توقّع اقتصاديون أن يتراجع نمو الناتج المحلي (أسعار السلع والخدمات) خلال العام الحالي بسبب الأزمة المالية العالمية، والتي ألقت بظلالها على أسعار النفط التي هوت إلى معدلات متدنية، واستقرت فوق 40 دولاراً للبرميل، وهو رقم بعيد عما تراه السعودية سعراً عادلاً للبرميل. وكرّر وزير البترول والثروة المعدنية المهندس إبراهيم النعيمي في اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الأخير في فيينا: «سعر برميل النفط المثالي يتراوح بين 60 و75 دولاراً للبرميل». وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري إن معدل النمو المتوقع للاقتصاد السعودي سيشهد تراجعاً طفيفاً خلال العام الحالي، وقد يسجل 3.9 في المئة، وفي حال صعود أسعار النفط فمن المرجح أن يبلغ 4.3 في المئة، وهو معدل نمو أعلى من المسجل العام الماضي والبالغ 4.2 في المئة. واستند العمري في توقعه إلى الدور القوي المتوقع أن تضطلع به السياسة المالية عبر زيادة ضخها المباشر في الاقتصاد المحلي، مشيراً إلى تأكيد خادم الحرمين الشريفين نهاية العام الماضي أمام قمة العشرين باستمرار الإنفاق في المملكة، وهو ما سيؤدي إلى رفع مساهمة الإنفاق الحكومي في الاقتصاد المحلي إلى مستويات نسبية قريبة من 40 في المئة، وهي النسبة التي ستكون الأكبر منذ 2001، كمواجهة استباقية مشروعة لأي توقعات مرتقبة بانكماش الاقتصاد بوجه عام، أو انكماش مساهمة القطاع الخاص في النمو. وعن تأثير أسعار النفط في معدلات النمو قال: «لا شك أن دوره محوري، فقد كان ولا يزال المساهم الأكبر في خلق الاحتياطات والوفورات المالية الضخمة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني، وجاء وقت الحاجة إليها لمواجهة أعباء وتحديات الركود أو الكساد الاقتصادي العالمي، كما أنه المورد الأول المعتمد عليه لأجل تلبية متطلبات التنمية المستدامة كون اقتصادنا لا يزال هشاً من ناحية التنوع الإنتاجي، الذي يكفل بدروه تنوعاً في مصادر الدخل، ولهذا فليس مبالغاً القول أن النفط بالنسبة للاقتصاد السعودي ودول مجلس التعاون الخليجي يمثل سنام النمو الاقتصادي». وعن تأثير تراجع معدلات التضخم في النمو قال العمري: «إن تراجع التضخم بالتأكيد سيكون إيجابياً إلى أبعد الحدود، وسينعكس ذلك على مستويات الدخل الحقيقي للأفراد من خلال ارتفاع الدخل المتاح للإنفاق منهم، ومن ثم زيادة الإنفاق الاستهلاكي محلياً، بما يسهم في زيادة الطلب المحلي للاقتصاد الوطني». وأضاف أن انخفاض التضخم سيكون إيجابياً بالنسبة إلى القطاع الخاص، في ما يختص بتراجع فاتورة تكاليف الإنتاج والتشغيل، والتي بدورها قد تكون ورقة رابحة مهمة جداً في مسألة زيادة هامش الربحية للقطاعات الإنتاجية، وبخاصةً في ظل الأزمة الراهنة التي قد تتسبب في حدوث صعوبات كثيرة للشركات والمؤسسات الخاصة، تتمثل في عدم قدرتها على زيادة مبيعاتها وإيراداتها. وأوضح أن زيادة هامش الربح سيسهم بصورةٍ كبيرة في زيادة القيمة المضافة للاقتصاد ككل، ومن هنا يستمد الاقتصاد قوته وحيويته ممثلة في تحقيقه لمعدلات نمو حقيقية مقبولة. من جهته، قال الخبير الاقتصادي خالد الحارثي إن الناتج العالمي بشكل عام معرض للانخفاض وذلك بسبب الأزمة المالية العالمية، وذلك بسبب انخفاض الطلب على النفط بشكل عام، ما سيؤدي إلى خفض الانتاج. وأضاف أن الدول المصدرة للنفط تعد من أكثر المتضررين من هبوط أسعار النفط، والسعودية في مقدمهم، نظراً إلى أنها الأولى في حجم الانتاج والتصدير، ولكن بشكل عام فإن صندوق النقد الدولي، دأب في تقاريره على التأكيد بأن دول الخليج العربي ستكون أقل الدول تأثراً بالأزمة العالمية. من جهته، قال مستشار مصرفي لأحد البنوك الكبرى في السعودية إنه مقارنة بالعام الماضي فإن الناتج المحلي سينخفض بسبب الأزمة العالمية التي أثرت بدورها في الطلب على النفط، الذي أثر في السعودية، نظراً لانخفاض الإنتاج والسعر. وعن تأثر الناس بانخفاض الناتج المحلي قال: «لا، لأن الحكومة لديها فائض كبير، والإنفاق الحكومي لم يتأثر، ولا يزال على وتيرته، وسيكون انخفاض التضخم في مصلحة المواطنين نظراً إلى زيادة القوة الشرائية لهم».