سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسعار الأغذية في المملكة ارتفعت خلال الفترة من يناير إلى يونيو رغم انخفاض مستوياتها العالمية تقرير البنك السعودي الفرنسي: أسعار الأغذية في رمضان قد ترفع معدل التضخم السنوي في العام الحالي إلى 5.3%
لطالما كانت زيادة أسعار السلع الغذائية في شهر رمضان المبارك مثيرة للجدل ولن يختلف هذا الأمر في العام الجاري عنه في السنوات السابقة، خصوصاً أنّ ارتفاع أسعار الأغذية مثّل أحد العوامل الرئيسية لارتفاع معدلات التضّخم في المملكة خلال الشهور الأخيرة، ولطالما تضّخمت أسعار الأغذية بشكل غير اعتيادي في العالم العربي قُبيل وأثناء شهر رمضان لأنّ العوائل تُعِدُّ وجبات إفطار كبيرة، كما أنّ المواطنين الأغنياء يرسلون إلى المساجد وأماكن أخرى وجبات إفطار لإطعام الفقراء، بالتالي يزداد استهلاك الأغذية في شهر رمضان وتُرفع أسعار المواد الغذائية الأساسية، لا سيما اللحوم والدجاج والأرزّ والخضار والفواكه. معدّل الإنتاج النفطي السعودي يواصل ارتفاعه لنمو الطلب الآسيوي والتوقعات استمرار التحسن وخلال العام الجاري، عاد الاهتمام بالتضّخم في المملكة التي سجّلت أعلى معدلٍ للتضخم العامّ في منطقة الخليج حتى الآن، حيث بلغ 5,5% في يونيو، وهو أعلى مستوىً له منذ أكثر من سنة، وقد ترتفع أسعار المواد الغذائية في المدى القريب بسبب نموّ الطلب عليها في شهر رمضان، إلى جانب مجموعة من العوامل الخارجية القصيرة المدى، مثل ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية واحتمالات تصرُّر محاصيل بعض الدول (بما فيها روسيا) وضعف الدولار الأمريكي، الذي يميل إلى رفع أسعار المنتجات الزراعية المستورَدة، لكنّ المعدّلات السنوية لتضخّم الإيجارات تواصل انخفاضها بفضل المعالجة التدريجية لمشكلة النقص في معروض العقارات في المملكة، الأمر الذي قد يمنع حدوث أي ارتفاع ملحوظ في معدّل التضّخم العامّ. مع هذه العوامل، رفعنا معدل التضخم السنوي من 4.7% إلى 5.3%. وتزامن ارتفاع معدّلات التضّخم خلال العام الجاري مع تحسّن أداء الاقتصاد الكلي مدعوماً بأسعار قويّة للنفط بلغت بالمتوسّط ستة وسبعين دولاراً للبرميل في يوليو، بالإضافة إلى ارتفاع معدّلات الانتاج النفطي وتحسّن ثقة شركات القطاع الخاص السعودي بالاقتصاد المحلي، وانتعاش قطاع البيع بالتجزئة ونمو الصادرات وارتفاع معدّلات نمو الإقراض المصرفي وازدياد أعداد السياح، وخلال الجزء الذي انقضى من فصل الصيف، لم يُسجَّل أي تراجع يُذكر في النشاط الاقتصادي، فقد أبرمت البنوك صفقات عديدة لتمويل مشروعات إستراتيجية ويبدو أنّ مستثمري القطاع الخاص بدأوا بتعزيز حضورهم في السوق المحلية، وإنْ بصورة تدريجية. ولطالما شهد شهر رمضان تراجعاً طفيفاً في النشاط التجاري لأنّ الدوام اليومي للشركات يُصبح قصيراً، بالإضافة إلى إجازة عيد الفطر التي تمتد لأسبوع. المملكة مطالبة باتخاذ عدة خطوات لتحسين المناخ الاستثماري لرأس المال المحلّي والأجنبي على حدٍّ سواء ومن الواضح أنّ الإنفاق العام السعودي، الذي يمثّل أعلى نسبة من إجمالي الناتج المحلي على مستوى مجموعة العشرين، يواصل تقديم الدعم الثابت لتعافي اقتصاد المملكة، لذا، ما زلنا نعتقد أنّ هذا الإنفاق السخي سيؤدّي إلى رفع معدّل نمو الاقتصاد الحقيقي إلى 3,9% خلال العام الجاري، بالمقارنة مع 0,6% خلال العام الماضي. وشهدت مشاركة القطاع الخاصّ في الاقتصاد عودة معتدلة تجلّت من خلال معدلات نمو المعروض النقدي والارتفاع المستمر، في معدلات نمو الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ على مدى الشهور الستة الأخيرة. وتُقدَّر القيمة الإجمالية للقروض المصرفية خلال النصف الثاني من العام الجاري والشهور الأولى من العام القادم، بنحو ثلاثة وسبعين مليار ريال سعودي. تركي بن عبدالعزيز الحقيل تأثير شهر رمضان: تُعدُّ المملكة