بات من غير المستغرب في بعض شوارع المدن السعودية، ولاسيما في جدة عروس البحر الأحمر أن ترى طفلاً يحمل كرتوناً من"العلك"و"مناشف"، وينتظر الإشارة الحمراء حتى تبدأ رحلة التسول والبحث عن لقمة العيش والحياة بالبيع لقائدي المركبات في غضون دقيقة أو دقيقتين، أو أن تجد طفلاً على كرسي يسألهم المساعدة لسد جوعه وعجزه. راجع ص5 ولكن خلف هذا المشهد تقف عصابات تستغل الأطفال في عملية وصفتها الجمعية السعودية لرعاية الطفولة بأنها من"المتاجرة بالبشر"، وتجبرهم على العمل ساعات طويلة تحت أشعة الشمس، أو في الليالي المظلمة بحيث يصبحون عرضة للاختطاف ممن لا يرحمون البراءة. وفي ظل عدم وجود رقم يكشف عن أعداد الأطفال المنتشرين في الشوارع السعودية، يبقى الواقع مجهولاً أمام الاختصاصيين والتربويين الذين يخشون أن تتحول هذه الطرقات، بمرور الزمن، إلى بؤر للإجرام. وعزا مدير مركز إيواء الأطفال المتسولين في جمعية البر بجدة رامي الغامدي ل"الحياة"كثرة الأطفال المتسولين في شوارع مدينة جدة إلى أعداد الوافدين للحج والعمرة، مبيناً أن غالبيتهم من الجنسية اليمنية، لقرب اليمن من السعودية. وأوضح الغامدي أن مركز الإيواء يقدم الرعاية اللازمة للأطفال المتسولين إلى حين تسليمهم إلى ذويهم أو الجهات المختصة لترحيلهم إلى بلدانهم، مبيناً أن عدد الأطفال الذين تلقوا الخدمة في مركز الإيواء منذ إنشائه بلغ 9185 طفلاً. من جهتها، كشفت إدارة شرطة جدة عن أن عدد الأطفال المتسولين المقبوض عليهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بلغ 1676 طفلاً. وأوضح وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي الدكتور زياد ميمش ل"الحياة"أن وزارة الصحة ليست لديها آلية منظمة للوصول إلى الأطفال المتسولين في الشوارع لتقديم الخدمات اللازمة لهم، مؤكداً أنهم لا يشكّلون ضرراً على صحة المجتمع، إذ ليست هناك أمراض أو أوبئة منتشرة في المجتمع. فيما اتفق خبير التنظيم وتطوير المنظمات في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عبدالله الخالدي مع نائب رئيس منظمة العدالة الدولية في فرنسا المحامي خالد أبوراشد - خلال حديثهما إلى"الحياة"- على ضرورة توفير التعليم والرعاية اللازمة، مستدلين بأن كل من يقطن الأراضي السعودية له حق في التعليم والصحة.