ورد أن عائشة رضي الله عنها قالت للرسول صلى الله عليه وسلم:"أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها"؟ هل يعني هذا أن الشخص يعرف ليلة القدر بظهور علامات يعرفها بها؟ وهل ورد أن الصحابة كلهم شاهدوا ليلة القدر"لعظم مكانتهم وعبادتهم وشأنهم عند الله؟ وإذا لم يكن كذلك فمن باب أولى نحن لن نرى هذه الليلة. - الحديث المشار إليه هو عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال:"قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ومقصود عائشة - رضي الله عنها - والله أعلم أنها إذا تحرت ليلة القدر، فعرفتها عن طريق معرفة علاماتها، أو أنها رأتها في المنام ماذا تقول فيها. فقد حصل لبعض الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم أُرُوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر. فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تقول هذا الدعاء. ولا يلزم أن تكون عائشة - رضي الله عنها - عرفت ليلة القدر على سبيل القطع، فقد ورد عنها في نفس الحديث عند المروزي أنها سُئلت عن ليلة القدر فقالت:"لا أدري أي ليلة ليلة القدر، ولو علمت أي ليلة ليلة القدر ما سألت الله فيها إلا العافية". وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، لاسيما أوتار العشر، وآكدها ليلة سبع وعشرين، ففي حديث عائشة - رضي الله عنها:"تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ"، وقال صلى الله عليه وسلم:"تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ"، [أخرجه البخاري 2020، ومسلم 1169]، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما:"مَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ". والذي دلت عليه الأحاديث أنها تنتقل في ليالي العشر، ومن قام العشر الأواخر من رمضان، واجتهد فيها إيماناً واحتساباً فقد وفق لقيام ليلة القدر، ونال الثواب والأجر المرتب لمن قامها لا يلزم منه أن يكون علم بها. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض علامات ليلة القدر منها"أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها"، و"ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة". و"أنها صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد، ولا يحل لكوكب يرمى به فيها، ومن أماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ"ولابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود أيضاً"أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان، إلا صبيحة ليلة القدر". والله أعلم. الدكتور محمد بن عبدالله القناص عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر:"التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، ونظراً إلى اختلاف التقويم بين البلاد الإسلامية، فتختلف الليالي الوتر من بلد إلى آخر، فمثلاً لو حصل اختلاف بين مصر والسعودية في بداية الشهر، فتكون الليالي الوتر بمصر ليست وتراً في السعودية، فكيف يكون ذلك؟ وهل ليلة القدر هي واحدة فقط؟ - الذي يظهر لي ليلة القدر لا تتكرر، وإنما هي ليلة واحدة في السنة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"التمسوها في العشر الأواخر في الوتر"رواه البخاري 2016، ومسلم 1167 من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - فكل العشر محل لأن تقع فيها ليلة القدر من وتر وغيره، وهو لما قال:"في الوتر"، لم يلغ الالتماس في غير الوتر، كما أنه قال:"التمسوها ليلة سبع وعشرين"انظر ما رواه مسلم 762 من حديث أُبي بن كعب - رضي الله عنه - أو:"أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر"رواه البخاري 2015، ومسلم 1165 من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- وقال:"التمسوها في سبع يمضين، أو سبع يبقين"انظر ما رواه البخاري 2021، وهذا اللفظ عند أحمد 2539، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وهذا يختلف من الشهر كونه تسعاً وعشرين أو ثلاثين، وعلى هذا فهي ليلة واحدة، فإذا كانت - مثلاً - ليلة السبع وعشرين في السعودية فهي ليلة ثماني وعشرين في مصر، أو إذا كانت ليلة سبع وعشرين في مصر فهي ليلة ست وعشرين في السعودية، والإنسان مطلوب منه أن يجتهد في العشر كلها، وهي ليلة خفية لم يعلم ما هي بالتحديد، ولهذا كان - عليه الصلاة والسلام - يعتكف في العشر الأواخر"طلباً لثوابها وإدراكها، وهو على حال يكون فيها أحسن ما يكون من التقرب إلى الله تعالى وحسن المناجاة له. والله ولي التوفيق الدكتور سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى