تضاربت توقعات اقتصاديين تحدثوا إلى"الحياة"حول انخفاض أسعار السلع والخدمات في الفترة المقبلة، نتيجة للركود الاقتصادي الذي قد يصاحب الأزمة العالمية، وفيما توقع البعض تراجع أسعار السلع كافة بما فيها السلع الضرورية والتمويلية بنسب تصل إلى 10 في المئة، نتيجة لانخفاض سعر النفط عالمياً، رأى فريق آخر أن العالم سيشهد نشوء ظاهرة جديدة تعرف ب"الركود التضخمي"، وهي حالة من الركود يصاحبها تضخم وارتفاع في اسعار السلع والخدمات كافة. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد شمس:"إن من أهم تأثيرات الأزمة على الاقتصاد العالمي هو التباطؤ الاقتصادي على مستوى العالم، ما يؤدي إلى ضعف الطلب على السلع الأساسية مثل النفط والمعادن والمواد الأساسية الاخرى. وأضاف أن الأزمة أثرت بشكل مباشر في أسعار النفط والتي هبطت من 147 دولاراً إلى أقل من 80 دولاراً، لافتاً إلى توقعات بانخفاض الطلب على النفط في الربع الأخير من هذا العام، واستمرار التراجع في النصف الأول من العام المقبل، ما سيؤثر في صادرات السعودية والتي ستنخفض في الفترة المقبلة". وتابع:"هنالك تشاؤم أكثر من اللازم في ما يخص الأزمة، ولا يمكن القول بأن الأزمة ليست خطرة، ولكن كان من الممكن تلافيها في أميركا عام 2007، ولكن استمرار الأزمة في أميركا أدى إلى تطور الأوضاع وحدوث هذا الانهيار العالمي الاقتصادي". وأوضح أن من أهم الآثار السلبية لهذه الأزمة عدم ثقة المصارف في بعضها البعض وانعدام السيولة، وهذا سيترتب عليه هبوط في قيم الفروض التمويلية للشركات الكبرى والمصانع، ما سيقود العالم لركود اقتصادي يُمكن أن يبدأ في التعافي منه بعد عام. واستدرك بالقول:"إن المؤشرات الحالية لا تنبئ بحدوث كساد عالمي كالذي حدث في عام 1929، ويمكن القول إننا على أعقاب فترة من الركود الاقتصادي". وحول انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية خلال الفترة المقبلة قال شمس:"هناك تراكمات حدث وتضخم كبير في الأسعار خلال الفترة الماضية، والتي شهدت ارتفاعات متتالية لأسعار السلع، ومن المتوقع أن تقود فترة الركود الاقتصادي المتوقعة نتيجة للأزمة العالمية إلى انخفاض الطلب، ما يؤدي إلى خفض أسعار السلع كافة بما فيها السلع التمويلية والاستهلاكية". وقدر شمس تلك الانخفاضات في قيم أسعار السلع خلال الفترة المقبلة ب10 في المئة، وقال:"من المتوقع انخفاض الطلب مع قلة السيولة، وانخفاض القوى الشرائية عالمياً سيُخفض أسعار السلع بنسبة تصل إلى 10 في المئة، وهي تقريباً موازية لمعدلات الارتفاع في أسعارها نتيجة للتضخم العالمي المصاحب لموجة ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الماضية". ولفت إلى أن هذا الانخفاض سيكون في مصلحة الدول المستوردة ومنها السعودية. ويتفق معه أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز وديع كابلي الذي أوضح ل"الحياة"أن أهم ما يميز مرحلة التباطؤ الاقتصادي الناشئ عن الأزمة هي حال الركود المتوقع استمرارها إلى منتصف العام المقبل، وقال:"إن مرحلة الركود الاقتصادي ستؤدي إلى انخفاض في القوى الشرائية لدى المستهلكين". وأضاف:"كما ستشهد الأسواق كافة ركوداً وانخفاضاً في أسعار السلع كافة، بما فيها السلع التموينية، وأسعار السلع التي ارتفعت في الماضي، خصوصاً التمويلية والاستهلاكية ستنخفض خلال الشهور المقبلة". ولفت إلى أن التوقعات بانخفاض الأسعار ستنحصر خلال النصف الأول من العام المقبل 2009، لاسيما انه في حال حدوث إصلاحات عاجلة للوضع المالي والاقتصادي العالمي سيتغير الوضع بحسب تطورات الموقف. لكن أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي اختلف معهما، وأكد أننا في ظاهرة"الركود التضخمي"، وقال:"وضع الاقتصاد العالمي غير واضح المعالم، خصوصاً أننا نشهد مرحلة من الركود التضخمي، ولا أحد يعلم اذا كان هذا الوضع سيستمر أو أن الأسواق ستشهد انخفاضاً في أسعار سلعها في الفترات المقبلة". وأضاف:"من المتوقع حدوث كساد عالمي في الفترة المقبلة، وفي حال الكساد يكون هنالك معروض من السلع ولا توجد قوى شرائية لدى المستهلكين". ولفت إلى أن هذه الظاهرة بدأت تتضح في مجال العقار والمقاولات، خصوصاً أن أسعار مواد البناء تشهد انخفاضاً في السعر على مستوى العالم منذ بدء الأزمة. وأشار إلى عدم وجود مؤشر يوضح مدى انخفاض أسعار المواد الغذائية في الفترة المقبلة، خصوصاً أن معدلات الربح لدينا في السعودية يقررها فئة التجار، وهذا يعود إلى مدى تقديراتهم لهامش الربح لديهم.