«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلاغات السرقة..«الحرامي أشطر»!
«تمرير المعلومات» يأخذ وقتاً طويلاً بين «العمليات» و«الدوريات»
نشر في الرياض يوم 13 - 09 - 2011

.. تعود الأسرة إلى منزلها.. وقبل أن تدلف أقدامهم إلى الداخل، تكون المفاجأة أن باب البيت ليس مغلقاً.. نظرة عن قرب لقفل ذلك الباب تشير بجلاء إلى آثار السطو على المنزل.. لحظة يعتريها الخوف، والتوجس، والنظرات الحذرة يميناً وشمالاً.. ترى هل يختبئ اللص في الداخل منزوياً في إحدى غرف المنزل؟، أم هرب إلى السطح؟، أم أنه قد غادر المكان؟.. تدفع الدهشة والصدمة رب المنزل للدخول بحثاً عن اللص، الأغراض مبعثرة، الأقفال مكسورة، والأشياء الثمينة قد ذهبت في جيب اللص الذي غادر المكان مبكراً فيما يبدو، يصعد أفراد الأسرة إلى غرفهم.. خطى مرتبكة، نظرات خائفة ترقب الأبواب، تفتش الأماكن بحذر وقلق شديدين، كلما سقط إناء، أو حركت الرياح أطراف الستائر، كلما وجلت قلوب النساء والأطفال، وزاغت أبصارهم نحو الباب الرئيس تهيئاً لهروب محتمل عند ظهور اللص..
لحظات وقد جردت الأسرة المفقودات من ما خف وزنه وغلا ثمنه، عندها يصبح الرقم (999) مقصداً للعائلة المتضررة من سرقة طالت ممتلكاتهم التي أودعوها بيتهم المثقل بالأقفال، وقع الحادث النفسي على الأسرة يدفع بهم إلى الاعتقاد أنهم تعرض لنوع من أعمال الحد الأدنى على أقل تقدير من أعمال الإرهاب النفسي، وبالتالي يتوقعون أن تهرع سيارات النجدة إلى المكان، ويأتي رجال بحقائب سوداء مليئة بأدوات الفحص الجنائي بحثاً عن أثر لأصابع اللص علها تقود إليه، هذا ما يتخيله الناس، لكن ماذا يحدث بالفعل لمن تعرض لموقف كهذا عندما يطلب النجدة؟.
«روح للقسم»!
عندما تحدث السرقة، سواء كانت عملية سطو على منزل أو متجر أو سرقة سيارة، فإن ذلك بات من الحوادث الروتينية لدى الجهات الأمنية، بالرغم من إيمانها بقسوة الحادث على نفسية المجني عليه، لكن آلية العمل في تلقي البلاغات لم تدرج أعمال السرقة من ضمن مهام الدوريات الأمنية (النجدة) ما لم يكن اللص موجوداً بالمكان، إذ تقضي الأنظمة المعمول بها حالياً على كل من تتعرض ممتلكاته للسرقة أن يذهب إلى أقرب قسم شرطة في الحي الذي يقطنه وأن يقدم بلاغاً (معروض) لمدير قسم الشرطة الذي يحيل المعاملة إلى القسم الجنائي الذي يطلب الأدلة الجنائي وبدورها تحضر إلى موقع الجريمة وترفع الأدلة من هناك.
هنا ينتهي دور المجني عليه وتنتهي إجراءات المطالبة بحقه، فعليه أن ينتظر إلى أن يقبض على السارق - إن قبض عليه، حيث سيتلقى اتصالاً للاقتصاص من ذلك السارق المجهول، وتتباين ردة الفعل بالنسبة للمبلغين من المتعرضين للسرقة وأعمال السطو، فأغلبيتهم يرون أن ما أصابهم من فزع وهلع يستدعي تحركاً أكثر جدية يوحي للسارق والمسروق أن السرقة عملية جنائية تخل بالأمن العام، وتترتب عليها مخاطر وخسائر مادية فادحة، وتترك أثاراً نفسية مهولة على من تعرض لها، بينما يذعن البعض الآخر للواقع، ويتقبلون الحدث بواقعية كبيرة ويذهبون إلى أقسام الشرط ليبثوا حزنهم وشكواهم ضمن عملية بيروقراطية تقليدية لا تتواءم ووقع الحدث.
