لم يدر في تفكير نورة المالكي، أن تشارك زميلاتها الخريجات في كلية الآداب للبنات في الدمام، في رحلات"البحث عن وظيفة"في فروع وزارة الخدمة المدنية، على رغم إنها حاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية. ولا يندرج ذلك فقط ضمن يأسها من الحصول على وظيفة"معلمة"، بل لأنها ترى أن عملها الحرفي،"أكثر جدوى". وتمضي نورة غالبية ساعات النهار في حياكة الخطوط، وتصفيف سعف النخيل، والتطريز والغزل ورسم المنمنمات، لتكون المحصلة تحفاً يدوية وديكورات داخلية للمنازل، تبيعها وتجني منها أموالاً تفوق راتب المعلمة. وتقول:"عملي هذا يوفر عليّ الغربة المفروضة على المعلمات، واحتمال التعرض لحوادث مميتة أثناء التنقل بين المنزل والمدرسة، التي تكثر في المناطق النائية، فضلاً عن أنه عمل حر، اشتغل عليه وقت أشاء في غرفتي التي حولتها إلى مشغل، ولا يقاسمني أحد عوائده". ويبدو أن عوائد بيع منتجات نورة مجزية، وهو ما أغراها على فسخ العقد الذي كانت أبرمته مع أحد المعارض، لتسويق إنتاجها، التي كانت"تستغل مواهبي في العمل اليدوي"، كما تقول. وتعتبر شراكته السابقة"أمراً مجحفاً". لكنها أصبحت الآن تعمل لحسابها الخاص. وتعتمد في هذا الجانب بشكل خاص على المعارض التي تقام خلال شهر رمضان، وغيرها من المناسبات. وإضافة إلى نورة، شهدت السنوات الماضية ظهور مئات الحرفيات السعوديات، اللواتي انخرطن في دورات تدريبية متخصصة، نظمتها مراكز نسائية وجمعيات خيرية، لتعليم الفتيات الأعمال الحرفية. كما لم يقتصر العمل الحرفي على الفتيات، فحتى بعض الموظفات، فضلن ترك وظائفهن والتفرغ للعمل الحرفي. ومنهن فوزية علي، التي تركت وظيفتها التعليمية، لتتفرغ لإدارة مؤسسة متخصصة في تصميم الديكورات الداخلية للمنازل، وتنسيق الإضاءة والإكسسوارات المنزلية. وتصف عملها السابق ب"الروتيني والرتيب"، أما الحالي فهو"أكثر اتساعاً". وتقول:"عملت معلمة تربية فنية أعواماً طويلة، ولم أر أن هناك تغييرات تطرأ على مجرى حياتي، لذا قررت التقاعد المبكر، والعمل في مجال التصاميم والأعمال اليدوية من خلال مؤسسة أنمي فيها مواهبي". وتجول فوزية على المنازل التي يتعاقد معها أصحابها، وتحدد ما تحتاجه من تحف وألوان يمكن تجديدها. وتضيف"لمست في عملي هذا قبولاً من المجتمع، ولم أواجه أي صعوبة، وكنت أقدم استشارات فنية في تصاميم البيوت. والآن أعمل شهرياً لمنزلين أو ثلاثة فقط، في مجال التصميم، كتغيير الأصباغ والإضاءة والتحف". وتمزج فوزية في عملها هذا بين"عبق الماضي والخطوط الحديثة، وادخل بعض الإكسسوارات، فيصبح المنزل قطعة فنية رائعة". وتفضل رئيفة نواف ومجموعة من صديقاتها، الإجازة الصيفية لممارسة الأعمال الحرفية. وتقول:"حصلت على وظائف عدة، لكنها كانت غير مجدية، ففضلت العمل اليدوي، وبخاصة تغليف الهدايا، وتجميع قطع من الأحجار الكريمة، لعمل إكسسوارات جميلة"، مؤكدة حرصها على"البحث عن خطط تطويرية وأفكار حديثة". وتقول:"تشدني المعروضات في الأسواق، وأبحث عن الأفكار، وليس المنتجات، وأحاول أن أضفي عليها لمسات وألواناً تمنحها شكلاً آخر، فتتحول إلى قطع مختلفة شكلاً وتصميماً عما كانت عليه، هذا بالنسبة للإكسسوار. أما المناظر والسلال وغيرها التي تحاول والدتي وصديقاتها الانشغال