من أكبر مستوردي المواد الغذائية، ومثّلت وارداتها من الحيوانات الحيّة والخضار والمواد الغذائية الأخرى 14.9% من مجمل وارداتها في عام 2009. لذا، تتأثر سوقها المحلية بتقلّبات الأسعار العالمية للسلع الأساسية وبالتغييرات التي تطرأ على أسعار صرف العملات الرئيسية، وفي الحقيقة، واصلت أسعار الأغذية في المملكة ارتفاعها خلال النصف الأوّل من العام الجاري، رغم انخفاض الأسعار العالمية للسلع الغذائية. فطبقاً للدليل الشهري لأسعار الأغذية الذي تصدره منظمة الأغذية والزراعة، انخفضت الأسعار العالمية للسلع الغذائية على مدى الشهور الستة الأولى من العام الجاري، بعدما ارتفعت على مدى ستة أشهر متتالية، في الوقت ذاته، أظهر مؤشّر صندوق النقد الدولي لأسعار المواد الغذائية أنّها انخفضت حتى يونيو بنحو 5%، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، في المقابل، استمر ارتفاع الأسعار الرسمية السعودية للمواد الغذائية التي رصدها مؤشّر غلاء المعيشة، إذ بلغ معدل ارتفاعها بين ديسمبر ويونيو 2,5%. وقد تشير هذه البيانات إلى وجود فارق زمني بين انخفاض الأسعار العالمية للمواد الغذائية وعملية خفضها في السوق المحلية، كما تشير إلى أنّ جزءاً كبيراً من تضّخم أسعار الأغذية في المملكة ناجم عن عوامل محلية ولا يقتصر على تكاليف الاستيراد، ولدى المملكة أيضاً نظام حرّ لاستيراد الأغذية يسمح لعدد كبير من الشركات المحلية بالعمل في هذا المجال، مع ذلك، تفتقر السوق المحلية للأغذية إلى المنافسة الحقيقية. فالعوامل الموسمية ودينامية الأسعار والسوق تدفع بعض تجار التجزئة السعوديين إلى التردّد في خفض أسعار سلعهم، عندما تنخفض أسعارها العالمية، والعكس بالعكس ففي أوقات تضّخم الأسعار العالمية للأغذية، لا يرفع هؤلاء التجار أسعار المواد الغذائية الرئيسية بسرعة. ولم يقتصر ارتفاع أسعار الأغذية على المملكة وحدها. ففي مارس، تجاوزت معدلات تضخم أسعار السلع الغذائية معدّلات التضّخم العامّ في دول الخليج العربية كافّة، باستثناء عمان. وبواقع 5.9%، سجلت الكويت أعلى معدلٍ لتضخم الأسعار المحلية للأغذية في منطقة الخليج. ليس هذا وحسب، بل إنّ تصحيحات أسعار العقارات تواصل تأثيرها في مؤشّرات أسعار المواد الاستهلاكية في هذه المنطقة، ففي قطر التي سجّلت انكماشاً في العام الجاري،تراجع مؤشّر الإيجارات والطاقة والوقود في يونيو بنسبة 14.5%. وبسبب حلول شهر رمضان في أغسطس وانتهائه في سبتمبر، قد يستمر المنحى التصاعدي لأسعار المواد الغذائية خلال هذين الشهريْن من العام الجاري. ففي العادة، ترتفع أسعار هذه المواد في شهر رمضان، لا سيما أسعار اللحوم والدجاج والخضار والفواكه. كما أنّ العوائل والشركات تحتفل بمناسبة عيد الفطر الذي يعقب انتهاء شهر رمضان، الذي يصوم فيه المسلمون يومياً من شروق الشمس إلى غروبها. بعد تحليل البيانات الرسمية، تجلى لنا أنّ أسعار الأغذية سجّلت ارتفاعاً سنوياً مفاجئاً في شهر رمضان. كما أنّ معدّلات التضّخم الشهري لأسعار الأغذية ارتفعت في شهر رمضان وخلال الشهر أو الشهريْن اللذين يسبقانه. ففي عام 2009، مثلاً، انخفض معدّل التضّخم بسرعة عندما تراجعت الأسعار العالمية للسلع، ما قلّص الضغوط التضخمية المفروضة على الأسعار المحلية وخفّض معدّل التضخم العامّ إلى النصف في تسعة أشهر، بعدما قفز إلى 11.1% في يوليو 2008. وتراجعت المعدّلات الشهرية للتضّخم العامّ بثبات خلال الشهور الستّة الأولى من عام 2009، لكنها ارتفعت في أغسطس وسبتمبر بنسبتيّ 1% و1.3%، على التوالي بسبب شهر رمضان. وسُجِّلت أيضاً اتّجاهات مماثلة في جميع السنوات الخمس السابقة. لذا، فإن العام الجاري مرشّح أيضاً لتسجيل ارتفاع في معدلات تضّخم الأسعار السعودية للأغذية خلال شهري يوليو وأغسطس. وارتفع معدّل التضّخم العام إلى 5,5% في يونيو حيث سجّل أعلى مستوى له في أكثر من سنة. وجاء ذلك بعدما