قد تعجبون يا دعاة التحرير والتغريب والتأليب لإصراري على تحرير المرأة المخالف تماماً لمفهومكم لمعنى وهدف التحرير بالنسبة لما تسمونها"قضية تحرير المرأة"، على رغم أن المعنى والهدف الحقيقيين لدعوتكم لتحريرها هما"تحقير المرأة"، وبيع لحمها بثمن بخس لا يساوي حتى ثمن لحم خروف... فدعوني أنادي عنكم الآن لتحرير بسمة وكثيرات مثلها، فبعد أن طُلقت من زوجها الأول، ها هي تقبل على حياة جديدة بعد أن سجنت في سجن بلا قضبان في غرفة في أعلى البيت لأنها ارتكبت كبيرة من الكبائر"الطلاق"قائلين لها: ما عندنا بنت تطلق، والتي تطلق لا تستحق الإكرام والحفاوة، وكانت تشم رائحة طعام أهلها من دون اكتراث منهم لإطعامها! أعلم أنكم لن تصدقوا، لكنها الحقيقة المرة لمعظم المطلقات، إذ يحكم عليهن بالموت بالثلاث. وشاء الله أن تقبل على حياة أخرى مع زوج آخر أنجبت منه خمسة أطفال، ولأنه كان ممن يفهمون الرجولة فهماً مقلوباً بدأ هذا الزوج يتغير من سيئ إلى أسوأ، وقرر أن يثبت رجولته بزوجة أخرى، وهذا حق شرعي لا مراء فيه، ولكن الشرع حذر من الزوجة الثانية إلا بضمان العدل مع الأولى حتى لا يأتي وشقه مائل... ولكنه إبان حمل الزوجة الأولى الأخير تركها من دون طعام لها ولأطفالها، وظل يتردد فقط على الزوجة الثانية، ناسياً، أو متناسياً أم أطفاله التي أوشكت على الوضع، من دون أن يكلف نفسه المجيء إليها للسؤال عنها وعن أطفاله معها. حين وضعت مولودها، جرت أذيالها حاملة طفلها إلى المنفى، المنفى الأسري بعيداً عن الزوج والد المولود الذي لم يكلف نفسه عناء إحضار شربة حليب لرضيعه، أو طعام لها ولأطفالها، فاضطرت بسبب ذلك أن تبيع بعضاً من أثاث بيتها لتوفير الطعام لأطفالها... وبدوام هذه الحال إضافة إلى تطليقه لها، اضطرت لأن ترفع عليه دعوى نفقة... تأملوا معي الطامة الكبرى حين حضر هو يشكوها للقاضي بأنها باعت أثاث بيته، وبتوجيه السؤال لها أقرت قائلة: وهل ترضى يا قاضينا أن أبيع شرفي لأطعم أولادي؟ قال القاضي للزوج:"او بيض الله وجهك"، وحكم لها بالنفقة بما فيها المتأخرة منها. ولكن لم تنته مأساتها عند هذا الحد في مراجعة المحاكم، إذ يأمرها القاضي عند الحضور للمحكمة بإحضار محرم لها، وإلا لن يسمع شكواها من دون مراعاة حجتها بأن أخاها يتحجج دائماً بأنه مشغول، بينما أخوها الآخر معوق، وهي لا ترى أباها إلا في المناسبات، فمن أين لها بالمحرم؟ أليست الضرورات تبيح المحظورات، أيصعب على دوائر المحاكم إنشاء أقسام خاصة بالنساء للبت في شكاواهن، بدل أن يبقين عالة على الناس لحين الحكم بالنفقة، أو الحكم بتنفيذ حكمها، وكم بقيت بسمة بلا نفقة من شهور، وشهور، وشهور بسبب عدم وجود محرم؟ إن من يحتاج حقيقة إلى التحرر هو الرجل الذي يعاني أزمة تحرير بدلاً من"تحرير المرأة"! [email protected]