لا تزال الأحكام الشرعية التي نطق بها القضاة في جلسات حكمهم في مناطق المملكة، محور رصد هذه الصفحة، إذ لا تزال المدونتان اللتان أصدرتهما وزارة العدل السعودية هذا العام والذي قبله، تحفلان بأحكام مهمة وظريفة، ومثيرة أحياناً، سواء في دعاوى الخصوم، أم حيثيات الحكم، أم تدخل أصحاب الكلمة الأخيرة من الهيئة القضائية: في مساء يوم... الموافق... اشتبه بعض أفراد مكافحة المخدرات بالمدعى عليه عند مشاهدته في أحد الأحياء، وبتفتيشه وجد في جيبه الأيمن علبة دخان عثر بداخلها على قطعة بنية اللون بلغ وزنها 0.8 ثمانية من العشرة من الغرام اشتبه في أنها حشيش مخدر، وسيجارة ملفوفة لفاً يدوياً بلغ وزنها 1.1 جراماً واحداً وعشر الغرام اشتبه في خلط تبغها بالحشيش المخدر، وثلاث حبات تحمل العلامة المميزة للكبتاغون المحظور، فتم القبض عليه، وقد أثبت التحليل الكيميائي إيجابية القطعة ومستخلص تبغ السيجارة لمادة الحشيش المخدر. كما أثبت احتواء الحبوب على مادة الإمفيتامين المحظورة، وبالتحقيق مع المدعى عليه توجه الاتهام له بحيازة قطعة الحشيش المخدر، والسيجارة التي خلط تبغها بالحشيش المخدر، والحبات الثلاث المحتوية على مادة الإمفيتامين المحظورة والمذكورة آنفاً لقصد الاستعمال الشخصي. كما توجه الاتهام له باستعمال الحشيش المخدر، والحبوب المحظورة، وعليه سابقتان كلتاهما حيازة واستعمال مخدرات، أطلب إثبات إدانة المدعى عليه شرعاً بما اتهم به، ومجازاته بما يستحق شرعاً لقاء الحيازة، والاستعمال، والسابقتين، ومنعه من السفر، وإتلاف ما حرز مما ضبط بحوزته وفقاً للفقرة الأولى من المادة الواحدة والأربعين، والفقرة الأولى من المادة ال 56، والفقرتين الأولى والثانية من المادة ال 52 من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، والحكم عليه بذلك هذه دعواي وأسأل المدعى عليه بالجواب. وأجاب بأن ما ذكره المدعي العام للمخدرات من القبض عليّ مساء يوم... الموافق... فصحيح، وما ذكره من أنه وجد عند تفتيشي في جيبي الأيمن علبة دخان عثر بداخلها على قطعة حشيش مخدر بلغ وزنها 0.8 ثمانية من العشرة من الغرام، وسيجارة ملفوفة يدوياً خلط تبغها بالحشيش المخدر بلغ وزنها 1.1 غراماً واحداً وعشر الغرام، وثلاث حبات محتوية على مادة الإمفيتامين المحظورة فصحيح، ولم أضع علبة الدخان في جيبي، ولا أعلم كيف وصلت إليه، ولا أعلم شيئاً عنها، وقطعة الحشيش والسيجارة والحبوب المذكورة ليست لي، ولا أعلم لمن تعود، ولا أعلم عنها شيئاً، وما ذكره المدعي العام بخصوص استعمالي للحشيش المخدر فغير صحيح، فلم أستعمل الحشيش المخدر، ولم يسبق لي استعماله. وما ذكره بخصوص استعمالي للحبوب المحظورة فصحيح، وما ذكره المدعي العام بخصوص سابقتي فصحيح، وهما كما ذكر، هذه إجابتي. فسألته: متى استعملت الحبوب المحظورة؟ فأجاب بقوله: لقد استعملتها بعد تنفيذ الحكم عليّ في القضية الأخيرة، وقد استعملتها مرات عدة. سألت المدعي العام: ألديك بينة على ما ذكرته من أن المدعى عليه حاز قطعة الحشيش، والسيجارة التي خلط تبغها به والحبوب المحظورة لقصد الاستعمال الشخصي، وما ذكرته من استعمال المدعي عليه للحشيش المخدر؟ - فأجاب بقوله: لدي إقراره المصدق شرعاً، والمدون على محضر التحقيق المرفق بالمعاملة، وأطلب الرجوع إليه. - وبالرجوع إلى المعاملة وجدت الإقرار المصدق شرعاً المشار إليه، وقد جاء فيه ما نصه:"وعثر بحوزتي على بكت دخان... بداخله سيجارة ملفوفة مخلوطة بالحشيش تزن 1.1 غرام واحد وواحد من العشرة من الغرام وقطعة بينة اللون من الحشيش تزن 0.8 ثمانية من العشرة من الغرام وثلاث حبات منبهة... وجميع ما ضبط بحوزتي عائد لي شخصياً وقصدي من حيازته الاستعمال... واستعمل الحشيش المخدر... منذ مدة طويلة". - وبعرض الإقرار على المدعى عليه أجاب بقوله: لقد أكرهت على المصادقة على هذا الإقرار. - فسألته من أكرهك، وكيف كان هذا الإكراه؟ فأجاب بقوله: أكرهني المحقق... وان الإكراه بالضرب والإهانة، فضلاً على أنه لا يتوافر لدى جهة التحقيق أكل ولا شرب. فسألته: ألديك بينة على ما ذكرته من ضرب المحقق، وإهانته لك؟ فأجاب بقوله: لا بينة لدي ب- وبدراسة المعاملة وجدت التقرير الكيمائي الشرعي رقم... المؤرخ في... المتضمن ايجابية القطعة البنية اللون، ومستخلص تبغ السيجارة المذكورتين في الدعوى لمادة الحشيش المخدر، واحتواء الحبوب المذكورة في الدعوى على مادة الإمفيتامين المحظورة، واستهلاك الجميع في التحليل. - كما وجدت تقرير بحث سوابق المدعى عليه المتضمن وجود سابقتين هما: 1- حيازة واستعمال مخدرات سجن شهرين، وشمله العفو. 2- حيازة واستعمال مخدرات 70 جلدة وسجن 27 يوماً، وشمله العفو. تقدم الحكم في هذه القضية تسبيب له اشتمل على ملخص للدعوى، والطلبات، والإجابة، والبينات، وتقرير الراجح عندي في عدد من المسائل التي يتوقف الحكم عليها، وفي ما يلي عرض لهذه المسائل، وغيرها: أثر الإكراه في الإقرار ذكر المدعي العام أن المدعى عليه مدان بحيازة قطعة حشيش مخدر، وسيجارة خلط تبغها به، وثلاث حبات محظورة لقصد الاستعمال. وذكر المدعى عليه أن ما ذكر عثر عليه في علبة دخان وجدت في جيبه، وأنه لم يضع العلبة في جيبه، ولا يعلم شيئاً عما بداخلها، كما ذكر المدعي العام أن المدعى عليه مدان باستعمال الحشيش المخدر، وأنكر المدعى عليه ذلك. وجاء إقرار المدعى عليه المصدق شرعاً متفقاً مع ما جاء في الإقرار بدعوى الإكراه. في الرجوع عن الإقرار ذكر المدعي العام ان المدعى عليه مدان بحيازة قطعة حشيش مخدر وسيجارة خلط تبغها به وثلاث حبات محتوية على مادة الإمفيتامين المحظورة لقصد الاستعمال، وذكر المدعى عليه ان ما ذكر عثر عليه في علبة دخان وجدت بجيبه، وانه لم يضع العلبة في جيبه ولا يعلم شيئاً عما بداخلها، كما ذكر المدعي العام ان المدعى عليه مدان باستعمال الحشيش المخدر وانكر المدعى عليه ذلك. وجاء إقرار المدعى عليه المصدق شرعاً متفقاً مع ما جاء في دعوى المدعي العام ودفع المدعى عليه ما جاء في الإقرار بدعوى الإكراه، ولم تثبت لدي هذه الدعوى، وما جاء في إجابة المدعى عليه من أنه لا يعلم شيئاً عما في داخل علبة الدخان، وإنكاره لاستعمال الحشيش المخدر يعد رجوعاً عما جاء في اقراره. التحليل المخبري ودوره في إثبات الإدانة عرفت المادة الأولى من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الدليل المادي بأنه:"إجراء التحليل المخبري في المختبر المعتمد للكشف عن كنه المادة المضبوطة واثبات ايجابيتها