أكد مدير مركز البحوث والدراسات في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالمحسن عبدالرحمن القفاري، أن ما يشاهد أحياناً من وجود شد بين رجال الهيئة وبعض المواطنين أو المقيمين هو نتيجة لعوامل عدة، تتمثل في تصدي الهيئة لأنواع كثيرة من الجرائم، والتحول الاجتماعي، وبروز بعض مظاهر الانحرافات الجديدة، إضافة إلى عدم تفهم بعض أفراد المجتمع لأعمال الهيئة في محاربة المنكرات بأنواعها وحفظ المجتمع. وأوضح أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلب شرعي ووطني وأمني، لافتاً إلى أن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد الأجهزة الحكومية الشرعية المعنية بالضبط الجنائي، والتي تؤدي خدمات نافعة للمجتمع، وفق صلاحيات ومهام مقررة في الأنظمة، كنظام الإجراءات الجزائية. وشدد عبدالمحسن القفاري في حديث مع"الحياة"على أن الهيئة لا تمارس أعمال الأجهزة الأخرى، بيد أنها تتعاون مع غيرها من الأجهزة في ما نصت عليه الأنظمة وبما يحقق التكامل الإداري بين مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن نظام الهيئة ولائحتها واختصاصاتها لا يشاركها فيها غيرها من الأجهزة. وأوضح أن مركز البحوث والدراسات في الرئاسة أنهى تنفيذ عدد من الدراسات الداخلية حول بعض الظواهر مثل"ابتزاز النساء"و?"ألعاب الأطفال الإلكترونية"وبحث توثيقي عن"جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محاربة الإرهاب"، فيما يتولى حالياً التحضير لعدد من الدراسات العلمية التي تخدم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي ما يأتي نص الحديث: كيف نشأت فكرة إنشاء مركز البحوث والدراسات في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ - استشعرت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحاجة الماسة إلى وجود مركز بحثي يهتم بدراسة الظواهر وسبل تطوير الأعمال الميدانية وبحث المشكلات الاجتماعية التي تُعنى بها الهيئة بأسلوب علمي حديث، بحيث يتلمس الحلول العلمية لتطوير العمل ومعالجة الظواهر السيئة في المجتمع، لذلك أصدر الرئيس العام قراره قبل عامين بإنشاء مركز البحوث والدراسات كجهة بحثية إشرافية متخصصة في إجراء الدراسات والبحوث تعمل تحت إشرافه، وتم استقطاب الكفاءات العلمية والإدارية والفنية للعمل في المركز أو التعاون معه، وبدأ المركز بداية جادة في إنجاز مهامه. ما الهدف من إقامة مركز البحوث؟ يهدف المركز إلى تقديم الخدمات العلمية كافة من بحوث ودراسات واستشارات شاملة ورصد ودراسة المتغيرات والقضايا، ومن ثم تقديم الحلول والتوصيات لتطبيقها. - كما يهدف إلى الإسهام في تطوير أداء العمل في الهيئة، وتقديم حلول للمشكلات الميدانية، والارتقاء بمنسوبي الجهاز إدارياً وميدانياً، وإيجاد مرجعية علمية موثقة لكل ما يتعلق بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطبيقاتها المعاصرة، إضافة إلى إبراز الدور الريادي للهيئة في خدمة الدين والمجتمع بأساليب علمية وإحصاءات واقعية، وأيضاً المشاركة في رسم خطط الجهاز وفق النتائج العلمية للأبحاث والدراسات. ما الدراسات التي أوكلتموها للجامعات ومعاهد البحوث من أجل دراستها؟ - قام المركز خلال العامين الماضيين بالبدء بعدد من الدراسات العلمية التي تخدم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتم التعاقد مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لإعداد"دراسة ميدانية تحليلية شاملة للوقوعات التي يتم ضبطها من مراكز الهيئة"، وهي الدراسة التي أوصى بها مجلس الشورى. وبدأ المركز أيضاً في مشروع"دراسة للمشكلات الميدانية لمراكز الهيئة"بالتعاقد مع معهد البحوث والخدمات الاستشارية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. كما تم