نحتاج إلى «استراتيجية وعي» ونشر كاميرات مراقبة وتحديث آلية التبليغ ومشاركة المواطن في البحث
حالة إحباط وشبح لصوص!
لا يمكن أن تمر عملية سطو على منزل أسرة مرور الكرام على الأقل بالنسبة للأطفال والنساء.. فشبح اللص سيبقى يتوارى هنا وهناك في أركان المنزل، وإحكام إقفال الأبواب سيكون أكثر من ذي قبل خشية تكرار الحادث المؤلم، لكن المواطن الذي تعرض للسرقة وقوبل استنجاده لحظة الحادث بردة فعل تقليدية، ربما يحجم عن الذهاب لقسم الشرطة للتبليغ عن حادثة السرقة تلك، وحتى وإن ذهب وبلغ، فإن مرور سنوات على عدم القبض على السارق سيفقده الحماس للتبليغ عن حادثة سرقة أخرى، ومن شأن حالة تدخل المتعرض للسرقة في متاهات نفسية خطيرة، أهمها المبالغة في الاحتياطات الأمنية قد تصل إلى حالة من الوسواس القهري، وكذلك فقدان الثقة في قدرة الجهات الأمنية على حمايته، وربما الشك في كل شخص قد يراه قريبا من منزله أو متجره، ومراقبته خشية التعرض لحادثة أخرى.
التأثير النفسي
ويجيب «د. سعد بن عبدالله المشوح» - أستاذ الصحة النفسية المشارك في قسم علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - على تأثير السطو وسرقة الممتلكات على نفسيات أفراد الأسرة؟، وقال: كثير من الأشخاص يصابون بما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة، خاصة إذا ما تعرضوا لحالات سرقة شديدة فقدوا من خلالها ممتلكات ثمينة، وغالباً ما يصحب مثل هذه الحالات عنف شديد وتعرض الضحية للإيذاء الجسدي أو النفسي أو يكون الضحية قد شاهد الحدث بعينه، مشيراً إلى حدوث أزمة نفسية قد تستمر لفترات زمنية طويلة، وتستدعى بعض أساليب العلاج النفسي.
وأضاف أن هناك محوراً اجتماعياً في السرقة يتمثل في أنه حين تتعرض الأسرة للسرقة فإنها تصاب بحالة من الذعر الاجتماعي المشترك، ويكون هناك مساندة سلبية لأفراد الأسرة بعضهم ببعض، كما تكون لدى الأسرة هواجس أما بترك المكان أو هجره أو الانتقال إلى مكان آخر أو أحيانا بيعه بسعر منخفض لشعور أفراد الأسرة انه لا يجب البقاء فيه، مؤكداً أنه في هذه الحالة تأخذ العادات الاجتماعية والثقافية جانبا كبيراً ويحدث لدى الأسرة صدمة في قبول الواقعة أساساً.
لص جوالات في قبضة رجال الأمن
ردة فعل باردة
وأشار «د. المشوح» إلى ضرورة مراعاة رجال الأمن المكلفين بتلقي البلاغات عن حالات السرقة للحالة النفسية للمبلغين، مؤكداً أن بعضا لا يلقون للأمر أهمية بنفس الأهمية التي يكون عليها المبلغ، معللاً ذلك بأن الأمر أصبح مألوفاً بحكم أعداد القضايا التي تمر عليهم، ويكون التعامل معها بشكل يومي، بينما تكون الأسرة التي تعرضت للسرقة سواء المنزل أو الجوال أو الحقيبة يشعرون بحالة من النوبة الهيستيرية، التي قد تؤدي إلى سوء التصرف مع الآخرين أثناء الموقف ذاته.
