بعدما عاش فيه جل حياته .. بات من الضروري أن يودّع « بو عبدالرحمن « بيته العتيق في حي الخليج مجبراً، وذلك بعد أن تهالك منزله فاضطر للانتقال مع أسرته لمسكنه الجديد في حي الشاطئ، وهنا تبدل حال « بو عبدالرحمن « وأصبح الفراغ والانعزالية يغلفان وقت يومه، وفقد جيرانه الذين تربى معهم وعاش بينهم أجمل أيام حياته، فضلا عن أنه لم يجد الحياة الاجتماعية الحميمة التي كان يعيشها في حيّه القديم، .. كل ذلك لأنه نقل مسكنه إلى حي الشاطئ الجديد الذي لا يبعد سوى نيف من الكيلومترات عن حي الخليج، .. وقد توضح هذه القصة الواقعية جانبا من المفارقة الكبيرة في العلاقات الاجتماعية بين الأهالي في كل من حي الشاطئ وجاره حي الخليج، الأمر الذي يعطي إشارة واضحة إلى أن تطور أساليب الحياة العصرية يؤدي غالبا إلى انخفاض مؤشر العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وللتحقيق حول هذا المحور تجولت « اليوم « في كلّ من حي الخليج وحي الشاطئ في مدينة الدمام، فإلى هناك .. حي الخليج جانب من احتفال أهالي حي الخليج بالعيد
محمد الشامي 47 عاماً أحد سكان حي الخليج تحدث حول طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تجمع أهالي الحي من واقع حقيقة أكدها الشامي وهي المحبة التي كانت ولم تزل توطد العلاقات بين أهالي حي الخليج، وفي ذلك قال الشامي :» الكثير ممن كانوا يعيشون في هذا الحي وانتقلوا إلى أحياء جديدة خاصة كبار السن لم ينقطعوا عن زيارة حي الخليج أبدا، سواء في المناسبات أو في أوقات مختلفة، والسبب في ذلك الحنين إلى الماضي، فالبعض منهم مازلت المواقف والذكريات الجملية التي عاشها منذ الصغر عالقة في ذهنه .. حتى بعد مرور هذه السنوات»، وعن موقع الحي العادات والتقاليد التي كان يعرف بها الحي وسكانه، يضيف الشامي :» أن الحي الذي يحده من الشمال شارع الملك عبد العزيز، ومن الجنوب شارع الملك سعود، ومن الشرق شارع الثامن عشر، ومن الغرب شارع المزارع كان يضرب به المثل بالهدوء والاستقرار، كذلك أنه جزءا لا يتجزأ من عادات وتقاليد أهالي المنطقة الشرقية والتي هي قريبة في انماطها و سلوكياتها لعادات بعض دول الخليج المجاورة، من حيث الطيبة و المحبة والترابط الاجتماعي والاسري فيما بين السكان، لدرجة أنك قد لا تميز بين أبناء الجيران، ولكن الذي يحز في الخاطر أنه لم يبق من تلك الصور التي كانت يشتهر بها الحي سوى ملامح متناثرة في مخيلة ممن بقوا على قيد الحياة سواء من الآباء او الأجداد. اختلاف أنماط الناس التي تعيش في الحي والذي جلّهم يعتبرون تشكيلة متنوعة من الشعب السعودي القادمين من جميع مناطق المملكة المختلفة من الشرقية والوسطى والغربية والجنوب و الذين لم يمكثوا سنوات عدة فيما بينهم، جعل هناك فراغا واضحا بين تقارب سكان الحي سواء كانوا كبار السن أو النساء فيما بينهموفي الجهة الغربية من حي الخليج والتي تعرف في السابق « بحي الكهرباء « نظراً لوجود مبنى شركة الكهرباء السعودية فيها، ألتقينا بأحد السكان ويدعى» احمد المجبل « والذي يقول :» حي الخليج كان في الماضي أي قبل 45 عاما غالبية سكانه من عوائل مختلفة ولكنهم معروفين سواء من أسر « دماميين « انتقلوا للعيش في الحي، وقد كانوا قبل ذلك في أحياء أخرى أو أسر» احسائيين» أستقروا فيه لارتباطهم بتجارة أو أعمال رسمية، وعلى الرغم من ذلك كان هناك