الحب جميل... والأجمل أن نتعايش معه بكل ما فيه من معانٍ إنسانية، ونستمتع بأساليبه المختلفة، ونسخرها كردود أفعال حينما نتجاوب مع الآخرين في تصرفات حياتنا اليومية. بدا هذا جلياً في مظاهر المودة والمحبة في العلاقات الاجتماعية الرائعة خلال شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك، لكن سرعان ما بدأت تختفي هذه المظاهر الترابطية الجميلة، وتتلاشى شيئاً فشيئاً بُعيد هذه الأيام المباركة، بل في بعض العلاقات نجد أن هذه المظاهر تكاد تكون مختفية وليس لها أثر، سواءً في رمضان أو الأعياد وغيرها من المناسبات، أتساءل هنا كم سيعيش المرء منغلقاً على نفسه ومنعزلاً عن الناس ومحبيه؟ وأصلاً هذه الدنيا مكتوب لها الفناء منذ أن خلق الله الخليقة والكون. فالعداوة والبغضاء مشاعر كريهة، تتعس قلب صاحبها، وتدخله في غياهب الظلام وسوء الأوهام، وتبقى مهمة تحطيم الآخرين بالردود الجارحة والتعليقات الساخرة وغيرها من الأساليب الحاقدة، قمة أهدافه المباشرة، لكن سرعان ما تُرد إلى نحره بالضيق والحنق والخذلان، على رغم شعوره الواهي في البداية بنشوة الانتصار. ذلك لأن سيكولوجية جسم الإنسان، كما خلقها الله تعالى، مجبولة على حب الخير وفعله، نافرة لجميع الشرور وأشكالها. جميل أن يستمر الود في علاقتنا الاجتماعية طوال العام، وليس فقط في الأفراح والمناسبات الدينية، وحريٌ بنا أن نقويها بالزيارات وتبادل الهدايا الرمزية من حين لآخر، حتى لا تفتر أواصر المحبة بيننا. وعلينا أن نتذكر أن"سر الفرحة"ليست مكنونة في الزيارة وتبادل العلاقات وتقوية صلة الأرحام فحسب، بل أن ننجح في زرع المحبة والكلمة الطيبة في قلوب ونفوس من نتزاور وإياهم، حتى يبقى الذكر الطيب بيننا ينفح كبخور العود وطيب المسك. أحب أن أنوه لمناسبة ولدت حديثاً، أرى أنها إيجابية تضاف لرصيد كل مقتدر يحب فعل الخيرات، فمع موجة الغلاء الفاحش، وتنامي الإعصار المالي ليكتسح بذلك جميع البورصات العالمية، متجهاً بهم نحو الهاوية، نجد أن الفرحة تواجهنا بوفرة وغزارة هذه الأيام، حينما نزور فقيراً لا يستطيع طولاً في لملمة شتات حاله المادي، فنرسم على شفاهه البسمة بمعونة تُعينه على نوائب الدهر... أؤكد بأن هذه البسمة خالصة، ومن القلب دعوة نكافأ بها، صادقة وفي ظهر الغيب... أليست هذه"قمة الفرحة"؟