أطلّت الممثلة مي صايغ في مسلسل «ذكرى» على شاشة «أل بي سي» بدور إمرأة تتعاطى المخدرات، فلفتت الأنظار إليها منذ المشهد الأول الذي ظهرت فيه. تقول صايغ أنّها مذ قرأت مشاهدها عندما عُرِض عليها الدور شعرت بأن هذه الشخصية تناديها! «لم ألعب في السابق دوراً مماثلاً، فهذه الشخصية تقدّم مواقف كوميدية وتراجيدية وتعيش لحظات حب وضياع ومأساة، وتنتهي بتقديم درس موجع للمشاهدين بفضل قربها من الواقع». هل تمتّعت بمشاهدة نفسها كما فعل عدد من المشاهدين؟ تضحك قبل أن تجيب قائلةً: «في الواقع أنتقد نفسي بقسوة، ولكن عند مشاهدة هذا الدور بالتحديد نسيت أنني أنا مَن تؤدّيه فكنت أضحك وأتفاعل مع الشخصية وأقول: ما أطرف هذه المرأة!» مي صايغ قالت لنفسها هذه المرّة: «برافو» بخاصّة أنّها كثيراً ما تفاجأت بحركات أو عبارات كانت نسيت أنها أضافتها خلال التصوير! هذا الأداء تربطه مي أيضاً بالمخرج إيلي حبيب الذي تنوّه بدوره الأساسي في دفع الممثل إلى تقديم أفضل ما عنده من خلال التواصل معه في شكلٍ إيجابي من أجل مصلحة العمل. قريباً تطل صايغ في مسلسل «بلا ذاكرة» من كتابة شكري أنيس فاخوري وإخراج فؤاد سليمان، وكان من المفترض أن تبدأ تصوير مسلسل مع المخرج نبيل لبّس وآخر مع المخرج إيلي حبيب وآخر مع المنتج مروان حداد، لكن ظروفاً معينة حالت دون ذلك. وتسارع إلى التوضيح: «ليس لدي أية مشكلة مع أي أحد، وكل ما يمكنني قوله هو إنني أثق أنّ رُبّ ضارّة نافعة، لذلك لا أندم على أي قرار». صايغ التي كانت إطلالاتها في الأعمال الدرامية خفّت في الفترة الماضية، هل تشعر بأنّها كانت تُستَبعَد لسبب أو لآخر أم أنها لم تجد طيلة الفترة الماضية دوراً يقنعها؟ «في الواقع قررت الإبتعاد قليلاً كي أرسم لنفسي مسار المرحلة المقبلة في أدواري التمثيلية». وتفصح أنّ الكثير من الأدوار التي عُرِضت عليها في تلك الفترة لم تستفزّها في شكلٍ كافٍ كي تؤدّيها لكنّها كانت تقبل بعضها لأنه كان «يجب» عليها ذلك، «وأعتقد أنّك فهمت ماذا أعني»! لا نحب تغيير عاداتنا وضع الدراما في لبنان الذي لا ينفكّ يتقدّم خطوة ثم يتراجع خطوة في المقابل تشبهه مي بالوضع العام في البلد، «نحن في لبنان لا نحب تغيير عاداتنا، فطيلة أعوام اعتدنا أن تتحسّن الأمور ثمّ تتدهور إلى أن تتحسّن من جديد»، تقول بنبرة فيها بعض السخرية والكثير من الحرقة. وتشرح أنّ لدينا مواهب كثيرة من أصغر كومبارس إلى أعظم ممثل، ومن أصغر مساعِدٍ في التصوير إلى أهم مخرج، ومن أصغر منتج إلى أكبر منتج، لكنّ المشكلة، على حد تعبيرها، أنّ بعضهم يتصرّفون مثل رجال السياسة عندنا فيستولون على «الأخضر واليابس» ثم يؤكّدون أنّ لا علاقة لهم بأي موضوع! وتلفت صايغ إلى ضرورة الاستفادة من الفرصة التي فُتِحت أمام الدراما اللبنانية نتيجة الحوادث الأخيرة في العالم العربي، «يجب أن يتقدّم المنتجون بثقة وبجرأة ليقولوا بعزم: نحن هنا»! مي صايغ التي تملك الكثير من الأفكار الجديدة لمسلسلات، لا تملك الموهبة للكتابة، لكن أفكارها لم تضع سدى لأنّه تم تبنّي بعضها وبدأ توسيعها في سيناريو يُكتَب بناءً على رؤيتها، ويتم حالياً البحث عن منتج لهذا السيناريو. بالحديث عن الحبكات وأفكار السيناريوات ترى مي أنّ معظم مسلسلاتنا اللبنانية لا تدخل في عمق المجتمع، «فالأتراك والسوريون والمصريون ليسوا أفضل منّا، لكنّنا لا نجيد الاستفادة من كل قدراتنا ومواهبنا». وتوضح أنّ المشكلة الأبرز هي عدم تمكّن الدراما من الكلام على المواضيع المحرمة في شكلٍ مقنع، والأسوأ، وفق رأيها، هو أنّ الدراما لا تفتّش إلا عن شخصيات أساسية لا تتعدّى أعمارها الثلاثين! «هل تقف الحياة في عمر الثلاثين؟ ماذا عن الأم والأب والجدّ والعمّة والخالة...؟ ألا يمكن أن يكون لهم دور فعّال في المجتمع وبالتالي في الدراما التي تعكس صورة المجتمع؟» وتعدد لنا مي أكثر من عشرة مواضيع لم يسبق لأحد معالجتها في الدراما اللبنانية وتختم قائلة: «عندي بعد مواضيع كثيرة يمكن الكلام عليها، لذلك لا أفهم لماذا تُحصر معظم مسلسلاتنا حول فكرة: أحبّها وأحبّته، خانها وخانته! هل بات الأمر موضة رائجة؟». أحب لبنان جداً نسأل صايغ إن شعرت يوماً بالندم لأنّها دخلت عالم الفن بدل التوجّه إلى مجال آخر فتجيب بسرعة: «الفن يمكن أن يكون عند بعضهم مرادفاً لكلمة: إدمان». وتفصح أنّ هذه الحالة تنطبق عليها بشكلٍ كبير، ليس حبّاً بالشهرة وبالأضواء، بل لأنّها لم تعد تحب القيام بأي عمل أو قول أي كلمة إلاّ من منطلق كونها ممثلة. وحين نربط بين واقع الممثل وبين الوضع الإقتصادي في لبنان يتبدّل وجه مي وتظهر عليه ملامح الحزن حين تقول: «أحب لبنان جداً، ولكثرة ما أحبّه أتمنّى كل يوم أن يتحسّن ويتقدّم كي يصبح الإنسان فيه أكثر احتراماً وأكثر أماناً وأكثر راحة، وأحزن جداً حين تنتابني الرغبة في البحث بعيداً من وطني عن بلدٍ يحترم شعبه ويقدّره ويؤّمن له حاجاته ويبعده عن الإحساس بالذل وبالإهانة».