«علك ومناشف»، و«ورد ومناديل»، و«خضراوات وفواكه»، و«ألعاب أطفال»، هذه ما تحملها الأيادي الناعمة في الطرقات وعند الإشارات المرورية، ليجنوا منها «دراهم معدودة»، تسد جوعهم وتستر عوراتهم، ألفوا الشوارع وألفتهم، حتى لقبوا ب «أطفال الشوارع»، التي باتت مصدر رزق ودعم لهم، في ظل تغيب جهات الاختصاص عن احتضانهم ودعمهم بما يعفهم عن البيع والتسول. ورغم الآراء المتعددة في تعريف مصطلح «أطفال الشوارع»، إلا أن المختلفين حول التعريف يتفقون في نتائج وخطورة عيش الطفل في الشارع سواء كان عاملاً أم متسولاً أو حتى قاطناً، وتقدر منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) عدد أطفال الشوارع بأكثر من 150 مليون طفل في مختلف أرجاء العالم، إذ انتشرت في الآونة الأخيرة في الجزء الغربي من السعودية وتحديداً في أقطارها الثلاثة الكبرى غرباً ( مكةالمكرمة، جدة، المدينةالمنورة) كثرة أعداد الأطفال البائعين أو المتسولين عند الإشارات المرورية والمحال التجارية. ويوجد أطفال الشوارع في عدد من أحياء مدينة جدة عند الإشارات والمحال التجارية، فمنهم من يمتهن التسول بطريقة ناعمة إذ يبيع المناشف، اللبان، والمياه الصحية، أو يعمل ماسحاً ومنظفاً لزجاج السيارات الأمامية، أو يختصر الطرق بالتسول مباشرة، فيما تشير الظروف المحيطة بهؤلاء الأطفال إلى حرمانهم من التعليم والصحة الوقائية. وعزا مدير مركز إيواء الأطفال المتسولين في جمعية البر الخيرية بمحافظة جدة رامي الغامدي في حديثه إلى «الحياة» كثرة أطفال الشوارع التي وصفها ب «المخيفة» إلى كثرة أعداد الوافدين إلى الجانب الغربي للسعودية بغرض العمرة والحج، مشيراً إلى أن مركز إيواء الأطفال المتسولين يحتضن 32 طفلاً متسولاً، تم إيجادهم عبر الحملات التفتيشية للجهات الأمنية ذات العلاقة. من جهتها، كشفت إدارة شرطة جدة عن عدد الأطفال المتسولين الذين تم القبض عليهم في جدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، والبالغ عددهم 1676 طفلاً، فيما أوضح مدير مكتب مكافحة التسول في جدة سعد الشهراني ل «الحياة» أن جميع الأطفال المتسولين المقبوض عليهم من جنسيات مختلفة، وأنه ليس من بينهم طفل سعودي الجنسية. بدوره، أكد وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي الدكتور زياد ميمش ل «الحياة» أن وزارة الصحة ليست لديها آلية منظمة للوصول إلى الأطفال المتسولين في الشوارع لتقديم الخدمات اللازمة لهم. ويرى خبير التنظيم وتطوير المنظمات في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عبدالله الخالدي خلال حديثه إلى «الحياة» أن ظاهرة أطفال الشوارع تنتج في المدينة غير المنظمة والمزدحمة، إذ تفرز شوارعها الضيقة مجموعة من المشكلات التي تصعب متابعتها ومراقبتها.