الهدف الوحيد للإرهابي في أي مكان من العالم سواء في جغرافيتنا العربية والإسلامية، أو في أية جغرافية أخرى، تعتنق غير الدين، وتنطلق بتوجه غير التوجه، وبمعتقد غير المعتقد وبفكر مغاير أو ثقافة مختلفة، بغض النظر عن تقدمها أو تأخرها، غناها أو فقرها، تعلمها أو جهلها، سيان الأمر، لن يكون الاختلاف حولها جذرياً، هو - الهدف الإرهابي - التعبئة لكل مشاعر الحقد والكراهية والقسوة داخل شخص مهزوز ومعقد ومصاب بشيء من الفصام، كما أنه شخص ممنهج تكتيكياً لغاية في الخطورة والخبث والدهاء تطال كل نقطة من العالم بالتخريب والقتل، وهذا هو الهدف الوحيد الذي يسعي الإرهابيون لتحقيقه. تتعدد مبرراتهم، وتختلف أساليبهم، لكن هدفهم الجوهري يظل اتفاقاً ضمنياً لإشاعة حال من الفوضى والذعر والدمار بين جموع الناس خدمة لأهدافهم التي يصعب اكتشافها لمعرفة أبعادها إلا ببذل الجهد والمال والأنفس، والسؤال المهم هو: هل من طريقة ناجعة لاحتواء الإرهابيين بتقييد تحركهم وإفشال خططهم مادام هناك إجماع دولي بمحاربتهم؟ الجواب - في تقديري - ربما كان من الصعوبة بمكان بسبب اختلاف أساليب ووسائل تنفيذ الإرهابيين لخططهم وصولاً لأهدافهم العدوانية غير المشروعة، وأيضاً تأتي الصعوبة من الاختلافات الفكرية على تعريف متفق عليه للإرهاب، على رغم الاتفاق على إدانة نتائجه، ومحاربة من يقومون به. وعلى رغم ذلك فقد حققت الأجهزة الأمنية المحلية لدينا ولله الحمد تفوقاً على الإرهابيين، واستطاعت أن تأخذ زمام المبادرة استباقاً لساعات الصفر التي يحددونها لتنفيذ جرائمهم التي كانوا يريدون بها جر المملكة إلى أتون ملتهب من الفتنة والصراعات والدسائس التي أربكت بالفعل الكثير من أجهزة الأمن في أكثر دول العالم تقدماً وامتلاكاً لأكثر الوسائل التقنية لمكافحة الجرائم المنظمة، ومنها الجرائم الإرهابية، لكننا في المملكة نجح أمننا الوطني وبجدارة في التعامل مع أي خطر إرهابي يهدد المجتمع بكثير من الحزم والنجاح وتجنيب الوطن أي أحداث إرهابية. المطلب الآن الذي أراه ضرورياً وملحاً هو البدء في التعاطي مع الإرهاب من منظور فكري وثقافي مجتمعي عام، تشارك وتسهم فيه مؤسسات المجتمع المدني كافة، ليس من منظور أمني فقط بل من منظور أخلاقي ودافع وطني لتأمين سلامة الدولة والمجتمع. وربما عكست الكلمة الأخيرة، التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية، الذي عقد بجامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض، عزم الحكومة لدينا على إثراء ودعم هذا التوجه، وقد لخصت مقولة الملك عبدالله التوجه بالحل الأمني من جهة ، حديث الرسول ص من حمل علينا السلاح فليس منا والفكري من جهة أخرى، وهو ما بدا في قوله إن التصدي للإرهابيين يجب أن يواكبه تصدٍّ للفكر القاتل الذي يحول الشباب المغرر بهم إلى أدوات قتل وتدمير. كما أن كلمة وزير الداخلية جاءت، في هذا الوقت تحديداً، كرسالة تعكس مدى الاتفاق العام بين كل المستويات في المجتمع على ضرورة التصدي للإرهاب بكل صوره بالحزم والقوة اللازمين، وهو ما وضح في الكلمة التي ألقاها أمام المؤتمر، مخاطباً فيها الملك عبدالله بقوله:"إنني أقولها شهادة للتاريخ، حقيقة إن موقفكم الحازم وعزمكم الجازم وتوجيهاتكم الرشيدة كانت العزم والعزيمة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين، وزاد ذلك في نفوس رجال الأمن عزيمة وإصراراً، وأن الملك عبدالله برؤيته الثاقبة وقيادته الرشيدة جعل السعودية قلعة صامدة في مواجهة الفئة الضالة". يتبقى فقط التقاط مؤسسات المجتمع المدني بصورها المختلفة لهذا التوجه وتفعيله للحفاظ على اهم ما نمتلكه في بلادنا، وأهم ما نضحي من أجله وهو أمننا وأمن أولادنا داخل وطننا العزيز. [email protected]