أجمع شبان وفتيات سعوديون على أن تدني الأجور في المهن المطروحة لتوطين وظائفها والتخوف من نظرة المجتمع السلبية لبعض المهن وفترات الدوام الطويلة هي معوقات تتسبب في عدم اقبالهم على العمل في تلك الوظائف. وقال هؤلاء في حديثهم ل?"الحياة"إن الرواتب المطروحة من جانب وزارة العمل للسعودة لا تتجاوز 2000 ريال في متوسطها لكل مهنة، الأمر الذي يجعلها أعمالاً غير محفزة مالياً. وترى فتيات سعوديات أن الالتحاق ببعض المهن المطروحة للسعودة أمر أكثر تعقيداً، ويقلن إنهن يرفضن العمل بسبب مواعيد الدوام التي لا تتناسب وظروف عوائلهن أو لطبيعة العمل المعروضة غير الملائمة لهن، في حين تؤكد أخريات أن عدم وجود حاضنات لأطفالهن في مواقع العمل يصعّب من إمكان دخول مهن كثيرة، بجانب عدم توافر المواصلات للكثيرات منهن. وبحسب الوظائف المطروحة من وزارة العمل لسعودتها خلال السنوات الماضية والتي تشكل سعودتها مشكلة امام اصحاب المنشأة التجارية وطالبي الوظائف نجدها تشمل محال بيع الملابس النسائية والأطفال، محال بيع الأقمشة النسائية والرجالية، محال بيع الملابس الرجالية، محال بيع ألعاب الأطفال، محال بيع العباءات النسائية، محال بيع لوازم الخياطة، محال بيع العطارة، محال بيع العود، ومحال بيع العطور. كما تشمل محال بيع الزهور والهدايا، محال بيع البضائع المخفضة، ومحال بيع المفروشات، محال بيع الأحذية، محال بيع الساعات، الأكشاك والفتحات في المجمعات التجارية، محال القرطاسية، المقاصف المدرسية الأهلية والحكومية، محال بيع الهواتف والجوالات وأجهزتها، محال بيع الدواجن المبردة، محال المناسبات للتأجير، محال بيع أدوات زينة السيارات، محال بيع قطع غيار السيارات، محال بيع الخيام، محال بيع الدهانات والبويات، محال بيع مواد البناء والسباكة. وأوضح صاحب منشأة صغيرة تعمل في مجال الحدادة خالد العتيبي ل?"الحياة"أن تدني نسبة الأرباح تقف عائقاً لديه أمام توظيف كثير من الشباب، إذ يبلغ متوسط الأرباح الشهرية ما بين 2000 و 4500 ريال، ونحن منشأة صغيرة ومواردنا المالية محدودة. وأشار إلى أن كثيراً من المنشآت الصغيرة لا تتعدى نسبة الربح فيها 3000 ريال، وهذه الأرباح تُدفع منها قيمة الإيجارات وفواتير الهاتف والكهرباء والماء والمصروفات الأخرى. وأضاف"ان المتبقي من تلك الارباح لن يكفي لدفع اجور عمالة سعودية، والتي لا تقل رواتب الفرد منهم عن 1500 ريال شهرياً، مؤكداً أنه السبب الرئيس الذي يجعل كثيراً من المنشأت الصغيرة والمتوسطة لا تستطيع تأمين الراتب الذي يتناسب مع مجهود العمالة السعودية والشاب السعودي كي يغطي متطلباته يطلب راتباً شهرياً يتراوح ما بين 1500 و 2500 ريال. ويتفق معه صاحب محل بيع أجهزة هاتف محمول عبدالله سعود بقوله:"سبق أن وظفت أحد الشباب لدي لمدة ثلاثة أشهر، لكن لم استطع زيادة راتبه ومنحه الراتب الذي وعدته به لعدم قدرتي على ذلك". وأضاف:"كانت النتيجة انه ترك العمل ليبحث عن فرصة عمل أخرى براتب أفضل، بسبب طول فترات الدوام، وعدم استطاعتي زيادة راتبه الذي يبلغ 1000 ريال، بسبب انخفاض مستوى إيراد المحل. ويرى محمد بن زاحم وهو صاحب منشأة تجارية متوسطة أن مشكلة التمويل عند إنشاء منشأة صغيرة، وتدني مستوى الارباح في تلك المنشأت يعوقان توفير وظائف برواتب جيدة للشبان السعوديين. وقال:"هذا بجانب عدم رغبة كثير من الأسر في عمل أبنائها في بعض الوظائف المهنية مثل السباكة والحدادة وحتى بائع تجزئة وغيرها". وأضاف"أحياناً يترك الشاب العمل نتيجة لعدم قدرة صاحب المنشأة على توفير حاجته من راتب معقول، يكفي متطلباته كشاب سعودي، إضافة إلى أن عدم وجود بدلات للمواصلات والسكن والعلاوات تمثل مشكلة أمام الشاب الذي يبحث عن الأفضل. وقال مدير الموارد البشرية وشؤون الموظفين في شركة التموين العربي التجارية خالد أبوهليّل ل?"