ازدادت معدّلات تضّخم أسعار الأغذية والمشروبات في يونيو بنسبة 0,6% بالمقارنة مع مايو، وبعد شهريْن من التراجُع المستمر في أسعار السلع الغذائية. وتميل أسعار سلع عديدة، مثل الأرز واللحوم والدجاج والفواكه والخضار، إلى الارتفاع بشكل لافت قبيْل وأثناء شهر رمضان، بينما يُعزّز تجّار الجملة مخزناتهم من هذه السلع ويزداد الطلب عليها خلال نفس الفترة، ما يولّد أكثر الزيادات السعرية وضوحاً وثباتاً في أسعار لحم الضأن والفواكه والخضار، طبقا لبيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. في الماضي القريب، تقلّبت أسعار التجزئة للسلع الاستهلاكية وفق تقلبات أسعارها بالجملة. لكنّ هذه العلاقة ضعُفت بعض الشيء منذ عام 2008. فقد ظلّت أسعار الجملة ثابتة عملياً خلال عام 2009، ثم تراجعت في الربع الأول من العام الجاري، لكنْ خلال نفس الفترة، تجاوز مستوى مؤشّر أسعار التجزئة للأغذية مؤشّر أسعارها بالجملة، وإذا افترضنا أنّ مؤشّر أسعار الجملة يعكس أسعار المنتِج من حيث الجوهر، يمكن القول إنّ هناك تأخيراً في خفض أسعار التجزئة المفروضة على المستهلك، ففي الربع الثاني من العام الجاري، قدّمت شركة المراعي السعودية لإنتاج الألبان إلى المحللين توقّعات بزيادة صافي أرباحها الربعية بنسبة 19.5%، مع أنّ الشركة الأم لشركة المراعي، وهي شركة مجموعة صافولا، سجّلت انخفاضاً في صافي أرباحها. توقعات معتدلة بشأن الضغوط التضخمية للأسعار: نحن نستبعد أنْ يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى رفع معدّل التضّخم لأنّ معظم ضغطها التضخمي قابل للموازنة بفضل عدد من العوامل، لا سيما الانخفاض المستمر في معدّل تضّخم الإيجارات خلال العام الجاري، بالإضافة إلى استفادة المستوردين من فترات الارتفاع النسبي لسعر الدولار الأمريكي مقابل العديد من العملات الرئيسية الأخرى، الأمر الذي عزّز القوة الشرائية للريال السعودي خارج المملكة لأنه مرتبط بالدولار الأمريكي، لذا، نتوقع أنّ يبلغ معدّل التضخم العام في المملكة خلال العام الجاري 5.3% من 4.7% في توقع سابق، مع إمكانية تسجيل معدّل أعلى في حال ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات غير متوقّعة. تُشير تقديراتنا إلى أنّ الإنفاق العامّ لن يولّد ضغوطاً تضخّمية، وذلك بفضل نمو الطلب على القروض التمويلية وعلى اليد العاملة، كما تشهد المملكة منافسة شديدة بين تجّار السلع المستوردة التي انخفضت أسعارها مؤخراً بسبب فائض المعروض، إلى ما دون مستويات عام 2008، انخفضت تكاليف الهندسة والمشتريات والبناء بشكل كبير. ومثال على ذلك هو مشروع شركة ارامكو السعودية وتوتال الفرنسية للبتروكيماويات حيث انخفضت النسبة حوالي 30% إلى 40% ومشروع ينبع لتكرير النفط حيث انخفضت بنسبة 15% إلى 20% وأيضا مشروعات المتعلقة بشركة الكهرباء السعودية. مثّلت الإيجارات المحرّك الرئيسي للتضّخم في عاميّ 2007 و2008. ومع أنّ معدّل تضّخم الإيجارات لا يزال مرتفعاً، إلى أنّ مستواه السنوي انخفض إلى 9.2% في يونيو بالمقارنة مع 12% في ديسمبر. وخلال نفس الفترة، تضّخمت أسعار الأغذية والمشروبات بوتيرة سنويّة عالية بلغت 6.2% في يونيو، بعدما سجّلت 0.9% في ديسمبر. كما أنّ أسعار المواد الغذائية ارتفعت عموماً خلال السنوات الثلاث الماضية، ما دفع المواطنين، خصوصاً ذوي الدخل الثابت والمحدود، إلى إنفاق معظم مداخلهم على السلع الغذائية. ومع أنّ الإيجارات لا تزال المحرّك الأكبر للتضّخم في المملكة، إلا أنّ أسعار الأغذية قلّصت الفارق بينها في هذا المجال، وإذا استمرّ اتجاهها التصاعدي، فإنها قد تصبح المساهم الأكبر في التضّخم العامّ خلال الشهور القليلة المقبلة، وذلك للمرة الأولى منذ أواخر عام 2007 وهناك أيضاً بعض العوامل الخارجية القادرة على إبقاء معدلات التضّخم في المملكة تحت السيطرة. ففي الهند، وهي أحد المصدّرين الرئيسيين