بها، فنقوم بإخراجها بشكل متداخل من خلال الألوان وطرق التصنيع". وطرق التصنيع من وجهة نظر رئيفة وصديقاتها"مختلفة ومتنوعة، ويتم إتقانها، بحسب مهارات، تم التدرب عليها، وتكون بحسب الحس الفني والذوق الرفيع". وتستوحي أفكارها من عالمها الخاص، خصوصاً في الأعمال الفنية كالرسم على الزجاج. وتعتقد أن مثل تلك الأعمال المهنية"لن تتطلب أن تنتظر معارض سنوية، وإنما تباع يومياً". وتنهمك نور سليمان في أعمالها اليدوية، وتصميم الإكسسوارات والرسم على الحقائب، وتستغل أوقاتها في تصنيع منتجات متميزة، تتداخل فيها"العشوائية، والفوضى، والحس الفني". وتعرضها في المناسبات المختلفة. وتعتبر المعارض"فرصة لاستلهام أفكار وتقديم خطوط حديثة". وتضيف"أحاول التركيز على استعادة الأشياء القديمة، وتصنيعها بطرق مُستحدثة، كسلال القش وتصفيف السعف بأشكال مختلفة ذات جاذبية عالية، والتطريز على الخيش، فهو تراث قديم وموضة حديثة معاصرة أيضاً، وتجتذب عدداً من محبي التراث". وتعتبر نور أن هذه الأعمال،"تطويراً لمهارات العمل اليدوي، وتصقل المواهب، وتنمي ملكات الإبداع". كما احترفت فتيات أخريات تفصيل الملابس والرسم عليها، ويعتبرن أن فرصة بيعها حالياً"جيدة"، خصوصاً في شهر رمضان والعطل الصيفية، التي يعتبرنها"فرصاً ذهبية، لتعدد المعارض التي تقام خلالها، وإمكانية المشاركة فيها داخل المملكة وخارجها"، بحسب فاطمة عقيل، التي ترى أن الخيط والإبرة يمنحانها شعوراً ب"الاستقلالية، بخلاف الوظيفية في أي قطاع كان، حيث الروتين والتقليدية". وتضيف"عملت لمدة ستة أعوام في مؤسسة أهلية، ولم أجد فيها فائدة، فالملل هو المسيطر على المكان في كل الأوقات، وهو ما دفعني إلى عالم الخياطة والرسم على الملابس، لأصبح مسؤولة عن عملي، فهذا الأمر يُحفز على الإنتاج، لأنني أشعر بالمسؤولية المستمرة والمواظبة على الإنتاج، لاستغلال مواسم البيع وتحقيق الربح وتنمية المواهب في آن". وتشرف سارة العميري سنوياً، على إقامة الكثير من المعارض، وتعمل على تصميم برامج سياحية، وبعد ان كانت مبتدئة في العمل اليدوي، أصبحت اليوم تشرف على دورات تدريبية للفتيات، وهي تشجع النساء على"احتراف العمل اليدوي بشتى أنواعه"، وتعتبره"خطوة لزيادة مشاركتها في المعارض التي ستقام في رمضان وغيره من المناسبات". وترجع سبب تفضيلها ذلك إلى أن"المرأة تشعر بأنها ذات كيان، وقدرة على الإنتاج المستمر من دون تقاعس، فرواتب الشركات والمصانع، زهيدة للغاية، ناهيك عن القوانين والأنظمة المتبعة، التي ربما لا تروق لعدد من الفتيات. لذا أرى أن على من تملك موهبة أن تقتحم السوق من دون تردد". وتقيم العميري في كل عام دورات مجانية حول ما يهم الأسر المنتجة، ففي العام الماضي، أقامت عدداً من الدورات، وهذا العام أنهت دورة حول زراعة الأسماك، بالتعاون مع لجان التنمية المحلية، وسيتم إعادتها، وهي تدور حول زراعة الأسماك والنباتات الداخلية وتنسيق الأحواض. وتقول:"البرامج متعددة ومتنوعة، سواء في النخيل، أو الأقمشة والملبوسات، والحرف الشعبية، والرسم على الزجاج، والتطريز، ونقش رسومات على الحجارة، وغيرها من المجالات، التي أصبحت بمثابة سفينة نجاة للخروج من دائرة البحث عن وظيفة، والروتين الذي تجده الفتاة بعد أن تحصل عليها".