وقال: «إن العاملين في مجال تلقى البلاغات بحاجة إلى تنمية مهارات تلقى البلاغ، ومحاولة التعامل مع نفسية المتصل أو صاحب البلاغ باهتمام، وكذلك التعامل مع القضية من وجهة نظر أمنية ووجهة نظر إنسانية كذلك.. فهذا الرجل أو تلك المرأة قد سرق منه منزله أو محفظته أو جواله أو سيارته أو جهاز الكمبيوتر الخاص به، ويشعر بأنه فقد جزءا من جسده، فيجب أن تراعى نفسية الضحية ومحاولة إظهار الاهتمام بالأمر»، مشيراً إلى أن الدراسات في مجال الجريمة أظهرت أن الأشخاص الذين يتلقون عدم الاهتمام من جراء بلاغاتهم يتخاذلون مستقبلاً في الإبلاغ عن المفقودات أو المسروقات التي قد تحدث لهم فيما بعد.
لص كسر الخزنة ونثر الأوراق بحثاً عن الذهب والمال
إعادة تأهيل
وأضاف أن كثيراً ممن تعرضوا لصدمة السرقة يحتاجون إلى إعادة تأهيل نفسي واجتماعي وثقافي وإعلامي، حيث قد يتعرض الضحية لحالة من الخوف وعدم الاستقرار؛ نتيجة لانشغال تفكيره الدائم لحدوث حالة السرقة مرة أخرى لمنزلة، وخوفه على أسرته، وبالتالي ينقل هذه الخبرة إلى الأبناء والزوجة وتصبح الأسرة تعيش حالة من التوجس والحذر وعدم الاستقرار في حالة السفر أو ترك المنزل، كما تحتاج الأسرة والمواطن إلى إشعارهم أن من يقومون بالسرقة سوق يلقون حسابهم، وسوف يتخذ ضدهم الإجراءات العقابية الصارمة كأن يتم التشهير بهم وإشعار صاحب القضية بأنه تمت معاقبتهم وإحالتهم للقضاء والسجن لتطبيق العقاب الصارم بحقهم.
وأشار إلى أن جريمة السرقة قد يتعرض لها أي إنسان مهما اختلفت الطبقة الاجتماعية أو المكانة المهنية التي يحظى بها، داعياً المؤسسات الأمنية والأجهزة الرقابية أن تعمل على استراتيجية وطنية بمشاركة مجتمعية للحد من السرقات، وطريقة الإبلاغ عن مرتكبي السرقات، ونشر كاميرات المراقبة بالأسواق والأماكن العامة، ونشر ثقافة الحس الأمني بين المواطنين وطريقة التعامل مع تلك الأحداث.
د.الزبن: «بيروقراطية البلاغات» محل انتقاد
أركان السرقة
ويرى «د. إبراهيم بن محمد الزبن» أستاذ علم اجتماع الجريمة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن جرائم السرقة تتحقق بتوفر أركانها المادية والمعنوية وفقاً للشروط التي من أهمها: ملكية المال للغير، وتوفر شرط الأخذ خفية من مكان تتوفر فيه الشروط المتعلقة بمكان السرقة «الحرز»؛ كجرائم سرقة المنازل والمحلات التجارية، وكذلك الاختلاس في جرائم سرقة السيارات التي تتم بفتح السيارة التي ليست مملوكة لمن اعتدى عليها وإدارة محركها في غياب صاحبها؛ باعتبار أن ذلك اعتداءً على مال مملوك للغير من دون رضاه.
وقال: «تعد هذه الأنواع من جرائم السرقة الأكثر شيوعاً في المجتمع السعودي، والأكثر تأثيراً على أفراده؛ لما يترتب عليها من أذى وضرر على الأفراد وممتلكاتهم، وبالتالي على أمن المجتمع ككل، ولذا فبقدر ما تتفاعل الأجهزة الأمنية كالدوريات والشرطة مع هذه الجرائم وتضبطها، بقدر ما يرتفع معدل الثقة والرضا من المواطنين والمقيمين عن هذه الأجهزة».
