بين حين وآخر تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة في بلادنا بأنباء مفادها اكتشاف العشرات من الأطباء الذين يحملون شهادات مزورة لا تؤهلهم لممارسة هذه المهنة النبيلة، ثم ينتهي الامر في أحسن الاحوال بإلغاء عقودهم والاستغناء عنهم، وقد يكون البعض منهم أمضى السنين الطويلة في ممارسة التطبب في عباد الله"الغافلين"، والله وحده هو الذي يعلم مدى الأضرار والآثار التي لحقت أو ستلحق بأولئك المرضى الذين وقعوا في أيدٍ لا تعرف الصدق والأمانة، وإنما همها الوحيد هو الكسب المادي فقط. هنا يحق لكل مواطن أن يتساءل عن حقيقة أحكام التعاقد مع الأطباء، ودقة موادها، وعن مدى تأهيل القائمين على تنفيذ تلك العقود والشروط، والتحقق من استيفائها، فالأمر من الخطورة بحيث لا يقبل المحاباة أو التهاون، وهناك تساؤل آخر مهم هو: هل من الممكن توجيه الاتهام بالضرر العام إلى من أنيطت بهم هذه المسؤولية؟ فالوطن والمواطن لحق بهما الضرر نتيجة جلب هؤلاء ممن انتحلوا مهنة الطب. ثم مَنْ الجهة التي يمكن أن تقوم بالإدعاء على أولئك المقصرين؟ هل هم القضاة الشرعيون؟ أم المحتسبون من هيئة"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"؟ فمما لا شك فيه أن من وظائف القاضي والمحتسب الاحتساب في منع كل ما من شأنه الإضرار بالمسلمين أو الإفساد في الأرض. فقد يظن بعض الناس أن عمل المحتسب مقصور على مطاردة السفهاء في الأسواق، وهذا غير صحيح، فقد كان المحتسب من سلفنا يحتسب على الجزارين والحدادين ونحوهم من أصحاب الحرف والصناعات، وأحسب أن المتطببين أشد خطراً وضرراً وأولى بالاحتساب عليهم، فهل تستطيع جهات القضاء الشرعي، ورئاسة"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"القيام بهذا الواجب، أم تترك قضية الاحتساب لآحاد الناس من العامة؟ لكن هذا فيه مخالفة لهدي السلف، فالأمور العامة يتولى حارّها من تولى قارّها، إن بقاءنا من دون أطباء خير لنا من جلب أطباء قتلة أصحاب شهادات مزورة. عبدالله عبيد بن عباد الحافي أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد كلية الملك خالد العسكرية