دفعت التطورات العمرانية والتغيرات الديموغرافية، التي شهدتها مختلف مدن السعودية وظهور نظام العمائر السكنية التي تضم عشرات الشقق السكنية، إلى وجود تراخ في العلاقات الاجتماعية التي تربط الجيران في ما بينهم، وأمست العلاقة ما بين الجيران في مختلف الأحياء الحديثة مقتصرة على رؤية الجار لجاره أثناء انطلاقه بسيارته من أمام المنزل أو لحظة عودته إلى منزله. محمد الجابري، الذي يسكن في احدى الشقق الحديثة، يؤكد أنه لا توجد علاقة تربطه بأي من الجيران، ويضيف:"لا يوجد تزاور بيننا حتى في المناسبات والأعياد"، ويعلل ذلك بالقول إن معظم سكان العمارة، هم من الإخوة العرب المقيمين، وينشغلون بأعمالهم ونادراً ما أراهم، ومن جهتي لم أحاول ان يكون هناك تواصل بيني وبينهم ولا أدري ما السبب في ذلك". أما محمد العوضي، الذي يسكن في حي المطار القديم في جدة، فيقول:"أنا أقطن في هذا الحي منذ 5 سنوات ولي 4 أبناء وعند بداية سكني في العمارة التي أقيم بها، حاولت أن أتعرف على جيراني، ولكني لم أجد أي تشجيع منهم، ما جعلني أحجم عن ذلك"، ويؤكد أن أبناءه يعرفون أهالي الحي أكثر منه، ويضيف:"علاقاتي بالجيران مقتصرة على رؤية البعض منهم في المسجد أو بعض المقيمين في عمائر سكنية على مقربة مني والذين ارتبط أبناؤهم بصداقة مع أبنائي". أما أم سامي، التي انتقلت إلى أحد الأحياء الجديدة أخيراً، فتؤكد أنها تفضل"مقاطعة الجيران"لأنها لا تعرفهم وتخاف من الدخول في مشكلات معهم، وتقول:"أنا أذهب لزيارة جيراننا في الحي الشعبي الذي كنا نقيم فيه وأحضر مناسباتهم أما هنا فلا". ويؤكد إمام مسجد حي الفيحاء إبراهيم صديق أن"مسألة قطع أواصر العلاقة بين الجيران، أصبحت شائعة في المجتمع، مشيراً إلى أن أكثر المداومين على صلاة الجماعة من السكان هم ممن يعرفون حق الجار، ولو ان الجميع واظب على حضور الصلاة لما كان هناك جار لا يعرف جاره". ويرى أحمد النهدي، أن عدم وجود أمور تجمع سكان الحي مع بعضهم البعض ك"الديوانيات المشتركة"، أمر يسهم في عدم وجود تواصل بين الجيران كما يأمر الدين والشرع، ويؤكد أهمية أن يكون هناك مجلس مشترك لكل حي، يسعى إلى زيارة سكان الحي كل في منزله، ويمكن ان ينتج منه أنشطة تجمع السكان، وحتى يمكن أن يكون هناك كتيب يحوي أسماء السكان وأرقام هواتفهم للتواصل في ما بينهم البعض وفي المناسبات كالأعياد.