وأضاف أن المواطن يعتقد أن ممتلكاته الخاصة يجب أن تُحمى من السرقة، سواء أكانت هذه الممتلكات المنزل وما يحتويه من أموال وأشياء ثمينة، أو سيارة أنفق على شرائها مبالغ كبيرة من دخله الخاص ليمتلكها، أو استثماراته الخاصة سواء أكانت محلات تجارية أم منشئات تجارية أم زراعية بذل مجهوداً كبيراً بدنياً ومالياً لاستثمارها والإفادة من إنتاجها وأرباحها، ولذا فإن الناس لا تقبل أي تقصير من الجهات المسؤولة في حماية هذه الممتلكات من السرقة مهما كانت مبررات ذلك؛ وهذا حق من حقوقها كفله النظام، ومن أهم سبل الحماية القبض على المجرمين الذين يرتكبون هذه الجرائم ومعاقبتهم على سلوكهم الإنحرافي بما يتناسب مع حجم جرائمهم والأضرار التي ترتبت عليها.
د.المشوح: «نفسية المبلغين» محبطة دون اهتمام
الإجراءات الأمنية
وأشار «د. الزبن» إلى أن من أهم الملاحظات التي تؤخذ على الإجراءات التي تتبعها الأجهزة المختصة في مواجهة جرائم السرقات، وهو عدم سرعة التعاطي مع بلاغات المواطنين الذين يتعرضون للسرقة، إضافة إلى بطء الإجراءات الأمنية وعدم تفاعلها - أي تلك الإجراءات - مع الواقعة الإجرامية بشكل ملائم يسهم في سرعة رصدها والقبض على مرتكبيها.
وقال: «إن التأخير البيروقراطي لتمرير البلاغات هو محل انتقاد بعض المواطنين، وهو ما يجعلهم لا يبلغون أحياناً عن تلك المسروقات رغم خسارتهم لأموالهم وممتلكاتهم، ومن الناحية الجنائية قد يؤدي التأخر في معاينة مكان الجريمة إلى اختفاء أو ضياع الأدلة التي يمكن أن تسهم في القبض على المجرمين، ومن جهةً أخرى تهيئ الإجراءات البطيئة في رصد جرائم السرقات للمجرمين بيئة مشجعة لارتكاب جرائمهم طالما أنهم سيضمنون الهرب من مكان الجريمة واختفاء الأدلة التي قد تساعد في القبض عليهم، ما يسهم في تكرار المجرم لأفعاله الانحرافة وتعرض المجتمع وأفراده لمزيد من المشكلات الأمنية والمجتمعية والاقتصادية».
روتين «الشرط» لم يتغيّر.. سجل اسمك وتلفونك ونتصل عليك
الجريمة والجاني والضحية
وقال المحامي «محمد بن ضميان العنزي» نائب رئيس لجنة المحامين بغرفة الرياض وعضو اللجنة الوطنية للمحامين، إن جرائم السرقة بأنواعها المختلفة كسرقة المنازل وسرقة السيارات والمحلات التجارية وسرقة المواشي - التي قد تحدث أحياناً معتمدة على أسلوب السطو بالإكراه والتهديد بالسلاح - تعد من أكثر الجرائم الموجهة ضد الأموال، مشيراً إلى أنها تمثل ظاهرة إجرامية تتكون في ثلاثة أضلاع (الجريمة، الجاني، الضحية) على اعتبار أن المتعرض للسرقة هو الضحية في هذه الظاهرة، وله العديد من الحقوق التي من أهمها معاقبة الجاني بالعقوبة الشرعية المتعلقة بإقامة حد السرقة إذا توافرت شروطها.
الموقف القانوني
وأضاف «العنزي» أنه في حال تعرض شخص ما للسرقة والاعتداء على ممتلكاته أي كان نوعها؛ فإن أول إجراء يجب أن يتخذه هو أن يبادر فوراً بإبلاغ الجهات الأمنية المختصة، سواء كان مركز الشرطة الذي يقع في المكان الذي تعرض للسرقة، أو الدوريات الأمنية مع المحافظة على محل الجريمة من العبث تسهيلاً للعثور على آثار الجريمة التي تركها الجاني، التي تفيد التحقيق من بصمات أو أثار أقدام أو بقع دم أو غيرها من الأدلة المادية الأخرى، والتي هي من اختصاص رجال الأدلة الجنائية الذين يرفعون تلك الآثار، ووضع رسم تخطيطي وأخذ صور لمكان الحادث.
