رداً على الخبر المنشور يوم الجمعة 30/9/2011 بعنوان: «اليمن: حرب كلامية بين علماء دين». قرأت معلومة خاطفة استوقفتني كثيراً، أتأمل من خلالها حال أمتنا المعاصر، التي بعض بلدانها تعيش حالاً من الثورات التصحيحية – إن صحت العبارة - أو ما تسمى بالربيع العربي، وإن كنت أرى أن الأجدر أن يطلق عليها «الخريف العربي»، وأطلقت هذه العبارة على الثورات من خلال مقالة لي بعنوان «عام سقوط الديكتاتورية» قد يسأل البعض لماذا اخترت هذه العبارة «الخريف العربي» بدلاً من «الربيع العربي»، والجواب بكل بساطة، أننا نرى رؤوس أنظمة دكتاتورية تتساقط كما أوراق الشجر في فصل الخريف، بالأمس، الأنظمة (التونسي والمصري والليبي) وهذه الأيام، النظامان (السوري واليمني)، اللذان يحتضران وعلى وشك السقوط، ما علينا، أعود بكم للمعلومة التي أشرت لها في صدر هذا المقالة، إذ عقد باليمن أخيراً مؤتمر جمعية علماء اليمن وقدمت فيه البحوث وأوراق العمل. جميعها بحوث علمية لا تنقصها الجرأة مدعومة - كما تقول المعلومة - بالرأي الشرعي في التعامل مع أخطر القضايا التي تواجه الأمة في هذا العصر، كلها - قال الشرع المطهر كلمته الفصل فيها- محاور المؤتمر تناولت «طاعة ولي الأمر، الواجبات والحقوق المتبادلة بين الراعي والرعية، وحكم الشريعة في الخروج على الحاكم، وحكم من رأى شيئاً من معصية الوالي لله، ومن رأى من أميره ما يكرهه، وكيفية النصح للحاكم...»، وتوصل الباحثون والمشاركون إلى نتائج يمكن إسقاطها تماماً على مجريات الأحداث في عالمنا اليوم مع الفارق! فحواها حرمة الخروج على الحاكم قولاً وفعلاً - بالتأكيد الحاكم الذي له بيعة شرعية - تجريم الاعتداء على الجند، تحريم الاعتصامات والتغرير بالشباب، دعوة الحاكم لإزالة المظالم، التعامل مع المتلاعبين بأسعار السلع...إلخ. كما توصل المشاركون إلى نتيجة مهمة مفادها أن القوة الوحيدة التي يسيطر بها النظام على الشعب هي «المرجعية الشرعية» ما عداها لا قيمة له عند الشعب، سواء أكانت دساتير أو أنظمة أو لجان شعبية، ديموقراطية، جمهورية، انتخابية، لا تحكم الشريعة، كل هذه يؤخذ منها ويرد، إلا ما كان على منهج الشريعة الربانية، التي تضمن للإنسان حياة كريمة، لمن يوقن أنها منهج رباني متكامل وشامل، بقي القول - وبحسب ظني - أن بحوث الإخوة في اليمن، جاءت متوافقة مع أراء علمائنا (المعتبرين) في المملكة، حيث معتقد أهل السنة والجماعة في مجمل هذه القضايا العقدية، وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه البحوث ونتائجها، بل إلى مثل هذه المؤتمرات المثمرة، لنقنع من اغتر بفتاوى خارجية، وما أكثر مؤتمراتنا حين نعدها، لكن لم نسمع قط بآثار نتائجها، ليس عيباً أن نستفيد من هكذا بضاعة وتجربة، بدلاً من استيراد أفكار ورؤى وأيديولوجيات أكل عليها الزمان وشرب وباتت بالية، لا تغني ولا تسمن من جوع، لن يرضى عنا أصحابها، حتى نحذو حذوهم ونتبع ملتهم، هذه - رؤيتي الاجتهادية والمتواضعة - لبحوث هذا المؤتمر ونتائجه. [email protected]