسكرية، أجاب: «ليس صحيحاً، لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يرى أن الجندي من الطبيعي أن تتعرض حياته للخطر»، مشيراً إلى أن شقيق نتانياهو كان عسكرياً وقتل في معركة. ورأى المصدر أن التغيرات الإقليمية في المنطقة والثورات العربية ألقت بلا شك بظلالها على إسرائيل التي لا تريد أن تبدو وكأنها معزولة، سواء في المنطقة أو في المجتمع الدولي، خصوصاً في ضوء توقف العملية السلمية وتجميد المفاوضات مع الفلسطينيين، معتبراً أن إنجاز الصفقة بادرة قامت بها إسرائيل لتحسين صورتها في المنطقة وأمام المجتمع الدولي. وكشف المصدر أن القاهرة ستشهد اليوم جلسة محادثات غير مباشرة بين الفريقين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية مصرية لوضع آلية تنفيذ الصفقة واللمسات الأخيرة لها، مشيراً إلى أن توقيت إبرام الصفقة ومكانها سيبحث في جلسة اليوم، نافياً ما تردد عن ان التسليم سيتم في رفح. وقال: «سيتم إبرام الصفقة، وسيعقبها احتفالات تقام بهذه المناسبة في كل من الضفة وغزة ولدى الإسرائيليين أيضاً، لأن الأوضاع الداخلية في مصر ليست مناسبة لإقامة أي احتفالات. وعلى صعيد المرحلة الثانية من الصفقة، والتي ستتضمن الإفراج عن 550 أسيراً بعد شهرين من تسلم إسرائيل لشاليت، قال: «اتفقنا على قواعد محددة وهي ضرورة أن يكون هؤلاء الأسرى أمنيين وليسوا جنائيين، وأن يكونوا من شتى أنحاء الأراضي الفلسطينية، مع مراعاة أصحاب الظروف الصحية الحرجة، وكذلك الذين اعتقلوا قبيل عام 2000»، لافتاً إلى أن إسرائيل هي التي ستحدد أسماءهم. في غضون ذلك، غادر وفد «حماس» القاهرة أمس برئاسة رئيس المكتب السياسي خالد مشعل بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام التقى خلالها رئيس الاستخبارات اللواء مراد موافي لتوجيه الشكر للدور المصري على الجهود والمساعي التي بذلت من أجل إنجاز الصفقة. وكان الوفد التقى أيضاً المرشد العام ل «الإخوان المسلمين» محمد بديع. ورجح المصدر المصري ان يعقد اجتماع بين مشعل والرئيس محمود عباس في القاهرة الاربعاء المقبل، مشيراً الى ان عباس سيكون في القاهرة الاسبوع المقبل بالتزامن مع وصول مشعل من اجل ابرام صفقة الاسرى، معتبراً ان عقد مثل هذا الاجتماع سيشكل دفعة للمصالحة الوطنية.