للمواد الغذائية إلى المملكة (خاصّة الأرزّ)، تشير التوقّعات المتعلّقة بمعدلات هطول الأمطار في أغسطس وسبتمبر إلى إمكانية حصول البلاد على محصول وفير من الأرز البسمتي والمحاصيل الأخرى، ما يبشّر بانخفاض أسعار المواد الغذائية في المملكة بعد رمضان. وازداد نصيب المملكة من صادرات الهند الزراعية بثبات خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع من 5.7% في السنة المالية 2006-2007 إلى 8.5% في السنة المالية 2008-2009، طبقاً لبيانات الهيئة الهندية لتنمية صادرات المنتجات الغذائية الزراعية الخام والمُعالجة، المتعلّقة بنفس الفترة الآنفة الذكر. وتشير هذه البيانات أيضاً إلى أنّ قيمة الصادرات الزراعية الهندية إلى المملكة ارتفعت بنسبة 150% خلال تلك الفترة. وفي عام 2009، شهدت الهند أسوأ موجة جفاف في أربعة عقود تقريباً، ما ألحق أضراراً كبيرة بتجّار التجزئة السعوديين الذين استفادوا حتى نهاية العام الماضي من الدعم الحكومي للأرز، الذي دام سنتيْن وبلغ حوالي 900 مليون ريال سعودي في كل منهما. بدأ هذا الدعم الحكومي في عام 2007، عندما سجّلت أسعار الأغذية في المملكة طفرة كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية وضعف الدولار الأمريكي. وفي عام 2009، استوردت المملكة وهي من أكبر مستوردي الأرز في العالم ما قيمته 13.09 مليار ريال سعودي من السلع الغذائية الهندية (3.6% من إجمالي الواردات السعودية و11.7% من واردات المملكة من آسيا). أما الهند، ثاني أكبر منتجي الأرز في العالم بعد الصين، فقد أنتجت حوالي 20% من محصول الأرز العالمي في العام الماضي حيث مثل الأرزّ 7.2% من صادراتها. على صعيد الدول المستوردة للسلع الغذائية، مثّلت واردات المملكة من الأرز 3.1% من إجمالي واردات العالم من هذه السلعة في عام 2009، و7% من واردات العالم من الأرز الآسيوي. تتوقّع منظمة الفاو لمراقبة سوق الأرزّ أنْ تنخفض واردات المملكة من الأرزّ إلى 840 ألف طنّ في عام 2010، بالمقارنة مع 900 ألف طنّ في العام الماضي ومليون طنّ في عام 2008. وأرجعت المجموعة هذه الانخفاضات إلى قرار الدولة السعودية القاضي بوقف الدعم الحكومي للأرز الذي يبلغ ألف ريال سعودي لكلّ طنّ متري. لكنّ أسعار الأرز تراجعت بشكل ملحوظ عن المستويات القياسية المرتفعة التي سجّلتها من عام 2008 إلى أوائل عام 2009، الأمر الذي قد يخفّف ضغوطها التضخّمية. ولئن سجّلت أسعار الأرز البسمتي الهندي طفرتيْن صغيرتيْن في يوليو، إلا أنها ظلت عموماً أدنى بكثير من مستوياتها في أوائل عام 2009. ولوحظ نفس الاتجاه في باكستان حيث بلغ سعر طن الأرز 760 دولاراً في يونيو، بالمقارنة مع 1,100 دولار قبل سنة و880 دولاراً في مارس، طبقاً لبيانات منظمة الفاو، أما روسيا التي وفّرت 0.7% من واردات المملكة في العام الماضي، فإنها تواجه أسوا موجة جفاف منذ أكثر من قرن، الأمر الذي سيكون له انعكاسات جدّية على محصولها من القمح. في المقابل، تتوقع البرازيل التي وفّرت 2.5% من واردات المملكة في العام الماضي أن ينمو محصولها في موسم 2010 -2011 بنسبة 30%. لا ريب في أنّ موجة الجفاف التي تجتاح ثلاثاً من الدول العشر الأوائل في مجال تصدير الحنطة، هي روسيا أوكرانيا وكازاخستان، ستؤثّر سلباً على الإمدادات والأسعار العالمية للقمح. كما أنّ الحرائق الهائلة التي تشهدها روسيا منذ فترة دمّرت المحاصيل وأدت إلى ارتفاع الأسعار ودفعت المحللين إلى الاعتقاد بأن إنتاج القمح الروسي في موسم 2010-2011، قد ينخفض بنسبة 27%. وتتمثل العوامل البعيدة المدى التي ستسهم في رفع أسعار السلع الغذائية بالتغييرات التي تطرأ على العادات الغذائية في الدول النامية، بالإضافة إلى معدّلات النمو السكاني وانحسار الأراضي الصالحة للزراعة. ومع أنّ أسعار السلع الأساسية، مثل الأرز، قد تُرفع بصورة مُصطنعة في شهر رمضان لاستغلال نمو الطلب