الأدلة الجنائية
وأشار إلى أن رجال الأدلة الجنائية لهم دور كبير في كشف مرتكبي الجريمة بالتعاون مع أجهزة البحث والتحري وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى، مؤكداً أن مسؤولية جهاز الشرطة في حفظ الأمن في المجتمع وفقاً للأنظمة الصادرة من - ولاة الأمر - والمستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية، التي تؤدي دورها ومهامها في سبيل استتاب الأمن، ومنع كل ما يهدد أمن الوطن واستقراره، وتطبيق النظام فهي تمارس المهام الوقائية قبل وقوع الجريمة بإزالة أسبابها، وإذا وقعت الجريمة تمارس دورها في مجال الضبط والتحري والتفتيش والتحقيق في بعض الحالات، وذلك من أجل الكشف عن مرتكب الجريمة وتقديمه للعدالة والمساهمة في تنفيذ العقوبة بعد صدور الحكم، موضحاً أنه قد نص على ذلك في نظام الإجراءات الجزائية السعودي في المادة (24)، حيث نصت على أن (رجال الضبط الجنائي هم الأشخاص الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام).
حقوق المبلغ عن السرقة
وحول حقوق المبلغ عن السرقة على الجهات الأمنية، أوضح المحامي «العنزي» أن الأنظمة الصادرة بحقوق الضحايا - التي وقع عليهم الجريمة - حددت الآلية القانونية للتعامل مع المبلغ الشاكي؛ فنص في المادة (27) من نظام الإجراءات الجزائية على ما يلي: (على رجال الضبط الجنائي كل حسب اختصاصه أن يقبلوا البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم في جميع الجرائم، وأن يقوموا بفحصها وجمع المعلومات المتعلقة بها في محضر موقع عليه منهم، وتسجيل ملخصها وتاريخها في سجل يعد لذلك، مع إبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام بذلك فوراً. ويجب أن ينتقل رجل الضبط الجنائي بنفسه إلى محل الحادث للمحافظة عليه، وضبط كل ما يتعلق بالجريمة، والمحافظة على أدلتها، والقيام بالإجراءات التي يقتضيها الحال، وعليه أن يثبت جميع هذه الإجراءات في المحضر الخاص بذلك، كما نصت المادة (28) من نظام الإجراءات الجزائية على: (لرجال الضبط الجنائي في أثناء جمع المعلومات أن يستمعوا إلى أقوال من لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها، وأن يسألوا من نسب إليه ارتكابها، ويثبتوا ذلك في محاضرهم، ولهم أن يستعينوا بأهل الخبرة من أطباء وغيرهم ويطلبوا رأيهم كتابة، وحفاظاً على الحق الخاص لمن تعرض للجريمة بصفة عامة نصت المادة (29) من نظام الإجراءات الجزائية على ما يلي: (تعد الشكوى المقدمة ممن أصابه ضرر بسبب الجريمة مطالبة بحقه الخاص، إلاّ إذا قرر صراحة أمام المحقق نزوله عن حقه. وعلى المحقق إثبات ذلك في المحضر والإشهاد عليه، مع تصديق المحكمة المختصة على نزوله عن الحق في حد القذف والقصاص).
حقوق المبلغ عند التحقيق
وحول حقوق المتعرض للسرقة لدى جهات التحقيق، قال المحامي «العنزي» إنه لأهمية حقوق الضحية من وقوع الجريمة، التي يترتب عليها حق خاص؛ فقد اهتم نظام الإجراءات الجزائية بصاحب الحق الخاص، الذي لحقه الضرر من الجريمة أمام جهات التحقيق فنص في المادة (68) من النظام على انه: لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعي بحقه الخاص في أثناء التحقيق في الدعوى، ويفصل المحقق في مدى قبول هذا الإدعاء خلال ثلاثة أيام من تاريخ تقديم هذا الإدعاء له، ولمن رُفِضَ طلبه أن يعترض على هذا القرار لدى رئيس الدائرة التي يتبعها المحقق خلال أسبوع من تاريخ إبلاغه بالقرار، ويكون قرار رئيس الدائرة نهائياً في مرحلة التحقيق.
جريمة و«تفحيط» وتشليح!