الحياة":"إن السبب الرئيس في تسرب الشبان السعوديين من وظائف القطاع الخاص هو عدم استيعاب المشرفين في مجال الاعمال التجارية خصوصاً مجال الموارد البشرية لدورهم المهم والمباشر في انجاح الموظفين لديهم". وأضاف"لابد من اقتناع مشرفي التوظيف في المؤسسات بدورهم في استقطاب الشبان السعوديين وتوجيهم وتدريبهم على العمل ودعمهم بشكل جيد، بهدف ضمان ولائهم للمؤسسة والشركة، والبعد عن أساليب الضغط والتسلط على الموظف الجديد، وذلك بالمطالبة بالانتاج الجيد والعمل من دون تدريبه وتوجيه". وفي السياق ذاته، أوضحت دراسة قامت بها دار الدراسات الاقتصادية أن 28 في المئة من الفتيات عاطلات بسبب ظروف العمل ومواعيده التي لا تتناسب مع ظروف عائلاتهن، في ما بلغت نسب الرافضات للعمل بسبب التعامل المباشر مع الرجال نسبة 27 في المئة. وأوضحت الدراسة أن 19 في المئة من الفتيات يقلن إن طبيعة العمل المعروضة عليهن غير ملائمة لطبيعة المرأة السعودية في حين ترفض 15 في المئة منهن العمل لعدم وجود حضانة خاصة لأطفالهن في مواقع العمل . وطالب عدد من خريجات الجامعة من العاطلات عن العمل منذ سنوات، في حديثهن ل?"الحياة"، بالتوسع في مجالات العمل للمرأة السعودية، ورأين أن التوسع في فرص العمل للمرأة السعودية أصبح اليوم ضرورة حتمية لمواجهة الأعباء الاقتصادية للأسر، خصوصاً مع ارتفاع كلفة المعيشة في السنوات الأخيرة. وطالبن القطاع الخاص بإعطائهن الفرصة للعمل في مجالات تراعي الخصوصية الاجتماعية والدينية في السعودية. وقالت إحدى الخريجات السعوديات هدى محمد:"تخرجت في جامعة الملك عبدالعزيز منذ عام 2000، وتقدمت لوظائف عدة في قطاعي التعليم والصحة، ولم أحصل على أية وظيفة". وأضافت أن السبب في عدم حصولها على وظيفة إلى الآن هو وضع مؤسسات وشركات القطاع الخاص عدداً من الشروط التعجيزية، خصوصاً تلك الموضوعة من المؤسسات التعليمية والصحية للحصول على وظيفة. أما نهلة السليمان والحاصلة على"بكالوريوس علم اجتماع"فعلقت على الموضوع بقولها:"عندما تخرجت من الجامعة كانت لدي طموحات وآمال كبيرة لكنني صدمت للأسف بالواقع الذي تعيشه مئات الخريجات من قسمي بالذات". وأضافت:"ليست هناك وظائف تذكر تتناسب مع أعداد الخريجات من قسمي أو من اقسام اخرى"، مشيرة إلى أنها لم تترك مدرسة أهلية في مدينة جدة إلا قدمت لها أوراقها، من دون نتيجة. وقالت:"الردود التي كنت اتلقاها من مسؤولات التوظيف كانت بطريقة غير مباشرة، اننى غير جديرة بتلك الوظائف، واتمنى فتح مجالات جديدة لعمل المرأة السعودية، حتى نتمكن من إثبات ذاتنا ونقول لمجتمعنا إننا جادات في العمل، خلافاً لما هو متعارف عليه في مجتمعنا". أما سجى السالم وهي خريجة معهد ثانوي فني، فقالت إنها تفضل البحث عن عمل مناسب لميولها، مشيرة إلى أنها تود العمل في أحد المصانع التي توفر فرص عمل للنساء بوجة العموم ومجال الأغذية بوجه الخصوص. أما منال الثبيتي وهي خريجة كلية العلوم فتري أن نسبة البطالة لدينا في السعودية عالية، خصوصاً عند الفتيات، وقالت:"لا يمكننا حلها إلا بإيجاد فرص عمل جديدة للمرأة السعودية، بجانب الوظائف التقليدية التي وضعت المرأة في إطار معين خلال السنوات الماضية". وتشاركها الرأي فاطمة عسيري التي تخرجت في كلية التربية للاقسام العلمية قسم رياضيات منذ ثلاث سنوات بقولها:"منذ تخرجي وأن أبحث عن وظيفة في مجال التعليم، وللاسف لم اجد فرصتي بعد في هذا القطاع". وأضافت:"كلى أمل في أن أجد وظيفة في أي قطاع عمل، وذلك لرغبتي الحقيقية في العمل وحاجتي لأن أكون عنصراً فعالاً في مجتمعي".