عليها، إلا أنّنا نستبعد أنْ تُسجّل أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور الأخيرة من العام الجاري، إلا في حال حدوث نقص كبير في إمدادات الأسواق العالمية في المدى القريب. السياحة مرشّحة للانتعاش: من المتوقع أن تُعزّز السياحة الدينية في شهر رمضان مجمل النشاط السياحي خلال الربع الثالث من العام الجاري، نظراً إلى أعداد المسلمين الضخمة التي تقصد مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة في هذا الشهر، ويتوقع المركز السعودي للمعلومات والأبحاث السياحية أن يزداد إشغال الفنادق المحلية من جانب السياح الأجانب خلال الربع الثالث بنسبة 10% ليصل إلى 26.2 مليون ليلة، كما يتوقع أن يزداد إنفاق هؤلاء السياح بنسبة 8.3% ليصل إلى 5.2 مليار ريال سعودي. وتشير التوقعات أيضاً إلى أنّ إشغال الفنادق من جانب السياح المحليين سيرتفع بنسبة 6% ليصل إلى 79.5 مليون ليلة، وأنّ هؤلاء السيّاح سينفقون 13.2 مليار ريال سعودي في الربع الثالث، أيْ بزيادة نسبية قدرها 3.9% بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وتوقّع المركز السعودي للمعلومات والأبحاث السياحية أن يزداد أيضاً عدد الليالي التي سيقضيها السياح السعوديون في الخارج خلال الفترة الممتدة من يوليو إلى سبتمبر بنسبة 14.8%، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي ليصل مجموعها إلى 18.6 مليون ليلة؛ بينما سيزداد إنفاقهم بنسبة 16% ليصل إلى5.8 مليار ريال سعودي. أسعار النفط وارتفاع معدّل الإنتاج النفطي: لا يزال سعر النفط أهمّ معيار لقياس مدى قوّة الاقتصاد السعودي لأن المملكة تحصل على نحو أربعة أخماس إيراداتها السنوية، عبر تصدير النفط الخامّ. وعلى الرغم من بعض الانخفاضات القصير الأمد في أسعار النفط خلال شهر مايو نتيجةً لأزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو وسياسة تفادي المخاطر، ظلّت أسعار النفط قويّة خلال العام الجاري حيث تعدى متوسّط سعر برميل النفط الخمسة وسبعين دولاراً. وبين يناير ونهاية يوليو، بلغ هذا المتوسّط ثمانية وسبعين دولاراً. خلال العام الجاري، جاءت الزيادة الأكبر في الطلب على النفط من الصين التي يُتوقّع أنْ ينمو طلبها على النفط خلال العام الجاري بمعدّل 5.5%، بينما يُتوقّع أن ينمو طلب الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية والدول الآسيوية الأخرى جميعاً بمعدلات تزيد عن 2%، طبقاً لتقديرات منظمة أوبك. وتعود هذه الاتجاهات بالنفع على المملكة التي تُعدُّ مصدّراً رئيسياً للنفط الخامّ إلى آسيا؛ كما أنها توضح سبب الارتفاع التدريجي في مستويات الإنتاج النفطي السعودي خلال العام الجاري. وفي عام 2009، بلغت صادرات النفط السعودية إلى آسيا 144% من مستواها في عام 2003، وأصبحت تمثّل حالياً 59% من مجمل الصادرات النفطية للمملكة بالمقارنة مع 50% في عام 2003. الاستثمار في الزراعة: دقّت أزمة المواد الغذائية العالمية التي نشبت في عام 2008، ناقوس الخطر بالنسبة للمملكة التي تعتمد على استيراد نحو 70% من احتياجاتها الغذائية؛ الأمر الذي يجعلها شديدة التأثّر بتقلبات الأسعار العالمية للسلع الغذائية وبنقص معروضها في الأسواق العالمية. وازداد اعتماد المملكة على استيراد السلع الغذائية بعدما بدأت بتنفيذ خطة وقف إنتاج بعض المحاصيل التي تستهلك المياه بصورة مكثّفة، وذلك بعد عقود من استنزاف مواردها المائية غير المتجدّدة. وتحتاج المملكة إلى استيراد حوالي 2,7 مليون طنّ من القمح سنوياً، علماً أنّ هذه الكمية ستزداد لأنّ إنتاجها المحليّ من القمح سيتراجع. كما تحتاج المملكة إلى استيراد ما بين 800 ألف ومليون طنّ من الأرز و6,3 مليون طنّ من الشعير (حوالي 45% من إجمالي صادرات الشعير العالمية). وتبلغ الكمية الإجمالية من مختلف الأعلاف التي تحتاج المملكة إلى استيرادها سنوياً حوالي أربعة عشر مليون