على الرغم من أن سرقة السيارات هي أقل وطئاً على نفسية المسروق من عملية السطو على المنزل، حيث الأطفال والنساء والذعر والتوتر، إلاّ أن سرقة السيارات مردودها الاقتصادي الوخيم على أصحاب تلك السيارات.
وقد شهدت سرقة السيارات في المملكة نمواً مضطرداً في السنوات الأخيرة؛ مما حدا بالأجهزة الأمنية إلى إعطاء التبليغ عنها أولوية قصوى، فغرف العمليات تستقبل بلاغات سرقة السيارات هاتفياً عن طريق غرفة العمليات (999)، ثم تمرر البلاغ بمواصفات السيارة للدوريات الأمنية علّها تعثر عليها، فيما يطالب المبُلغ بعد ذلك بالذهاب إلى قسم الشرطة لتوثيق بلاغه واستلام رقم التعميم.
ويأتي تنامي أعداد السيارات المسروقة جراء تعدد أغراض سرقتها، فقد تسرق السيارة لتنفيذ جريمة، وقد تسرق للتفحيط عليها، وقد تسرق لتفكك وتباع قطع (تشليح).
وشهد العام 2002م قفزة كبيرة في سرقة السيارات، حيث سُرقت في أنحاء المملكة أكثر من 2000 سيارة، بنسبة نمو بلغت 35%، وعلى الرغم من الفزع الذي أثاره هذا الرقم الكبير لعدد السيارات المسروقة في ذلك العام، إلاّ أنه أصبح هيناً أمام رقم جديد أعلن عنه في العام 2009م، حيث ضبطت الدوريات الأمنية في مدينة الرياض وحدها وخلال شهر واحد 1017 سيارة مسروقة، فيما لم يضبط من السارقين لتلك السيارات سوى 44 سارقاً فقط، فقد نجا 973 سارقاً بجلودهم بعدما عاثوا فساداً بتلك السيارات المسروقة، ولم يعرف بعد نشاط سرقة السيارات في العامين لأخيرين؛ إذ لم تصدر بعد تقارير أمنية يمكن ملاحظتها في هذا الشأن.
العنزي: إعرف حقوقك ولا تتنازل عنها...
سقوط أخطر عصابة !
قد لا تكون العصابة الأخطر في تاريخ البلاد، فربما تحتوي ملفات الأجهزة الأمنية على عصابات أكثر خطورة منها، لكنها على الأقل تعد أحدث القضايا وأكبرها من حيث عدد أفرادها، والوقت الذي أمضته في تنفيذ سرقاتها، وعدد السرقات والمبالغ المرتبطة بتلك العصابة.
تلك القضية التي أشغلت الرأي العام والتي أعلنت عنها شرطة منطقة القصيم مؤخراً، والتي تشير بجلاء إلى معاناة المتعرضين للسرقة الذين نفذ بحقهم في هذه القضية (278) حادثة سطو وسرقة جمعوا من خلالها نحو ستة ملايين ريال، بقوا لأكثر من عامين يعيثون بممتلكات الناس فساداً، ولم تتمكن الجهات الأمنية خلالها من رد حقوق الناس المنهوبة.. اللافت في هذه القضية أن العصابة التي نفذت تلك السرقات الكبيرة هي من السعوديين، وتم اعترافهم بتنفيذ (54) حادثة سرقة، وأن أصحاب المسروقات لم يتقدموا إلى الشرطة.
اللافت في هذه القضية أن العصابة التي نفذت تلك السرقات الكبيرة لم يتقدم المسروقون فيها ببلاغ عنها إلى الشرطة؛ مما يثير مزيداً من الأسئلة حول عزوف بعض المواطنين عن التبليغ عن السرقات التي قد يتعرضون لها، وهل هذا العزوف مرده إلى فقدان الأمل في القبض على الجناة؟، وهل هو نتيجة تعرضهم في وقت سابق إلى سرقة مماثلة وأبلغوا السلطات الأمنية، ولم يقبض على الجناة، وبالتالي تراجع ثقتهم في أداء تلك الأجهزة.
