على خلفية معرض احساس الذي أقيم في جدة بارك، والذي كان بعنوان نجم سهيل، قررت تخصيص إجازتي الأسبوعية لزيارته، لأني كنت بحاجة للخروج من دوامة الأعمال، ولأني في الأصل كائن بصري تسعدني جدًا زيارة المعارض والمتاحف التي تُقام ولا أقوم بتفويت ما أعرف عنها، وكعادة الفن، أبهرني المعرض كثيرًا، لكن مازاد سعادتي، لحظة اللقاء التي جمعتني بصديقتي "صالحة الزهراني" أمام لوحتها، وليس لأنها صديقتي أسعدني اللقاء، إنما كونها وصلت فيما حلمت به قبل عامين، حين عرفتها لأول مرة في مقرعمل جمعنا لمدة أسبوعين فقط، وخرجت منه بطريقة مؤسفة، حينها تبادلنا أرقامنا وبقينا على تواصل نادر جدًا بحكم الحياة. أتذكر اللوحة الأولى التي رأيت صالحة ترسمها حين تركتها، وبدأت تجيب على أسئلتي المملوءة بالدهشة – كوني لأول مرة في حياتي أرى شخصاً يرسم أمامي- عن كيفية اكتشافها لموهبة الرسم والتي كانت عن إلهام رجل محني الأكتاف لكبر سنه، يمشي حاملًا حقيبة ألوانه بكامل أناقته، حينها وعدت نفسها أن تصبح فنانة و تقف أمام لوحة بريشة ألوانها، وممّا ساعدها على ذلك أزمة كورونا، والتي كما كانت سيئة للعالم كما يظن، لكنها بالنسبة للكثير نعمة فقد ظهر فيها المبدعون أمثال صالحة، التي استغلتها لمصلحة شغفها بالرسم. لكن حين عرفت صالحة، عرفت أنها ستصل لما تصبو إليه، لأن العزيمة، ورغبة النجاح لها أهلها، فالذي يحلم بشيء، يزيد وقته وحياته شغفًا وسعادة، يصرّ أن يصل إليه، ولو كان بعد مدة زمنية طويلة، لأن تحقيق الأحلام والأهداف الشخصية والمهمة بالنسبة إلينا، يشكِّل جانباً حيوياً من جوانب الحياة المزدهرة. فنحن نعرف أنفسنًا أكثر من غيرنا، ونعرف ما الذي سيجلب لنا الشعور بالسعادة، لذلك هناك سعادة كبيرة في الإنجاز -حتى في إنجاز المهام اليومية-، فلذلك كل إنجاز نسعى له، علينا أن نعتبره كمغامرة، لأنه طريقة السعي وخطواته، يشعرنا بأهمية ما وصلنا إليه، وهذا ما شعرنا به أنا وصالحة عندما غلبتنا الذكريات الممزوجة بالضحك والفخر، كيف كنا نحلم بأن تصبح فنانة، وأصبح كاتبة وبفضل الله وصلنا لما حلمنا به. لكن مع ذلك، عليك أن تتذكر -عزيزي القارئ- أنه حتى لو لم نحقق شيئًا، كنا نعتقد أنه يجب علينا تحقيقه، فلا يعتريك الحزن واليأس، خذ الوقت الكافي للاستمتاع، والتعرف على ما يمكنك تغييره، وتقدير إنجازاتك، مع محافظتك على هدفك النهائي بعين ثاقبة، أياً كان ذلك الهدف، بينما تنطلق رحلتك الخاصة أمامك كل يوم.