الهلال الجامح يتحدى الريان الطامح    ولي العهد ورئيس الوزراء المصري يستعرضان العلاقات الثنائية    قاضي اتحادي يبدأ التحقيق مع المتهم بمحاولة اغتيال ترمب    دمت شامخاً يا وطن    خادم الحرمين يرعى المؤتمر الدولي لسوق العمل    برشلونة يحقق أفضل بداية    خسوف جزئي للقمر فجر الأربعاء    ضبط طبيب مقيم تجاوز حدود اختصاصه    السودان: هجوم ل«الدعم» يوقع 40 قتيلاً    استدامة البيئة البحرية والساحلية    المملكة تُعلن فتح أسواق جديدة لتصدير الورد السعودي    وزير الصناعة يطلق برنامج "رافد" لتأسيس مصانع ابتكارية في جامعات سعودية    جيسوس: فخور بإشادة بلان والهلال مستعد دائماً للفوز    النصر يتعادل ايجابياً امام مضيفه الشرطة العراقي بهدف لمثله    تمسك إسرائيلي باستعادة الرهائن وتفكيك حماس    غضب شعبي لانتهاكات الحوثي في صنعاء    حضور ومسامرات خليجية    جامعة جازان تحتفي باليوم العالمي للإسعافات الأولية    طبابة العارضة بتجمع جازان الصحي تقدم خدماتها ل 2347 مستفيد في قمم الجبال    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير الصين لدى المملكة    بحضور وزير الطاقة.. توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة الطاقة الذرية وجمعية المرأة والطاقة السعودية    المفلح يستعرض تجربة الترفيه بنقل الطائرات في "أحدية غرفة الخرج "    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل سفير جمهورية رومانيا المعين لدى المملكة    ولي العهد ورئيس الوزراء المصري يستعرضان العلاقات الثنائية    أمير القصيم يثمن تبرع الزويد بأربعة أوقاف تعليمية بقيمة 20 مليون ريال    مواجهات قوية تزين رابع جولات دوري يلو    البديوي يؤكد ضرورة توحيد جهود دول المجلس لمكافحة ظاهرة تهريب وتعاطي المخدرات    أمين القصيم يستقبل القنصل العام لجمهورية مصر العربية بالرياض    إحالة 44 منشأة إلى النيابة العامة لتنظيمها مسابقات وتخفيضات دون الحصول على ترخيص    مؤتمر مستجدات أمراض السكر لبحث العلاجات الجديدة للسكري وطرق العلاج    معرض مرايا الوجود واقعية وسريالية خالد الصوينع    "إعمار اليمن" يدشّن مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظة عدن    السفير الحربي: عناية المملكة بكتاب الله تتسق مع رسالتها السامية في خدمة الإسلام    مصر والسعودية.. قلب الأمة النابض    الأرصاد: سحب رعدية ممطرة مسبوقة برياح نشطة تحد من مدى الرؤية في المدينة ونجران    لمتابعة إنجاز المشاريع.. نائب أمير مكة يطلق وحدة المتابعة التنموية    «تطوير الشرقية» يُقر المخطط الشامل للقطيف    فشل في تحقيق أمانيها.. فأحرقت الضريح !    المزاريع.. قبيلة عمانية استوطنت ممباسا وحكمتها    قتل زوجته وتخلص منها بطحنها في خلاط كهربائي    بمناسبة اليوم الوطني.. أول إجازة مدرسية الأسبوع القادم    التضخم يرتفع.. والإيجارات السكنية تقفز 10.8 % في عام    محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية تختتم مشاركتها الناجحة في معرض كتارا الدولي للصيد والصقور 2024    صالحة التي حطّمت قيود الألوان    المنتدى السعودي للإعلام يشارك في معرض هولندا    صفية بن زقر في ذمة الله !    وقف إطلاق النار في غزة يحظى بإجماع دولي    وتين    أصحوة «من جديد»؟!    استمرار المساعدات الإنسانية للشعوب الشقيقة    خادم الحرمين يأمر بترقية 32 عضواً بالنيابة العامة    المشي روشتة لآلام أسفل الظهر    «عين الثور» في الزهور خارطة طريق للنحل    وتين ..وقفة مع الأهل والمدرسة والتعليم    الصيادون والرعاة يتسابقون على الدب الهملائي    سفراء الكويت والأردن وليبيا: دور عالمي للمملكة في خدمة الإسلام ونشر قيم التسامح    من أعلام جازان.. الشيخ القاضي علي بن شيبان حسن العامري    رئيس المجلس الإسلامي في إثيوبيا: السعودية رائدة في خدمة الإسلام والمسلمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنشطة الاقتصادية الخضراء
نشر في الحياة يوم 22 - 04 - 2007

كثيرة هي المواضيع البيئية التي فرضت نفسها على أجندة البحث وعلى الواقع العالمي، وعنوان هذا المقال من بينها. ويكثر الحديث عن هذا الموضوع في سياق دراسات تظهر بين الحين والآخر، تبحث في معطيات خدمات وسلع وتقانات ومبتكرات واعدة جديدة في مختلف الأنشطة الاقتصادية، متخصصة بالمحافظة على بيئة نظيفة.
