في غياهب السجون ولثلاثة أشهر أخرى، سيبقى المبتعث السعودي المتهم بمهاجمة طالبة يابانية في مدينة هاليفاكس الكندية، بعد أن حدد القاضي في جلسة أول من أمس، تاريخ 29 حزيران يونيو المقبل موعداً للنظر في القضية، معلناً أنه ربما يحتاج إلى يومين آخرين لحسمها مع تفريغ جدوله لهذه القضية. وإلى حين حلول الموعد الجديد للمحاكمة يكون المبتعث السعودي قضى أكثر من أربعة أشهر في السجن، ليتحول حلم الابتعاث والدراسة إلى كابوس يهدد مستقبله ويضع والديه في قلق وخوف دائمين، لا يبددهما سوى مبتعث سعودي لا يربطه به علاقة وثيقة نذر نفسه للقضية ومتابعتها، ليكون حلقة الوصل الوحيدة بين الأم المكلومة في الرياض وابنها المسجون في كندا. المبتعث فهد السعدون أول من عرف عن القضية وبادر إلى إبلاغ السفارة السعودية والملحقية الثقافية في أوتاوا، ووصل لأسرة المتهم وطمأنهم عليه هاتفياً، ولم يغب عن أية جلسة محاكمة للمتهم، كما عني بمتابعة تفاصيل القضية أولاً بأول سواء مع المحامية أو مع والدته. جلسة المحاكمة أول من أمس، لم تمر بسلام بالنسبة للطالب المتهم، إذ كان شارد الذهن ولم ينظر للقاضي أو المحامية المترافعة لحظة واحدة. وبدا عليه أنه يعيش صدمة كبيرة مع الغياب الكامل لأي تمثيل رسمي للجهات الديبلوماسية المسؤولة عنه. ولم تحضر الطالبة اليابانية أيا سايتو 42 عاماً الجلسة، في حين تشير معلومات إلى أنها غادرت إلى موطنها اليابان، غير عابئة بالقرار الصادر عن القاضي جيمي كامبل. وعلى عكس السعوديي ن في كندا - سواء مسؤولين أو طلاباً - الذين لم يأبهوا بقضية مواطنهم، تؤمن المحامية اليزابيث بيكل ببراءة موكلها، وتمسكت بطبيب مميز ومعروف في مدينة هيليفاكس لتولي إجراء الفحوصات الطبية النفسية للمتهم، وطلبت تأخير الفحص لحين عودته بعد أسبوع من سفره خارج المدينة. وتحاول بيكل أن تتيح للسعدون فرصة زيارة المتهم في السجن، على أمل أن يخفف عنه صدمة القضية ويسهم في تحسين حاله النفسية، ويدفعها في ذلك أيضاً حرص المبتعث السعدون على الوقوف إلى جانب السجين الذي لم يقابله في حياته سوى مرة واحدة عندما وصل للمدينة قبل الحادثة بنحو ثلاثة أسابيع من أجل مساعدته. وأبدى المبتعث السعودي فهد السعدون استياءه من انحياز الإعلام الكندي في تناول قضية زميله الذي تهجّم على طالبة يابانية، وأنه يستغرب اللغة التعميمية التي تكتب بها الصحافة الكندية عن القضية، وكأن الطلاب السعوديين جميعهم مذنبون، مؤكداً أن قضية المتهم فردية، وصدرت لأسباب مرضية يعاني منها الطالب نفسه. وقال السعدون:"حتى لو فرضنا أن الطالب كان مذنباً، لماذا التعميم وربط الحادثة بحوادث أخرى لا صلة لها بها؟"، مؤكداً ثقته بأن المتهم من أهل الخير وأن ما حدث لا يعدو خطأ يمكن تجاوزه، خصوصاً أنه صدر من إنسان يعاني من مرض نفسي ويحتاج إلى وقفة الجميع. وذكر أنه كان يتوقع من الإعلام الكندي الموضوعية، وأن يكون منصفاً لطرفي القضية، وألا يحمّل القضية أكثر مما تحتمل، كونها حادثة من شخص لديه تاريخ مرضي سابق، وليس مجرماً ارتكب جنحة مع سبق الإصرار والترصد، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، بحسب قوله. وأشار السعدون إلى أنه عرف بالصدفة عن الحادثة، وبعد تأكده من وقوعها اتصل برقم الطوارئ التابع للسفارة السعودية عشرات المرات من بعد الرابعة مساءً، ولكن لم يجد من يجيب عليه. وفي اليوم التالي أبلغ مشرفته الدراسية في الملحقية الثقافية بالحادثة، لتبلغ الملحقية السفارة التي بادرت بالاتصال به، ولكنه اكتشف أنهم لا يستطيعون الوصول إلى أسرة الطالب، ما اضطره للبحث بكل الطرق للوصول إلى أهل الطالب، وتمكّن بعد نحو يومين من الحصول على رقم هاتفهم ليتصل بهم ويطمئنهم على حال ابنهم، ومن ثم زوّد المسؤولين في السفارة بهاتف أسرة الطالب المسجون.تعرّف فهد السعدون على المتهم بعد تلقيه اتصالاً منه، عبر إعلان وضعه الأول في أحد المواقع الإلكترونية المهتمة بقضايا المبتعثين، يعرض فيه المساعدة المجانية على الطلاب المستجدين الواصلين إلى مدينة هاليفاكس. وقابله مرة واحدة عرف منها أن المتهم يبحث عن سكن مناسب، ولكن الوقت حينها لم يسعفه لمساعدته.