إشكالية آلية تعاطي وسائل الإعلام المحلية مع الملفات والقضايا الأمنية وصلت، أو تكاد تصل، إلى حد الأزمة، فبعض هذه الوسائل يتعامل مع القضايا الأمنية، خصوصاً تلك التي تمس أمن الوطن بشكل عام، الذي هو في الأخير انعكاس لأمن الفرد في داخل مجتمعنا بشكل يكاد يكون موسمياً وعلى استحياء غير مفهوم... فكلما تم إحباط أي مخططات إرهابية، أو ضبط أحد الإرهابيين، أو تم الإمساك بجماعة تخطط للقتل والتفجير ونشر حال من الخوف في الشارع السعودي، نشر مقال أو تحقيق أو عمل ريبورتاج مصور لا تزيد مدته على الشاشة، وعلى أقصى تقدير، على ساعة تلفزيونية، وبعد ذلك يتم نسيان الموضوع وكأن شيئاً لم يكن، انتظاراً لأي حدث آخر يلوح في الأفق أو خبر حول هذا الشأن، وكأن الصحافة أو الإعلام المحلي عموماً معنيان فقط بتسجيل حال ليس إلا! قد لا أبريء نفسي من هذا الذي أعتبره تقصيراً، لكن لأنه الأمن، ولأنه جزء لا يتجزأ من أهدافنا وسلام مجتمعنا، لابد من طرح الموضوع للنقاش والتداول، خصوصاً بين الزملاء في الوسط الإعلامي الذين يجب أن يبحثوا جميعاً عن إعادة صياغة لهذه الآلية من جديد. قبل أيام ألقت الجهات الأمنية لدينا القبض على عدد من الإرهابيين فاق العشرات من داخل المملكة ومن جنسيات عربية أخرى، كانوا يخططون للقتل والتدمير ونشر الخراب في المجتمع الذي نمثله أنا وأنت وأنتِ وابنك وابنتك وجارك ووالدك ووالدتك وأقاربك، أي أن المتضرر في الأخير هو نحن، وذلك لمصلحة أجندات مختلفة، يلعب أصحابها أدوارهم بمنتهى الخبث! نعم ثمة أشخاص كانوا يحاولون قتل أحد منا ومن أبنائنا، أو يفجرون منشأة هنا أو منشأة هناك بحجج واهية وأسباب معروفة أبعاده، ومعروف هدف القيام بها، ومع ذلك نشر الخبر ومر وكأنه أمر عادي من دون أدنى قراءة توضح خطورة وجود مثل هؤلاء، ومن دون الإشارة إلى مدى الجهود المبذولة من رجل الأمن الذي يضحي بأغلى ما يملك من أجل أمن هذا الوطن! إشكالية أخرى يتوهمها كثير من الزملاء، وهي أن كل من يكتب عن هذه الملفات بصورة أو بأخرى إنما هو محسوب على جهة بعينها أو مكان بعينه، وهي صراحة إشكالية، على رغم سخفها إلا أنها تمنع من طرح هذه الملفات بشيء من العمق والشفافية. لابد لنا أن نتناول جهد وزارة الداخلية الذي نجح القائمون عليها - ولله الحمد - حتى هذه اللحظة في منع أي مؤامرات الهدف منها أن تصيب الشارع السعودي بالأذى مهما كان بسيطاً... نتناول نجاح الداخلية في منع تسرب أي إحساس بالقلق إلينا نتيجة اشتراكنا جغرافياً مع دول تعاني انفلاتاً أمنياً وتوترات في شارعها ومجتمعاتها، نتناول هذا الجهد بشيء من الواقعية وبكثير من الإحساس بقيمة ما نكتبه ونتناوله. في دول كثيرة غير بلدنا يعمد الإعلام المحلي لديها إلى تضخيم الدور الأمني فيها وتضخيم الجهد المبذول، على رغم أن نسبة التوتر في البلدان أو المنطقة المحيطة بهذا البلد لا تستدعي كل هذه الجهود، لكن الإعلام لديهم دائماً ما يشعر بأهمية هذا الملف، ويشعر بقيمته وجدوى الحديث، لذا تجده حاضراً في معظم المواضيع التي يتم تناولها وغير قابل للنقاش أو مجرد الانتقاد لهذا الدور الذي يقوم به إعلامهم بينهم وبين بعضهم البعض، فماذا يضير لو أن الإعلام المحلي لدينا أخذ على عاتقه القيام بدور توضيحي وغير موقت للجهود المبذولة من الداخلية على طول السنة وليس تناول الحدث الأمني وقت وقوعه فقط أو وقت الإعلان عنه؟ ... مجرد سؤال! [email protected]