واطلعت أخيراً على نتائج دراسة في هذا الشأن أعدت بناء على طلب من شركة"شل"النفطية، ونشرت مقتطفات منها في صحيفة"ديلي تلغراف"اللندنية، تمحورت حول خدمات ومنتجات صديقة للبيئة، متخصصة في مجال خفض انبعاث الكربون وغازات الاحتباس الحراري، في نطاق أنشطة اقتصادية كثيرة، منها صناعة السيارات وتوليد الكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة، وأجهزة استخدام الطاقة وغيرها من الأنشطة.
وتوقعت الدراسة أن تشكل هذه الخدمات والمنتجات قطاعاً اقتصادياً جديداً له دوره المؤثر في الاقتصاد العالمي، وقدرت أن تبلغ قيمة استثماراته نحو تريليون دولار بحلول عام 2010، وأن يكون له أثر كبير على النمو الاقتصادي وتنشيط التجارة الدولية، كما قدرت أن تبلغ حصة بريطانيا في هذا القطاع الجديد نحو 15 بليون جنيه استرليني.
وطبيعي أن تحقق هذه الاستثمارات الضخمة أرباحاً طائلة للشركات المعنية، وتساعد على خلق فرص عمل جديدة تساهم في الحد من معدلات البطالة. وتطرق وزير الخزانة البريطاني لهذا الأمر في أحد خطبه، وبيّن ضخامة الأرباح المتوقعة من استثمارات مكافحة التغير المناخي، وتوقع أن تحقق بريطانيا وحدها مئة ألف فرصة عمل جديدة من استثماراتها في هذا المجال.
وعلى رغم وجود أنشطة"خضر"كثيرة في الوقت الحاضر، وتوقع رؤية سيارات تعمل على وقود هجين ومرن في الأسواق ابتداء من الصيف القادم. لكن يعتبر إفراطاً في التفاؤل تحقيق ما توصلت إليه الدراسة في الأجل القصير عام 2010، في ظل غياب استحقاقات كثيرة لا بد من تأمينها لخلق بيئة محفزة وجاذبة، تشجع الشركات على الاستثمار في الأنشطة الاقتصادية الخضر، ألخص اهمها بالأمرين التاليين:
أولهما: إصدار قوانين في مجال ترشيد استهلاك الطاقة، واستخدام الطاقة المتجددة، والحد من مواصلة ضخ ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي من قبل قطاعي الصناعة والنقل، خصوصاً أن الدول الصناعية لم تصدر بعد القوانين اللازمة في هذا الخصوص.
فعلى سبيل المثال، بينما تطالب المفوضية الأوروبية بأن تتخذ دول الاتحاد الأوروبي إجراءات صارمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، بتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب للظاهرة بمعدل 30 في المئة بحلول عام 2010، نجد أن وزراء البيئة في دول الاتحاد الأوروبي، اعترضوا في نهاية اجتماع عقد في شباط فبراير الماضي في بروكسل على مثل هذه الإجراءات الصارمة، ولم يتفقوا على نسبة للخفض في دولهم، تكون ملزمة بحكم القانون، علماً ان الاتحاد الأوروبي الذي يتكون من 27 دولة يعيش فيها أكثر من 400 مليون نسمة، مسؤول بحسب إحصاءاته الرسمية عن أكثر من ستة آلاف مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون انبعثت من دوله في عام 2004.