تجانس فيما بينهم، قد لا تفرق بين سكان حي الخليج يتحدثون لليوم أحدهم من حيث التألف والمحبة، لدرجة أنك تشعر بتلك الأولفة من أول زيارة لك في الحي. ويضيف المجبل:» لعل ابرز العادات التي كانت تمارس في الحي أي قبل 20 عاماً أن بعض الاباء في السابق كانوا يتزاورون فيما بينهم، وذلك بشكل يومي، حيث تجدهم يجتمعون في أحد المجالس، وهذه العادة لازالوا متمسكين وحرصين على ألا تنقطع، كذلك بعض النساء يتزواون فيما بينهم، ولعل تلاصق البيوت فيما بينها هي من ساعدت على ذلك، أما الشباب والاطفال فقد كانوا يلهون و يلعبون في الازقة والشوارع الضيقة التي كان الحي يشتهر بها. وذكر « حبيب الفواز» :» أن الحي رغم هجره سكانه الأصليون, و تحوله إلى منطقة يسكنه العزاب من مناطق أخرى و من العمالة الوافدة من جنسيات مختلفة، في السنوات 15 الماضية، قلل من الترابط الذي كان يسود بين السكان مع بعض العادات وربما جزء منها أندثر وبات الحي حالياً تغلب عليه بعض القضايا الأمنية, التي قلت في السنوات الأخيرة بعد عملية الحملات الأمنية التي تنفذها شرطة المنطقة الشرقية.
حي الشاطئ مشاركة بعض سكان الشاطئ العزاء في أحد جيرانهم ما بين العادات والتقاليد التي يعرف بها حي الشاطئ و هو أحد الأحياء السكنية الراقية في مدينة الدمام, والذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية لكورنيش الدمام المطل على بحر الخليج العربي، ومن الجهة الجنوبية حي الزهور، ، مقارنة بحي الخليج، حيث يرى عبدالخالق العمر» أحد سكان حي الشاطئ منذ ثلاثة أعوام» أن العادات والتقاليد فيما بين الأحياء القديمة والجديدة تختلف كثيراً، ولأن حي الشاطئ يعتبر حديث التأسيس ، حيث لم يمضِ على تأسيسه أكثر من 8 سنوات، فقد لا تجد هناك نوعا من الترابط الاجتماعي لسكان الحي. وأضاف العمر:» اختلاف أنماط الناس التي تعيش في الحي والذي جلّهم يعتبرون تشكيلة متنوعة من الشعب السعودي القادمين من جميع مناطق المملكة المختلفة من الشرقية والوسطى والغربية والجنوب و الذين لم يمكثوا سنوات عدة فيما بينهم، جعل هناك فراغا واضحا بين تقارب سكان الحي سواء كانوا كبار السن أو النساء فيما بينهم ، كذلك المباني التي في الحي والتي عبارة عن فلل و عمائر سكنية وبعض المراكز التجارية الكبيرة ، لم تساعد السكان على تكوين علاقات اجتماعية فيما بينهم. «والله تغيّرنا في هالزمن و صار الواحد منا يدخل بيته ويطلع ما يعرف أحد، ولا يبي يتعرّف على أحد» بهذه الكلمات علي الوطيان « أحد ساكني حي الشاطئ منذ عامين « بدأء حديثه إذ يقول:» حالة التباعد من الجيران أصبحت وضعاً طبيعياً خاصة في الأحياء الجديدة، لا سيما على قلوب من عاش جل حياته في حارة واحدة، وبين جيران عرفهم وعرفوه، وخالطهم وخالطوه، حتى تفرقوا وكلٌ ذهب حيثما كان. وأضاف الوطيان:» تعد المصالح الشخصية واحدة من أبرز الأسباب التي خنقت تكوين العلاقات الاجتماعية من الجيران، لا سيما في وقت انتشرت فيه الماديات، وأصبح الطاغي على الأفراد البحث عمّا يعود عليهم بفائدة ملموسة دون أن يكون هناك وعي تام لفائدة العلاقات الاجتماعية خصوصاً مع الجيران الذين يعيشون الجوار، ناهيك عن الانتشار الكبير لوسائل التقنية التي أرى أنها صارت سلباً على العلاقات الاجتماعية وصلة الأقارب والبر بالجار.
سكان الشاطىء أبعدتهم هموم العمل عن التواصل فيما بينهم.