على حافة القلب المتعب رفرف طائر الحلم بجناحيه. لم يكن نائماً تماماً، كان بين النوم واليقظة، أو هكذا أحس حين انتبه من نومه، ورأى تفاصيل حلمه واضحة كأنه يراها أمامه: أخذت تفك ضفيرتها المعقوصة على هيئة كعكة دائمة أفقدته حبه القديم للكعك، وتفرد شعرها الأسود الطويل وتستبدل روبها الفضفاض بثوب طالما أحبه وتمنى أن ترتديه، وبدأت تغمس مشطها في صحن صغير أمامها خلطت فيه مجموعة أطياب قديمة وحديثة له رائحة لم يشمها في حياته العطشى قط. كان بين النوم واليقظة يفتح عينيه ليراها، وهي تفعل ما تفعل ثم يعود فيغمضها حتى لا تراه فتفر من قبضة الحلم، ثم رآها تقترب حتى وقفت على رأسه نفضت شعرها على وجهه فتطاير العطر، وغمرته رائحة ندية، فتح عينيه فرآها تبتسم وتدور حوله راقصة تحرك رأسها يميناً وشمالاً، وشعرها كشلال أسود لا يستقر في مكان يسافر خلفها تارة، ويلتف حول رقبتها من جهة اليمين تارة، ومن جهة اليسار تارة أخرى، وفي كل المرات كان ينثر عبقه ورذاذه على وجهه وجسده حتى استيقظ تماماً. وقف إلى جوارها يتأملها بدأت أقدامه تهتز وجسده يتمايل على صوت طبل يدق في داخله، حاول أن يحتويها بين ذراعيه ففرت كمهرة جامحة، ظلت تدور حوله وهو يدور حولها، يرقصان بعفوية بالغة، ويضحكان بصوت عالٍ، وفي كل مرة يحاول أن يحتويها بين ذراعيه تتملص بخفة، وفي المحاولة الأخيرة ضربته بشعرها الأسود الطويل الندي على عينيه ضربة خفيفة، تمنى لو كانت أخف لكي لا يستيقظ من نومه. * كاتب سعودي. - قصة من مجموعة بعنوان"أضغاث أحلام"وتعرض في جناح"نادي الرياض الأدبي.