تعرّض منزل القاضي الشيخ عيسى الغيث، خلال شهر واحد فقط، إلى أربع محاولات فاشلة لاختطاف أفراد أسرة الشيخ من عصابة مكونة من عناصر سعودية! وبحسب الخبر الوارد في صحيفة"الحياة"في التاسع من الشهر الجاري، فإن العصابة كانت دائماً ما تضطر إلى الفرار في كل مرة تقترب فيها سيارات النجدة من الموقع. وينقل الخبر المنشور عن الشيخ الغيث أن عائلته تمكنت من التعرف على وجوه عدد من أفراد العصابة، وتم تبليغ الجهات الأمنية بذلك. وأضاف الشيخ معلقاً على الأداء الرسمي بالقول:"التعاطي مع البلاغات بادئ الأمر كان مخيباً للآمال، بسبب الإهمال في سرعة الاستجابة، وتأمين الأسرة في مثل هذه الحال". ذكرني وصف الشيخ لأداء الجهات الأمنية المُحبط بما جرى لي قبل أكثر من ثلاثة أعوام مضت. ففي إحدى الليالي المشؤومة، وفيما كنت أنا وزوجتي خارج المسكن، اقتحم لص الشقة، وسرق بعض المقتنيات الثمينة، وترك المكان غارقاً في فوضى عارمة. ولما اكتشفنا السرقة اتصلت بالنجدة، فجاء أحد رجال الأمن، ومسح الموقع بعينيه، ثم انصرف سريعاً. وبعد دقائق جاءت سيارة نجدة أخرى، وقال لي صاحبها:"الحق بي إلى قسم الشرطة لاستكمال الإجراءات". تلعثمت وترددت وتخوفت، ولكني ذهبت مرغماً خلفه، ويا ليتني لم أذهب. بعد ثلاث ساعات من الانتظار جاء دوري، فأفرغت ما في جعبتي من أقوال. أخبرتهم بالتفاصيل كافة، وأشرت بأصابع الاتهام إلى من تحوم حولهم شكوكي وظنوني. تخيلت أن الضابط سيبعث حالاً في طلبهم للتحقيق معهم لوجاهة القرائن، ولكني فوجئت به يقول:"أين الدليل؟ أعطني دليلاً قطعياً!". قلت متعجباً:"بالطبع أنا لا أملك الدليل، ولكني أملك بعض القرائن لعلها تقربكم من السارق، ثم لو كان الدليل في يدي، لاسترجعت ما سرق بطريقتي من دون الرجوع إليكم، ولما كلفت نفسي الحضور إلى هنا". قال:"طيب، سوف نأتي بمن تشتبه به وسنسأله إن كان هو من سرق، فإن أنكر التهمة، فربما يطالبك برد اعتباره، وعندها قد تجد نفسك محبوساً وراء القضبان!"، شعرت حينها وكأن حريقاً يسري في دمي. قلت وأنا أتميز غضباً:"لمَ لا تقولون لي إنكم لا تريدون أن ترهقوا أنفسكم بصنع شيء؟!". نظر إليّ بعينين باردتين:"تلك يا أخي هي الإجراءات"، ثم نظر في دفتره، وقرأ عليّ سؤاله الأخير"هل لديك أقوال أخرى؟". أجبت متحسراً:"نعم لديّ.. أنا أشعر بحزن شديد على الوقت الذي أضعته هباءَ هنا". وفيما كنت أغادر المكان، قال لي:"لا تغلق جوالك، سيتصل بك أحد الأشخاص من أجل رفع البصمات". وقبل أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود، وصل الرجل لرفع البصمات. وفيما كان منهمكاً في أداء عمله، قلت متبسماً:"أخشى أن تكون البصمات الظاهرة على الأشياء تخصني فتقبضوا عليّ بدلاً من اللص". فأجابني، وهو يقلّب الأشياء بيديه باهتمام ومن دون أن ينظر إليّ:"لا. إنها بصمات اللص. أنا متأكد"! تساءلت بيني وبين نفسي:"كيف له أن يفرق بين بصمات أصحاب الدار وبصمة اللص؟! لا بد من أن لديه الخبرة التي تجعله قادراً على تمييز بصمات المجرمين". وبعد أن انتهى من مهمته واستوى واقفاً، قلت له:"بأي شيء ستطابق تلك البصمات؟". فأجابني:"عندما يهم اللص بمغادرة البلاد، ستؤخذ بصماته. وفي هذه الحالة سيكتشف التطابق بينها وبين التي رفعتها في هذه الغرفة". الآن، وإلى لحظة كتابة هذه المقالة، لا يبدو أن اللص غادر البلاد بعد. من المؤكد أنه سيقع في قبضة العدالة، وستعود المسروقات إلى أصحابها، وسيرمى به خلف القضبان جزاءً له وردعاً لأمثاله. يقول المصريون في أفلامهم ومسلسلاتهم"يا بخت من بات مظلوم وما باتش ظالم". أما أنا فأقول لكم:"يا بخت من بات سارق وما باتش مسروق"! [email protected]