التعاقد مع معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود في الرياض، لعمل بحث بعنوان"برنامج تطوير العمل الميداني". ويتعاون مركز البحوث والدراسات بالرئاسة مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم من خلال برنامج المنح الإنسانية في المدينة ببحثين خلال عام 1427- 1428ه أحدهما"المعاكسات في المجتمع السعودي... أسبابها، وسائلها، آثارها، علاجها"والبحث الآخر بعنوان"شبكة المعلومات الإنترنت واستخداماتها السيئة... الأسباب، الآثار، العلاج". وأنهى المركز عدداً من الدراسات الداخلية حول بعض الظواهر مثل"ابتزاز النساء"و?"ألعاب الأطفال الإلكترونية"وبحث توثيقي عن"جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محاربة الإرهاب"، فيما يتولى المركز حالياً التحضير لعدد من الدراسات والبحوث. ماذا عن دراسة المشكلات والمعوقات الميدانية التي تواجه رجال الهيئة؟ - تسعى الرئاسة لرفع كفاءة أعمالها والعاملين لديها بما يحقق مصلحة المجتمع من خلال برامج تطويرية في ظل المساعي الجادة للاستفادة من البحوث العلمية، وكما ذكرنا سابقاً فقد أسندت دراسة لمعهد البحوث والخدمات الاستشارية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للقيام"بدراسة للمشكلات الميدانية لمراكز الهيئة"، ويتولى الدراسة مجموعة من الأكاديميين والباحثين المتخصصين في مجال الدراسات الشرعية والاجتماعية والأمنية، وتهدف الدراسة إلى التعرف على المشكلات الموجودة لدى العاملين في الميدان وحصرها وبيان أنواعها وبواعثها ومسبباتها، والتعرف على آلية عمل جهاز الهيئة في معالجة مشكلات العمل الميداني، وتقويم كفاءة وسائل العمل والاتصال المستخدمة حالياً، وتوافقها مع طبيعة العمل الذي يقوم به الميدانيون. ماذا عن النتائج الأولية التي رصدها مركز البحوث والدراسات؟ - مركز البحوث والدراسات لا يزال في مراحله الأولى، وبعض دراساته لا تزال في طور البحث، ودراسات الوقوعات من خلال الدليل الإحصائي على وشك الانتهاء، وستكون ? إن شاء الله تعالى- لبنة أولية لرصد كثير من الظواهر والمشكلات، وهناك مقدمات طيبة لأعمال ستكون نافعة للمجتمع، وأرجو أن تكون أداة نافعة لتطوير أعمال الجهاز وتحقيق أمن المجتمع بجميع صوره. ما الآلية لتطوير عمل رجال الهيئة الميدانيين؟ وكيف تستطيعون أن تحدوا من السلبيات وتعززوا الإيجابيات؟ - تحرص الرئاسة على تعزيز الإيجابيات والحد من السلبيات لدى العاملين من خلال أدوات تدريبية وتطويرية معينة، بدءاً باختيار عضو الهيئة المناسب، وهذا يتم عبر لجان متخصصة، ومن ثم التأصيل والتدريب للمستجدين، وإعادة تأهيل وتدريب العاملين من خلال برامج خاصة. والرئاسة دربت أعضاءها على كل المستويات، فمجموع الدورات الشرعية والتربوية التي عقدت عام 1423- 1424ه بلغت نحو 35 دورة شرعية، بين دورة توجيهية، وبرنامج الحسبة والعلاقات الإنسانية، والدورة التأهيلية للمستجدين، وفنون التعامل مع المجتمع وغيرها، واستفاد منها 1642 متدرباً. كما يمكن تعزيز الإيجابيات والحد من السلبيات عبر الدراسات والبحوث العلمية المتخصصة التي تقوم على الأسس العلمية في جمع المعلومات وتحليلها، وكذا تضافر جهود جميع الإدارات المعنية في الجهاز، لتحقيق هذا المطلب من خلال خطط التطوير الشاملة. ماذا عن تداخل الصلاحيات بين الهيئة والجهات الحكومية الأخرى؟ - الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد الأجهزة الحكومية الشرعية المعنية بالضبط الجنائي وبلغة علم الاجتماع جهاز ضبط جنائي، وهو يؤدي خدمات نافعة للمجتمع، وفق صلاحيات ومهام مقررة في الأنظمة، كنظام الإجراءات الجزائية. ونظام الهيئة ولائحته واختصاصاته لا يشاركه فيها غيره من الأجهزة، وكذا الجهاز لا يمارس أعمال الأجهزة الأخرى، فيما تبقى أعمال نصّت الأنظمة على تعاون الجهاز فيها مع غيره من الأجهزة، وهو يمارسها بالتنسيق مع الجهات المعنية بما يحقق التكامل الإداري بين مؤسسات الدولة، وبالتالي لا يوجد تداخل بينها. ما موقفكم من المطالبة بتوحيد لباس رجال الحسبة؟ - من المعلوم أن أعضاء الهيئة موظفون يخضعون لنظام الخدمة المدينة، ولم تستثنهم التعليمات بزي معين، والعضو الميداني يتميز بالسيارة الرسمية والفرقة التي يرافقها غالباً رجل أمن، وأعضاء الهيئة يتميزون في الميدان بتعليق بطاقة ظاهرة للعيان أثناء تأدية عملهم، يمكن لأي شخص قراءة محتواها. هل هناك توجه بألا يعمل في الميدان سوى الجامعيين من ذوي التأهيل الشرعي المناسب؟ - ليس الموقف لدى الرئاسة هو التوجه لعمل الجامعيين، بل إن الهيئة منذ سنوات تستقطب الجامعيين، فجميع رؤساء الهيئات والمراكز ووكلائهم وعدد كثير من الأعضاء من حملة المؤهلات الجامعية، بل البعض منهم يحمل درجة الماجستير والدكتوراه. ويراعى في لجان المقابلات الشخصية وعند الترشيح، الشهادات الجامعية الشرعية، إضافة إلى القدرات والمهارات الأخرى. ما موقفكم من الاتهامات التي تقول إن بعض رجال الحسبة العاملين في الميدان غير مؤهلين للعمل فيه؟ - تبقى الحقائق أفضل كثيراً من الاتهامات والإشاعات، والواقع يصور عكس ذلك مع وجود بعض القصور، لكن الثابت أن جميع العاملين في مواقع القيادة والتأثير في العمل الميداني تأهيلهم العلمي عال، بل يبلغ الماجستير والدكتوراه أحياناً، وعامة أعضاء الهيئة ينالون حظاً وافراً من برامج التأهيل والتدريب والتعليم المستمر من خلال برامج الرئاسة ممثلة في الإدارة العامة للتوعية والتوجيه والإدارة العامة للتطوير. وزادت نسبة المتدربين من منسوبي الجهاز عن 60 في المئة، بحسب الدليل الإحصائي السنوي الأخير، علاوة على التوسع في تمكين رجال الهيئة من الدراسات العليا وبرامج الابتعاث والتدريب الخارجي. هل هناك توجه لإدخال العنصر النسائي ضمن طاقم العمل في الهيئة؟ - الاستفادة من توظيف العنصر النسائي محل دراسة وبحث لدى المسؤولين، ومن الجهة المعنية في الرئاسة، والرئاسة حالياً ليست لديها حاجة ضرورية لتوظيف العنصر النسائي، وعندما يحتاج الأمر إلى العنصر النسائي فإن الأجهزة الأمنية الأخرى توفر ذلك. عوامل عدة تثير الشد بين أعضاء"الهيئة"والمواطنين اعاد الشيخ عبدالمحسن القفاري الاختلاف بين رجال الهيئة وبعض أفراد المجتمع، وما يشاهد من الشد مع بعض المقيمين أو المواطنين، الى عوامل كثيرة منها: تصدي الهيئة لأنواع كثيرة من الجرائم، والتحول الاجتماعي، وبروز بعض مظاهر الانحرافات الجديدة، وعدم تفهم بعض أفراد المجتمع لأعمال الهيئة في محاربة المنكرات بأنواعها وحفظ المجتمع، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلب شرعي ووطني وأمني، ولا يخفى أن مواجهة جمهور الناس أمر من الصعوبة بمكان، فليس الناس على وتيرة واحدة من العلم والفهم والإدراك، ولا يخفى أن طبيعة العمل الذي تقوم به الهيئة في بعض جوانبه قد يكون مجالاً للمشادة، كونها تتصدى لأنواع كثيرة من المخالفات وتواجه أهواء الناس. أما قضايا التوجيه العام مما يندرج ضمن الجانب الوقائي فغالباً يقابل جهد رجال الهيئة بالترحيب والشكر، والهيئة كغيرها من جهات الضبط الجنائي قد تتعرض لعدم رضا المقبوض عليه أو المخالف، فحتماً لا يرحب المخالف لأنظمة المرور بأن يُعطى مخالفة مرورية، أو المخالف لأنظمة الجوازات يرضى بأن يطبق عليه النظام وهو موجود في جميع جهات الضبط، بل حتى أمام القضاة نصف المتخاصمين غير راضين، لأنه لم يحكم لهم. لكن يكفي أن عموم المجتمع يشعر بفائدة دور الجهاز ويلمس أثره وما خفي من أثره الإيجابي قد يكون أكثر، ولعل مهمتنا جميعاً ليست النقد المجرد، وإنما التعاون على الإصلاح والتطوير.