طنّ. وطبقاً للمجلس الاقتصادي الأمريكي السعودي، ظلّت المملكة، للمفارقة، مُصدّراً صافياً للقمح حتى عام 2008، مع أنها من أفقر دول العالم بالموارد المائية المتجدّدة. ولمواجهة تحديات نضوب الموارد المائية والنقص العالمي في المواد الغذائية، أُطلقت مبادرة الملك عبد الله الزراعية لخفض إنتاج القمح المحلي بنسبة 12,5% سنوياً إلى حين إلغاء هذا الإنتاج تماماً بحلول عام 2016. وفي يناير 2009، دخلت مبادرة مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي حيّز التنفيذ. وتمّ دعم هذه المبادرة بصندوق استثماري عامّ يبلغ رأس ماله ثلاثة مليارات ريال سعودي، وتهدف المبادرة إلى تعزيز الأمن الغذائي السعودي على المدى البعيد من خلال تمكين الشركات السعودية الخاصّة من الاستثمار في مشروعات زراعية في دول أجنبية، تتمتع بإمكانات زراعية أفضل من تلك المتوافرة في المملكة، مثل إثيوبيا وتركيا وفيتنام ومصر أوكرانيا والسودان. وتتطلّع المملكة من خلال هذه المبادرة إلى ضمان توفير احتياجاتها من السلع الغذائية الأساسية، مثل السكّر والأرزّ والقمح والشعير وحبوب الصويا والذرة الصفراء، وأعلاف الماشية والحيوانات الأخرى. لكنْ نظراً إلى حجم الاستثمارات اللازمة، قد يحتاج الصندوق الداعم لهذه المبادرة إلى مزيد من الأموال لكي يتمكن من تحقيق الهدف المُعلن والمتمثّل ببناء احتياطي استراتيجي من السلع الأساسية، كافٍ لتفادي أيّ أزمة غذائية مستقبلية. وفي الحقيقة، يمثل القمح أكبر محاصيل كازاخستان التي تُعدّ سادس مصدّر للقمح في العالم. لكنّ خصوبة أراضيها الزراعية تراجعت إبّان الحقبة السوفيتية، الأمر الذي يواصل تأثيره السلبي في الإنتاجية الزراعية للبلاد حتى اليوم. ومع أنّ أوكرانيا توفّر فرصاً للإنتاج الزراعي (الشعير والقمح)، إلا أنها لا تختلف عن كازاخستان من حيث التحديات التي ينبغي على المستثمرين المحتملين أنّ يواجهوها بسبب مشكلات الحكومة والبنية التحتية والشفافية. كذلك الأمر، قد يتمتع السودان بإمكانات زراعية ضخمة لكنْ ينبغي عدم إغفال تحديات البنية التحتية والاستقرار الداخلي والصراع على موارد نهر النيل. لقد اجتذبت تركيا المستثمرين الأجانب بفضل أداء اقتصادها الكليّ واستقرارها السياسي والتقدّم الكبير الذي أحرزته في مجال حكم القانون. وبدأ الإنتاج المحلي التركي للقمح أولاً في جنوب شرق تركيا ثمّ امتد إلى مختلف أنحاء البلاد. مع ذلك، تُعدّ تركيا مستورداً تقليدياً للقمح الروسي. ومع أنّ تركيا لا تعاني من ضعف المحاصيل بسبب الجفاف، إلا أنها تعاني من مشكلة غياب أي تسوية قانونية لاستغلال مياه دجلة والفرات من جانب الدول التي يمرّ بها هذان النهران: تركيا وسوريا والعراق. وتكمن جاذبية فيتنام في قدرتها على إنتاج الأرز؛ فهي ثاني مصدّر للأرزّ في العالم بعد تايلاند. وتُعدّ فيتنام من أكثر الاقتصاديات الآسيويّة انفتاحاً ومن أسرع الاقتصاديات نمواً في العالم. أما إمكانات مصر الزراعية، فهي محدودة بسبب قلّة أراضيها الصالحة للزراعة ونموّ سكانها وسوء استخدامها لمواردها المائية. ولا تستطيع مصر إنتاج أصناف الأرز والحبوب التي تحتاجها المملكة. أخيراً، تتمتع إثيوبيا بإمكانات زراعية هائلة لكنها تحتاج إلى استثمارات ضخمة في بنيتها التحتية، بالإضافة إلى إعادة تنظيم قطاعها الزراعي بصورة أفضل. ومن دواعي السخرية حقيقةُ أنّ إثيوبيا توصف، في الغالب، بأنها "أغنى دول شرق إفريقيا بالمياه" لكثرة الأنهار (14 نهراً كبيراً) التي تنبع من أراضيها. ويبدو أنّ تطبيق مبادرة الاستثمار الزراعي في الخارج لن يكون سهلاً لأنّ مثل هذه الاستثمارات يخضع لاعتبارات سياسية، في الغالب، ولأنّ الأطراف المحليّة قد تعتبر المستثمرين الخليجيين كَ"مالكين محتملين لأراضيهم". كما أنّ بعض دول إفريقيا جنوبي الصحراء تتحوّل بشكل دوري إلى مستوردين صافين للأغذية، الأمر الذي يُعزز مخاطر الاستثمار في