أسئلة يثيرها عدد أولئك الذين لم يتقدموا ببلاغات حول السرقات التي تعرضوا لها.. وسؤال آخر يوجه لتلك الجهات الأمنية: هل سألت أولئك المواطنين عن سبب عزوفهم عن التبليغ؟.
رفع البصمات من مسرح الجريمة
مثلما يعمل الأشرار منذ فجر التاريخ على إعداد سيناريوهات الجرائم، وإجادة حبكتها بشكل يكفل عدم وجود ثغرات يمكن للعدالة أن تصل إليهم من خلالها، فإن الحس الإنساني الخيّر، وفطرة الإنسان السليمة دفعته كذلك إلى التفكير في تطوير آليات حماية الناس والممتلكات من أولئك الأشرار، من خلال حزمة من الابتكارات والطرق العلمية لتتبع خيوط الجريمة وكشف هوية منفذيها.
وفي العام 1858م كان "د. وليم هيرشكل" قد أعلن عن ابتكاره لطريقة رفع البصمات من مسرح الجريمة، وبالتالي قد توفر للمحققين الجنائيين وسيلة علمية للحصول على هوية علمية للمجرم لا تخص أحداً سواه..
وقد أثبتت تلك الواقعة العلمية أن بشرة الأصابع مغطاة بخيوط رفيعة ومتناهية في الدقة، منها ما هو على شكل أقواس أو دوامات مختلفة، وقد أخذ العالم يعتمد على رفع البصمات من مسرح الجريمة كأحد أهم القرائن التي من خلالها يمكن تحديد هوية المجرم.
ويتم البحث عن البصمات بطريقة علمية منظمة، ويقوم بها رجال التحقيق الجنائي، من خلال فحص مسرح الجريمة جيداً لملاحظة وجود أثر لأحد أو كل أصابع المجرم.. ويتم تتبع ذلك الأثر من خلال عدسات مكبرة تبرز للمحققين تفاصيل الأسطح التي قد يكون المجرم لامسها..
وتبدأ رحلة التتبع تلك بمناطق الدخول أو الخروج، والرفوف، والأدراج، والخزانات، ومقابض الأبواب، كما يجب أن يكون الفريق الفني في مسرح الجريمة مرتدياً قفازات تمنع اختلاط بصماتهم في مسرح الجريمة أثناء العمل مع آثار المشتبه به كي لا تتأثر البصمة المطلوبة، كذلك يجب أن يقوم خبير البصمات بعمله في مسرح الجريمة بالمشاهدة والملاحظة والتدقيق أولاً، ثم تبدأ مهمة المصور الذي يلتقط التفاصيل العامة والدقيقة للمكان، وبعد انتهاء المصور الجنائي من عمله مباشرة، ويمكن بعد ذلك لمس أي أثر.
ويتم الكشف عن تطابق بصمات الأصابع بوضعها فوق "ماسح إلكتروني" حسّاس للحرارة؛ فيقرأ التوقيع الحراري للإصبع، ثم يصنع الماسح نموذجا للبصمة ومضاهاتها بالبصمات المخزونة، وهناك ماسح آخر يصنع صورة للبصمة من خلال التقاط آلاف المجسات بتحسس الكهرباء المنبعثة من الأصابع.
اليوم يبدو أن رفع البصمات من مسرح الجريمة بالشكل التقليدي سيكون قريباً جزءاً من الماضي، وذلك في ظل التقدم التقني المهول، فقد أصبحت تكنولوجيا (الدنا) أحد الأدلة الرئيسة في علم الطب الشرعي الذي يعتمد علي لغة "مورثة" الجينات، وبات جزيء (DNA) كبنك معلومات جينية عن أسلافنا وأصولهم، حيث تقدم هذه المعلومات كمعطيات سهلة وميسرة وبسرعة كبيرة، وفي عام 1984 ظهر التقدم في فحص جزئي (DNA) في دماء الأشخاص والتعرف من خلاله عل الأفراد، وتعد بصمة (DNA) أداة قوية ودامغة للتعرف من خلالها علي هوية الأشخاص والمجرمين والمشتبه فيهم.
