شهدت الأسواق السعودية خلال الأيام الماضية نقصاً حاداً في الدقيق أدى إلى ارتفاع أسعار الدقيق إلى نسبة وصلت في بعض المناطق 100 في المئة، كما تسببت في شح شديد دفع بالمخابز إلى تقليل حصص الزبائن، فضلاً عن لجوء صوامع الغلال التي توزع الدقيق في مختلف مناطق السعودية إلى تقليل الحصص وفقاً لما أوضحه أصحاب مخابز. وأكد عدد من اصحاب المخابز والتموينات في مدينة الرياض أن أسعار الدقيق ارتفعت في مختلف المحال بنحو 5 ريالات، وقفز سعر العبوة زنة 10 كيلوغرامات من 14 ريالاً إلى أكثر من 20 ريالاً، وهو الحجم التجاري الذي يقبل على شرائه غالبية المستهلكين، مؤكدين أن الأزمة سببها في المقام الأول التجار والموزعين الذين استغلوا ضعف الرقابة على السوق وبدأوا في تخزين كميات كبيرة والعمل على رفع سعرها. وقال صاحب سلسلة مخابز علي بن محمد الناصر، إن كثيراً من المخابز تأثرت بالزيادة، اضافة الى تأخر وصول الكميات التي يطلبونها, إذ اضطر عدد منها الى تقليص الكميات التي تنتجها في اليوم مقارنة بالفترة السابقة للارتفاع. وأوضح أن بيان مؤسسة صوامع الغلال الذي صدر أخيراً، كشف الكثير من الجوانب المتعلقة بمشكلة شح الدقيق، لافتاً إلى أنها وللأسف لم توجد الحلول لهذه المشكلة، وتوقع أن يكون ارتفاع أسعار الدقيق يأتي ضمن سلسلة خطط واتجاهات التجار لرفع أسعار المواد التموينية بأنواعها، وللأسف فإن حماية المستهلك لم تقم بدورها وتكافح هذا التلاعب في أسعار مختلف السلع. وتوقع أن تشهد السوق ارتفاعات أُخرى سواء للدقيق أو المواد الغذائية الأخرى، وذلك بسبب ضعف الرقابة، واتجاه التجار الى وضع المستهلك امام الأمر الواقع. من جهته، قال صاحب أحد الأسواق التموينية محمد آل عائض، إن أسعار الدقيق ارتفعت خلال الفترة الماضية، وأنه اشترى العبوة التي يبلغ وزنها 10 كجم بنحو 17 ريالاً بسعر الجملة، ويضطر لعرضه بنحو 20 ريالاً بعد أن كان يبيعه في الفترة الماضية بنحو 14 ريالاً, كما ارتفع الحجم نفسه من الدقيق الكويتي إلى أكثر من 36 ريالاً, لافتاً إلى أن هناك طلبات كبيرة من المستهلكين على الدقيق، والمحل يعاني من النقص من الموزعين، إذ لا يصله إلا ربع الكميات التي يتم طلبها. وأكد أن الكثير من المخابز تشتكي من نقص الدقيق، إذ ترد إلينا طلبات عدة، ولكن للأسف الجميع يعاني بسبب تلاعب الموزعين والتجار في توفير الدقيق، إذ اتجه الكثير منهم الى افتعال الأزمة لرفع السعر وقد يكون ذلك في اطار اتفاق مسبق بينهم. وبيّن آل عائض أنه منذ فترة لم يأت الموزع الذي كان يوفر الطلبات, مشيراً إلى أنه اضطر للبحث عن أكياس الدقيق في المجمعات التجارية. وكانت المؤسسة العامة للصوامع ومطاحن الدقيق حددت ثلاثة أسباب لأزمة الدقيق التي ظهرت أخيراً في أسواق المملكة، فيما بدأ فرع المؤسسة في الرياض بإجراءات تحديث بيانات الموزعين لتلافي السلبيات وضمان توافر مادة الدقيق. وأوضحت أن الأسباب التي أدت إلى الشح المفاجئ في مادة الدقيق في أسواق المملكة أخيراً، تتمثل في استخدام الدقيق في تعليف المواشي، نظراً إلى ارتفاع أسعار الشعير والأعلاف الأخرى، مقارنة بسعر الدقيق المدعوم، والتوسع الكبير في مصانع المنتجات الغذائية التي تعتمد في إنتاجها على الدقيق كمادة رئيسية، وتقوم بتصدير منتجاتها إلى خارج المملكة، إضافة إلى تهريب الدقيق إلى خارج المملكة، ما قلل من عدم تمكن أصحاب المخابر الجديدة أو التوسعات في المخابز القائمة من الحصول على كفايتهم من الدقيق. وقالت المؤسسة إنه امتداداً للمتابعة المستمرة من أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، التي تقضي بتنظيم توزيع الدقيق بما يضمن القضاء على سلبيات وقصور بعض موزعي الدقيق، نحو التزامهم بإيصال هذه المادة للمخابز والتموينات في وقتها، وبالكميات المخصصة وبالأسعار المعلنة من الدولة، فقد قام فرع المؤسسة في الرياض بالمسارعة في إجراءات تحديث بيانات الموزعين في المنطقة، لمعرفة الأماكن والمخابز ومحال التموينات التي يقومون بإمدادها، وذلك لظهور بعض السلبيات منهم. ودعا فرع المؤسسة جميع موزعي الدقيق في منطقة الرياض وعددهم 70 موزعاً، كما دعا جميع العملاء الآخرين الذين يأخذون الدقيق مباشرة من الصوامع، إلى الحضور إلى مقر فرع المؤسسة في الرياض، ومع كل واحد منهم بيان بأسماء المخابز ومحال التموينات التي يقومون بإيصال الدقيق لها، على أن يحضر صاحب المخبز أو من ينيبه، لتتمكن المؤسسة من المتابعة واكتشاف أوجه القصور والسلبيات في أعمال موزعي الدقيق، والتي قد تكون سبباً في تسرب كميات من الدقيق إلى غير مستحقيها، سواء من مربي الماشية أم غيرهم. من جهة ثانية، كشفت المؤسسة عن انطلاق مشروعين جديدين للمطاحن في منطقتي المدينةالمنورة وحائل، وبكلفة تزيد على 400 مليون ريال، وسيتم تشغيلها في نهاية شهر صفر الجاري، وتنتج المطحنتان نحو 24 ألف كيس دقيق يومياً، عبوة 45 كيلوغراماً، وفي حدود 8 ملايين كيس سنوياً، وستفي بحاجات تلك المنطقتين والمحافظات والمراكز التابعة لهما، كما سيتم في شهر شعبان المقبل تشغيل المطحنة الجديدة في الرياض، بطاقة إنتاجية قدرها 12 ألف كيس يومياً، وتجاوزت كلفتها 120 مليون ريال، وسيبدأ العمل في المطحنة الجديدة في منطقة الجوف، التي وضع خادم الحرمين الشريفين حجر الأساس لها، التي بلغت كلفتها نحو 126 مليون ريال خلال الشهر نفسه، وستنتج 12 ألف كيس يومياً، ليكون ما يتم إنتاجه يومياً 200 ألف كيس من الدقيق