مشروعاتها الزراعية، لا سيما في ظلّ التحوّلات المناخية الحادّة التي يشهدها العالم (إذ سَجّل العالم مستوى قياسياً مرتفعاً خلال النصف الأول من العام الجاري). في الوقت ذاته، قد تحتاج الشركات الخاصّة إلى دعم الحكومات المحليّة لتطوير البنى التحتية. إذ تُقدِّر منظمة الفاو أنّه إلى جانب اعتمادات الميزانيات العامة المخصصة لقطاعات الزراعة، ستحتاج الدول النامية إلى استثمار ما مجموعه 209 مليارات دولار سنوياً في الزراعات الأساسية والخدمات المرتبطة بها، لكي تتمكن من تلبية احتياجات العالم من السلع الغذائية في عام 2050. انتعاش النشاط التجاري: نمت الصادرات غير النفطية أيضاً لأنّ الطلب الآسيوي على المنتجات البتروكيماوية ازداد. وتظهر بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أنّ الصادرات غير النفطية نمت في مايو بمعدّل 23.4% بالمقارنة مع مستويات أبريل، لأنّ صادرات البتروكيماويات والبلاستِك نمت بمعدل 26.3%. كما ارتفعت قيمة الواردات في مايو بمعدل 15.6% بالمقارنة مع مستويات الشهر السابق مدعومةً بنمو واردات مستلزمات الشحن البحري بنسبة 25%. وازدادت ضغوط العملة على الواردات قليلاً في يوليو لأنّ الدولار فَقَدَ جزءاً من المكاسب التي كان قد حققها مقابل اليورو والعملات العالمية الأخرى لكنْ هناك تأثير متأخّر سيشهده سوق الواردات خلال الشهور المقبلة. وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي، الذي يرتبط به الريال السعودي، بثبات بين ديسمبر ويونيو، ما خفّض تكاليف الواردات وعزز القدرة الشرائية للسعوديين في الخارج. لكنّ استمرار ضعف الدولار في النصف الثاني من العام الجاري قد يزيد فاتورة الواردات السعودية وقد يرفع معدّل التضّخم بشكل طفيف فقط؛ إذ نستبعد حدوث أي تداعيات ملحوظة على هذا الصعيد. من المستبعد أنْ تتغير سياسة أسعار الفائدة خلال الجزء المتبقي من العام الجاري، فمؤسسة النقد العربي السعودي لم تُغيّر سعرها الرسمي لفائدة اتفاقيات إعادة الشراء منذ يناير 2009، ولم تغيّر سعرها الرسمي لفائدة اتفاقيات إعادة الشراء العكسي منذ يونيو 2009، كما نتوقّع أن تستمر مؤسسة النقد العربي السعودي في هذه السياسة حتى نهاية العام الجاري، ما لم يُسجَّل ارتفاع كبير في معدّل التضّخم العامّ.وبما أنّ تكاليف معظم الواردات السعودية تُدفع بالدولار الأمريكي، فإن معدلات التضّخم لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة تساهم، عموماً، بالجزء الأكبر من التضخّم المستورد. لكنْ في المرحلة الراهنة، لا تثير معدّلات التضّخم لدى هؤلاء الشركاء نفس القدر من القلق الذي أثارته في عاميّ 2007 و2008. ونظراً إلى تدنّي معدلات نمو المعروض النقدي وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي إلى ما دون مستوياتها المعهودة، فإنّ معدّلات التضخم الحالية أكثر ثباتاً وأقل تحفيزاً للنمو الاقتصادي من مستوياتها السابقة. ظلت أسعار فائدة الاقتراض بين البنوك ثابتةً عملياً منذ شهور عديدة. وأبقت مؤسسة النقد العربي السعودي أسعار الفائدة الرسمية منخفضةً انسجاماً مع سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وسعياً منها لإرغام البنوك السعودية الخاصة المُتخمة بالسيولة على إقراض فوائضها المالية، بدلاً من الاحتفاظ بها؛ وهو ما دأبت على القيام به منذ سنوات. ورفعت البنوك السعودية قيمة أصولها الخارجية بنسبة 13.2% منذ يناير، بينما انخفضت ودائعها القصيرة الأمد لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بنحو 25% خلال نفس الفترة. ولئن بدأت البنوك بتوسيع نشاطها الائتماني، إلا أنها لا تزال شديدة الحذر بسبب مشكلات القروض المتعثّرة التي ظهرت في عام 2009، مع أنّ نسبة القروض المتعثّرة إلى إجمالي القروض في المملكة أدنى بكثير من نظيراتها في دول الخليج الأخرى وبقية العالم. مع ذلك، ارتفع معدّل نمو القروض المصرفية الممنوحة إلى المستهلكين في الربع الثاني إلى نحو 10%، بعدما بلغ 7.2% خلال الربع الأول.