وثانيهما، وجود إجماع دولي فاعل لمكافحة التغير المناخي والحد من الأضرار البالغة التي تلحق بالبيئة، لأن على رغم إدراك الدول حقائق هذه الاضرار وخطرها على البشرية جمعاء، من دواعي الأسف، غياب اي توافق في ما بينها، خصوصاً الصناعية منها، يفتح أفاقاً لشراكة حقيقية تتحمل فيها هذه الدول المسؤولية معنوياً ومالياً في المحافظة على البيئة.
لذلك ثمة أمور خلافية كثيرة ما زالت تكتنف المجتمع الدولي في مجال القضايا البيئية، حتى الأساسية منها، تزداد عمقاً في بعض جوانبها، على رغم كل الجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية للتقريب بين مواقف الدول المختلفة، وعقد اجتماعات كثيرة منها"قمة الأرض"في عام 1992، ومؤتمر جوهانسبورغ في عام 2002، ما يفسر أسباب ضآلة حصيلة مكافحة تلوث البيئة على الصعيد العالمي، وامتناع بعض الدول الكبرى عن المصادقة على اتفاقات مهمة، كامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التوقيع على بروتوكول"كيوتو"للحد من انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، على رغم أنها تعتبر مسؤولة عن ربع الانبعاثات الكربونية في العالم، وتستخدم ربع انتاج العالم من النفط.
ومن القضايا الخلافية أيضاً، عدم اتفاق دول العالم على الإدارة البيئية الدولية، حيث يرى بعضها أن برنامج الأمم المتحدة الذي أنشئ في عام 1972، آلية ملائمة للنهوض بالعمل البيئي العالمي، ويطالب بعضها الآخر بتحويل هذا البرنامج إلى منظمة دولية ذات طابع عالمي على غرار منظمة الصحة العالمية. وهذا ما اقترحه الرئيس الفرنسي جاك شيراك في نداء بمناسبة اختتام مؤتمر دولي عقد اخيراً في باريس حول إدارة البيئة العالمية، وطالب فيه بأن تكون المنظمة الجديدة أقل بيروقراطية وأكثر شفافية وانفتاحاً على الشركات ومنظمات المجتمع المدني، وتتمتع بإمكانات أكبر مالياً وتنفيذياً. وأيد الاقتراح 46 دولة، واعترضت عليه دول كثيرة، منها دول أوروبية ودول ناشئة كبرى كالصين والهند والبرازيل، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية.
لا شك في ان هذه القضايا الخلافية بين دول العالم تؤثر سلباً، ليس فقط على الانشطة الاقتصادية الخضراء، بل على مستقبل الاقتصاد العالمي الذي يتوقف بصورة حاسمة على نجاح التعاون الدولي في الحد من استنفاد الموارد الطبيعية، والمحافظة على سلامة البيئة. ولن يتحقق هذا الهدف إلا بوزن الامور البيئية والتصرف حيالها بعيداً من الخلافات السياسية، واعتبار ضغوط التغير المناخي وتلوث البيئة اخطاراً تهدد سلام المجتمع البشري وفرص الاجيال القادمة في البقاء والتنمية.
وعبَّر عن هذا التصور نائب رئيس الولايات المتحدة السابق آل غور في كلمة ألقاها أخيراً في مناسبة حصول فيلمه الوثائقي حول الاحتباس الحراري حقيقة محرجة على جائزة الأوسكار، حيث قال:"يجب أن نحل مسألة التغير المناخي. إنها ليست مشكلة سياسية، بل أخلاقية للمحافظة على كوكب الأرض، ومن أجل التقدم والتنمية المستدامة لمصلحة الإنسان في كل مكان".
* خبير اقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.