ربما كان الملتقى الإعلامي العربي الخامس المنعقد في دولة الكويت الشقيقة هو أهم الملتقيات الإعلامية العربية التي تناولت وبكثير من الشفافية إشكالية العمل الصحافي العربي عموماً والسعودي خصوصاً، الذي مثّل مشهده في الملتقى عدد من ابرع الصحافيين العاملين لدينا، منهم رئيس تحرير صحيفة"الوطن"الزميل جمال خاشقجي، والمدير العام لتحرير صحيفة"الحياة"في السعودية والخليج الزميل جميل الذيابي اللذان شاركا بورقتي عمل أظهرتا ولخصتا أزمة الصحافة الحقيقية، وكشفتا عن الوجه الحقيقي للصحافة السعودية، خصوصاً بعد انتقاد الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ، أداء الصحافة السعودية، ووصفها بعدم قدرتها على التعبير الحقيقي عن قضايا مجتمعها. وصراحة لا أعرف ما المرتكز الذي اعتمد عليه الدكتور الدباغ في وصوله إلى هذه النتيجة التي شغلته وجعلته ينصرف عن هموم ومشكلات بلاده كافة، وتفرغه لتحليل وضع الصحافة السعودية وأزمتها، وصولاً إلى اختيار مانشيت كبير لورقته في الملتقى، يحلل فيه وضع الصحافة السعودية، ربما لم تكن مشاركته ذات أهمية تذكر، خصوصاً أنها عكست في كثير من ملامحها انطباعات وآراء شخصية غير واقعية، تعتمد في كثير من أركانها على جوانب نظرية غير عملية بشكل صحيح يدعونا لنحترمها كعاملين في الوسط الصحافي السعودي، ونتجاوزها لعدم جدوى الوقوف أمامها إلى الأوراق ذات الأهمية، خصوصاً تلك التي قدمها وحاضر بشأنها الزميل جميل الذيابي، والتي حملت عنوان"عندما تكون الصحافة هي الأزمة"، الذي تناول فيها بشيء من التوضيح مدى تأثر الصحافة بالمجتمع وتطوره، وانعكاس الصراع بين التطوير والصورة التقليدية للجانب المهني، وتأثير ذلك على الشكل العام للأداء الصحافي، إضافة إلى تناوله لجزئية خطرة ومهمة هي شيوع وانتشار كثير من الوسائط الإعلامية غير المكلفة، وأضيف من عندي أيضاً"وغير الخاضعة في الوقت نفسه لأية معايير مهنية دقيقة وسليمة تسهم - وإلى حد كبير - في عملية"التجييش"السلبي للمشاعر والعواطف في بعض المواضيع ذات الصلة الوثيقة بمواقف سياسية أو اجتماعية معينة". ما أريد تناوله هنا هو قوة حضور المشهد السعودي بشكل عام في الملتقى، وهي صفة أضحت لازمة لأي حضور إقليمي او دولي يتناول أوضاعاً عربية عامة في أي جانب من جوانب الحياة، فكل ما يتعلق بهذا المشهد هو تحت المجهر وتحت الفحص، ويتم التقاطه وتحليله بشيء من الصدقية حيناً، وبكثير من عدم الحيادية أحياناً، وما يحدث في الرياض يتم التعاطي معه بآلية إعلامية مختلفة ومغايرة تماماً لما قد يحدث في دبي او الرباط أو دمشق او أية عاصمة عربية أخرى... وكثير من الأمثلة لا تحتاج إلى توضيح او أي جهد في إبرازها تظهر صدق هذا القول، وربما كان المثال الأكثر حضوراً الآن على الساحة هو الخبر الذي نقله أحد المواقع الإخبارية قبل يومين عن ضبط عدد من الضباط والجنود في مدينة دبي يسيئون إلى المساجين وينتهكون بتعاملهم معهم حقوقهم كافة التي نص عليها القانون، ونصت عليها القيم الإنسانية وتعاليم الشريعة، وهو خبر مر عابراً، ولم يتم التوقف عنده بما يستحق من اهتمام. السؤال الذي اطرحه الآن وبكثير من الإلحاح هو هل: آلية وطريقة التعامل مع هذا الخبر مهنياً ? كمثال- هي نفسها الآلية والطريقة التي يتم التعامل بها لو كان هذا الخبر صادراً من الرياض او أية مدينة سعودية أخرى؟ أعتقد جازماً أنها لن تكون الآلية نفسها، وأعتقد أيضاً جازماً أنه كان سيتم إعادة صياغة الخبر وإلحاقه بمواضيع وقضايا عربية ومحلية اخرى تزيد من جانب الإثارة والتضخيم، وكان كثير من الأقلام والبرامج ستتحول إلى منابر لمهاجمة السعودية ومهاجمة الصحافة السعودية والسخرية من الإعلام السعودي والمجتمع السعودي بشكل عام... لذا وطالما أن الكيل في إعلامنا العربي يتم بمعيارين مختلفين، فعلينا أن نمضي تاركين وراءنا كل من يحاول بث روح الإحباط أو الانهزامية في شخوص بعض الأسماء الصحافية السعودية التي بالفعل تحولت إلى رموز مهنية متقدمة وتطويرية، ليس فقط على المستوى المحلي بل وأيضاً على المستوى العربي، وربما كان الحضور السعودي في المنتدى الإعلامي العربي الخامس اكبر دليل على ذلك. إضاءة واجبة أسعدني بحق، كما أسعد أسرة الفتاة المصرية، التي أثرت الأسبوع الماضي قضيتها مع مستشفي في جدة بصورة لا إنسانية، وناشدت وزير الصحة الإنسان أن يتدخل لإنقاذها قبل أن تتدهور حالتها الصحية، فقد تدخل الوزير عملياً في القضية، ما يدل على أن الصحافة السعودية تجد دائماً آذاناً صاغية من قيادتنا الرشيدة ومن وزرائنا للمبادرة إلى وضع الأمور في نصابها، فشكراً لوزير الصحة الإنسان. [email protected]