يبدو أن الليلة التي تسبق تنفيذ الجريمة في حياة أي لص لا تخلوا من لحظات التخطيط وتدبر خطة الاعتداء الآثم.. فاللصوص والمجرمون لا يقلون ذكاء وفطنة عن رجال التحقيق الجنائي، إلاّ أنه ليس هناك مجرم ينفذ جريمته بأريحية واسترخاء، وإنما يتم ذلك تحت لحظات من الخوف والهلع والترقب والتوجس؛ مما يجعل مقولة (ليس هناك جريمة كاملة) تكون دائماً واردة في تلك الظروف..
وبالرغم من الحيل الكثيرة التي يتبعها المجرمون في تنفيذ السرقات على وجه التحديد، إلاّ أن أغلبيتهم يقعون أخيراً رغم تلك الحيل المحكمة.. فلعل لبس القفاز وتغطية الوجه أحد أخطر وأقدم تلك الحيل، إلاّ أنهما بعد تقنية ال (DNA) فيما يبدو لم تعودا ذات جدوى.. فسقوط شعرة من شعر رأس المجرم، أو بقايا لبان كان في فمه، أو ربما نقطة دم بسيطة كفيلة بأن تكشف هويته وحسبه ونسبه وأصوله الأسرية والقبلية.
«احفظ حلالك وريّح بالك».. شرطة دبي «تسرق السيارات»!
أطلقت الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي حملة توعية جديدة للحد من جرائم سرقة البضائع من سيارات يتركها أصحابها من دون حماية كافية، بعد رصد تكرار هذه السرقات.
ونقلت جريدة "الإمارات اليوم" مؤخراً عن مدير الإدارة العميد "خليل إبراهيم المنصوري" قوله: إن الحملة التي تحمل عنوان "احفظ حلالك وريح بالك" تأتي ضمن الإجراءات الوقائية التي تحرص عليها شرطة دبي لمنع الجريمة قبل وقوعها. وتضمنت عمليات سرقة وهمية لأصحاب المتاجر لتنبيههم إلى أخطائهم، لافتاً إلى تسجيل 12 بلاغ سرقة من مركبات خلال العام الماضي، مقابل سبعة بلاغات منذ بداية العام الجاري حتى نهاية سبتمبر 2010م. وأشار إلى أن الحملة استهدفت أصحاب المتاجر والشركات وأصحاب مركبات نقل البضائع وسائقي المركبات الثقيلة والعاملين في جمارك دبي، لافتاً إلى إمكان تزويد تلك الشاحنات مستقبلاً بأجهزة إنذار، وربطها بالأقمار الاصطناعية لضمان مراقبتها وحمايتها من السرقات، فضلاً عن تكثيف الدوريات الأمنية في المناطق التي تشهد ارتفاع هذا النشاط. وتابع المنصوري قائلاً: "هناك تعاوناً مشتركاً بين كل من الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية وهيئة الطرق والمواصلات ودائرة التنمية الاقتصادية وبلدية دبي لتوعية الفئات المستهدفة، والحد من هذه السرقات التي تتم بسهولة كبيرة بسبب الإهمال، مناشداً أصحاب المتاجر ومالكي البضائع وناقليها، توخي الحذر والحفاظ على بضائعهم".
وحول الآلية التي اتبعتها الحملة، قال نائب مدير الإدارة للتحريات والمباحث الجنائية لشئون المراكز العقيد "محمد ناصر عبدالرزاق": "إن مديري المراكز التجارية والضباط يتحركون بأنفسهم لتوعية الفئات المستهدفة، والوقوف على آليات التنفيذ، للقضاء نهائياً على هذه البلاغات". إلى ذلك، قال مدير إدارة البحث الجنائي المقدم "أحمد حميد المري": "إن الإدارة نفذت عدداً من السيناريوهات لتوعية أصحاب المتاجر، منها إخفاء بعض البضائع وإيهام أصحابها بسرقتها لتنبيههم إلى ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر، وتوجيه إنذارات لهذه المحال ولأصحاب البضائع".
وأوضح المري أن فرق البحث الجنائي تصور البضائع المهملة بالتعاون مع بلدية دبي وهيئة الطرق والمواصلات لتسجيل الوقائع ومخالفتهم على سوء استخدام الأرصفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.