واصل المهتمون في البيئة، أمس، حملاتهم لحماية ما تبقى من"غابات المنغروف"على سواحل المنطقة الشرقية، التي تتعرض لعمليات ردم، لإنشاء مخططات سكنية عليها. واختاروا أمس، غابة المنغروف الواقعة بين بلدتي سنابس والزور في جزيرة تاروت محافظة القطيف. غير أن النشطاء المنتمين إلى 10 جمعيات بيئية، لم يحضروا بمفردهم، إذ سجل ملاك المخططات والأراضي، في تلك الغابات، حضوراً في حملة أمس، وإن كان حضورهم لإبداء تحفظ على الحملات. وناقش عدد من ملاك الأراضي الواقعة بين سنابس والزور، وضعهم"القانوني"، مع مؤسسي حملة تنظيف استهدفت بقعة، لا تتعدى مساحتها كيلومتراً من غابة المنغروف القرم. واعتبر هؤلاء الملاك أن"تسليط الضوء الإعلامي، والعمل الميداني للنشطاء في هذه المنطقة، ساهم في حرمانهم من حقهم، في تملك أراضيهم". وهو الأمر الذي لقي اعتراضاً واحتجاجاً من الحضور، الذين ذكروا في خضم حديثهم معهم، أنه"لولا هذا التحرك باتجاه حل أزمة غابات المنغروف، سواءً في هذه المنطقة، أو غيرها، لبقيت أزمة هذه المخططات قائمة من دون حل". وأوضح النشطاء البيئيون، الذي فاق عددهم 150 شخصاً، من الجنسين، أن"حل قضية ملاك الأراضي، يكمن في تطبيق القرارات السامية، التي تُلزم الجهات المعنية بالمحافظة على ما تبقى من غابات المنغروف، وعدم المساس فيها، والبحث عن حلول لملاك الأراضي، عبر تعويضهم بأراض أخرى خارج تلك المناطق". وطالب الناشط عبدالله آل جميع، أن يتم التوجيه بضرورة"منع طرح هذه المخططات المليئة بالإشكالات للبيع، في مكاتب العقار"، لافتاً في حديثه إلى"الحياة"، أن"الأراضي المعروضة للبيع في هذه المناطق رخيصة، مقارنة مع غيرها. ما شجع من يتبعون الوهم، على المسارعة في شراء الأراضي، على أمل ردم المنطقة مستقبلاً، والسماح لهم بالبناء فيها". بدوره، لفت نائب رئيس جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية جعفر الصفواني، انتباه المسؤولين إلى أهمية المحافظة على هذه الغابات"، منوهاً إلى أن الهدف الأساسي من هذه الحملات،"ليس تنظيف هذه الغابات"لأن عملاً كهذا يحتاج إلى معدات وأدوات خاصة. لكن توجيه رسائل مختلفة إلى المسؤولين، بأهمية المحافظة على ما تبقى من هذه الغابات، وتحويلها إلى محمية طبيعية، إضافة إلى نشر رسائل توعوية بأهمية المحافظة عليها، ونشر الوعي البيئي بين الأهالي، بضرورة المحافظة على البيئة". واستطاعت حملة التنظيف، انتشال ما قدرت كميته بشاحنتين من المخلفات البيئية المختلفة، في بقعة لا تتعدى مساحتها الكيلومتر الواحد. وشهدت الحملة مشاركة كل من مجموعة"سيف"، وجمعية الخليج الأخضر، وجمعية الصيادين، إضافة إلى مجموعة من المتطوعين المنفردين. وشهدت الغابة حضور عدد من المثقفين والمهتمين في الشأن العام، إضافة إلى المصورين الفوتوغرافيين، الذين حرصوا على توثيق هذه الحملة. كما قامت مجموعة أخرى بإجراء مقابلات مرئية مع بعض الحاضرين، بقصد إصدار فيلم وثائقي قصير، يروج للحملة، ويوضح ما حققته من نجاح. فيما لوحظ مشاركة عدد من الأطفال، الذين حرصوا على التأكيد بأن"البحر وغاباته يمثل جزءاً من حياتهم". يُذكر أن هذه الحملة لم تكن الأولى من نوعها، لتنظيف غابات المنغروف، إذ شهد مخطط الجامعيين الواقع بالقرب من مخطط التركية في جزيرة تاروت، حملة مشابهة الشهر الماضي. فيما بدأت فعلياً، مجموعة من اللجان والنشطاء في الترتيب لاعتماد حملة شهرية، تستهدف تنظيف غابات المنغروف، المنتشرة في عدد من محافظات الساحل الشرقي. تجربة"الاستزراع"من دون حماية"فاشلة" أكد نائب رئيس جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية جعفر الصفواني، وجود"تضامن"بين المؤسسات الأهلية والجهات الحكومية، وبخاصة بلدية محافظة القطيف، لحماية غابات المنغروف. ولكنه تمنى"صدور قرار واضح من اللجنة الخماسية، لتحويل هذه الغابات إلى محمية طبيعية. وأن يكون هناك اهتمام شعبي في الاستزراع". وجدد الصفواني، المطالبات النخبوية بضرورة"الإسراع في إصدار قرار بحماية ما تبقى من هذه الأشجار، وتعويض ملاك الأراضي المتضررين، حتى لا ندخل في إشكالات وجدال حول هذا الموضوع". وأضاف أن"لو أن اللجنة الخماسية أصدرت قراراً بتحويل الغابات إلى محمية، كما هو متفق عليه منذ 31 عاماً، بعد أن صدرت قرارات مماثلة، التي تنص على أن تكون هذه الغابات مثل ما هي عليه، من دون المساس فيها، وأن تكون هناك مناطق خضراء، لما أصبح وضع هذه الغابات مهدداً بالزوال". وقال نائب رئيس جمعية الصيادين في الشرقية:"إنه في حال صدور موافقة فعلية على هذا القرار، فسنتمكن في البدء في استزراع أشجار المنغروف، لأن نسبة نجاح الاستزراع في غير هذه المواقع غير مضمون، بدليل التجربة السابقة التي تمت قبل نحو 20 عاماً، بين سلوى على الحدود القطرية، إلى حدود دولة الكويت، والتي لم تنجح. لكنها ستكون ناجحة بكل تأكيد في المناطق التي يتواجد فيها هذا النوع من الأشجار، أو المناطق المصاحبة لها". وطالب الصفواني، بأن يكون"الاستزراع بطريقة مشابهة للتجربة العمانية. وهي الاستزراع في الأحواض، والمحافظة عليها لسنوات، حتى تثبت في الأرض، لضمان استمرارها"، لافتاً إلى أن"كثيراً مما يستزرع حالياً يضيع، بسبب عدم إحاطته بحماية طبيعية. ويتعرض إلى الجرف من المياه، أو الأوساخ، أو حتى الحشائش البحرية، التي تساهم في إزالته. ولكن لو تم استزراعها بطريقة الأحواض، مع تأمين حواجز لها، فأعتقد أنها ستكون طريقة فعالة جداً".