للمادة المخدرة، أو المؤثر العقلي من عدمها". وأشارت المادة آنفة الذكر إلى ما يندرج في المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، ونصت المادة الثامنة والثلاثون من النظام الأساسي للحكم على أنه:"لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو نص". في السوابق الجنائية للسوابق الجنائية اثر في الغالب في زيادة العقوبة، وزيادة العقوبة لوجود السوابق، ليس عقوبة عليها، وانما عقوبة تعزيرية للعودة الى ما يوجب العقاب، فعودته بعد العقوبة الأولى دليل على الإصرار على الإجرام، وان العقوبة الأولى لم تكن كافية لردعه. في المنع في السفر نصت المادة السادسة والخمسون من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية على منع"السعودي المحكوم عليه بارتكاب احد الأفعال الجرمية المنصوص عليها في المادة الثالثة من هذا النظام، من السفر الى خارج المملكة بعد انتهاء تنفيذ عقوبة السجن مدة مماثلة لمدة عقوبة السجن المحكوم بها عليه، على الا تقل مدة المنع عن سنتين". في وقف تنفيذ العقوبة قد يكون وقف تنفيذ العقوبة وابقاؤها سيفاً مسلطاً على المحكوم عليه - في بعض الحالات - اثراً ابلغ في الردع من ايقاعها. وقد تقتضي الحال في بعض القضايا وقف العقوبة، نظراً لما يظهر من اخلاق المحكوم عليه او ماضيه او سنه او ظروفه الشخصية او الظروف، التي وقع فيها ما استحق عليه العقوبة. وقد يكون في وقف عقوبة السجن تجنيب للمحكوم عليه الآثار السلبية، التي قد تترتب على سجنه نتيجة الاختلاط داخل السجن مع معتادي الإجرام، والتي قد تزيد على الآثار الإيجابية لسجنه. وبناء على ما تقدم ثبت لدي ما يأتي: إدانة المدعى عليه بحيازة قطعة حشيش بلغ وزنها 0.8 ثمانية من العشرة من الغرام، وسيجارة خلط تبغها بالحشيش المخدر بلغ وزنها 1.1 غرام وثلاث حبات محتوية على مادة الإمفيتامين المحظورة لقصد الاستعمال الشخصي. إقرار المدعى عليه باستعمال الحشيش المخدر ورجوعه عنه وتوجه التهمة القوية له باستعمال الحشيش المخدر. إدانة المدعى عليه باستعمال الحبوب المحظورة. وجود سابقتين على المدعى عليه حيازة واستعمال مخدرات. وبعد الاطلاع على المواد ذات الصلة من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية حكمت بما يلي: أولاً: سجن المدعى عليه... ستة أشهر تعزيراً له على ما أدين به من حيازة لقطعة الحشيش المخدر. والسيجارة التي خلط تبغها بالحشيش المخدر، والحبات الثلاث المحتوية على مادة الإمفيتامين المحظورة وسابقتيه. ثانياً: درء حد المسكر عن المدعى عليه وتعزيره بجلده 75 جلدة لاستعماله الحبوب المحظورة، ولتوجه التهمة القوية له باستعمال الحشيش المخدر، ويكون جلده دفعة واحدة في مكان عام. ثالثاً: منع المدعى عليه من السفر إلى خارج المملكة سنتين بعد انتهاء تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها في أولاً . رابعاً: صرف النظر عن طلب المدعي العام مصادرة واتلاف ما ضبط بحوزة المدعى عليه من المخدرات والمؤثرات العقلية الاستهلاكية في التحليل وانقضاء الدعوى فيها. وبعد: فهذا ما ظهر لي حسب الجهد، فإن كان صواباً فمن الله، وان كان خطأ فمن نفسي والشيطان واستغفر الله وأتوب إليه. صدق الحكم من هيئة التمييز.