وارتفع معدّل نمو القروض التي قدّمتها البنوك الخاصة إلى قطاعيّ المرافق والرعاية الصحية في الربع الثاني إلى 38%، بينما نما حجم القروض المصرفية الممنوحة إلى قطاعيّ النقل والاتصالات بمعدّل 9.6% وإلى قطاعيّ النفط والغاز بمعدّل 17.7%، طبقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي. ومع أنّ الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاصّ تحسّن، إلا أنّ الودائع المصرفية نمت بمعدلات أكبر، ما أدى إلى انخفاض نسبة القروض إلى الودائع في يونيو إلى 80.5% بالمقارنة مع 87% في مطلع عام 2009، و90% في أواخر عام 2008. لكنّ التقاء نمو الاقراض المصرفي مع أسعار النفط القوية والتوسيع المعتدل لمشاركة القطاع الخاصّ في الاقتصاد، يدفعنا إلى الاعتقاد بأنّ أداء الاقتصاد الكلّي السعودي خلال النصف الثاني من عام 2010، سيكون أفضل من الأداء الذي سجّله خلال النصف الأوّل من العام الجاري. الاستثمارات الأجنبية المباشرة قوية رغم الركود الاقتصادي في عام 2009: في عام 2009، تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي اجتذبتها المملكة بنسبة 7% من مستواها القياسي المرتفع الذي سجّلته في عام 2008، لكنّها ظلّت أعلى بكثير من مستوياتها التقليدية، طبقاً لتقرير 2010 حول الاستثمار العالمي الذي أصدره مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية في يوليو. كما ازدادت استثمارات المملكة المباشرة في الخارج وبلغت 6.53 مليار دولار، أي أكثر من أربعة أضعاف حجمها خلال السنة السابقة. كما توقّعنا أنْ تسجّل المملكة انخفاضاً أكبر في الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إليها خلال العام الماضي، لأنّ معدّل نموها الاقتصادي تراجع إلى 0.6%. وتمثّل المحرّك الرئيسي للنمو في المملكة خلال عام 2009، بالتمويل الرسمي، لا الخاصّ، للمشروعات، خصوصا أنّ شُحّ السيولة العالمية قلّص فرص التمويل الخارجي للمشروعات التنموية. واستبعد مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية أنْ ينهار قطاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ففي عام 2008، ساهمت صناعتا البتروكيماويات وتكرير النفط والعقارات بمعظم النمو الاقتصادي السعودي حيث اجتذب القطاع الأول من الاستثمارات 57% أكثر مما اجتذبه في العام السابق واجتذب الثاني أربعة أضعاف ما اجتذبه في العام السابق. لكنّ موقع المملكة الفريد في مجموعة العشرين بفضل تمكّنها من خفض الدين العام وامتلاكها أصولاً خارجية ضخمة، جعلها تبرز بين دول المنطقة كوجهة معقولة ومفضّلة للاستثمارات. كما أنّ أسعار النفط الخامّ في عام 2009، ظلّت أعلى من مستويات عام 2005. وبسبب تعزيز الدولة السعودية لدورها في تمويل المشرعات في عام 2010، بدلاً من تقليصه، قد يسجّل تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة انخفاضاً جديداً خلال العام الجاري. فقد انسحبت شركة كونوكو فيليبس ConocoPhillips من مشروع لبناء مصفاة ضخمة لتكرير النفط، فيما ألغت أرامكو السعودية وداو كيميكالDow Chemical خطة بناء مصفاة أخرى. وبعد الإخفاق في إثارة الاهتمام الكافي لدى القطاع الخاص، طلبت الحكومة السعودية من شركة أرامكو مؤخراً أن تبدأ ببناء مصفاة جيزان. ومن شأن هذه الأحداث وسواها أنْ تُقلّص حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى المملكة خلال العام الجاري. في المقابل، حافظت سوق العقارات السعودية على استقرارها رغم التصحيحات السعرية الحادّة التي شهدتها الإمارات العربية المتحدة وقطر المجاورتيْن مما عزز قدرة المملكة على اجتذاب الاستثمارات. هنا، نوصي بأنْ تتخذ المملكة مزيداً من الخطوات الكفيلة بتحسين المناخ الاستثماري بالنسبة لرأس المال المحلّي والأجنبي، على حدٍّ سواء.