هنالك مبادئ تسعى منظمة التجارة العالمية لإرسائها بغرض تدعيم العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء، ومن تلك المبادئ أولاً ما يعرف بمبدأ المعاملة المماثلة أو الدولة الأولى بالرعاية، ويعني هذا المبدأ انه إذا كان هنالك عضو في المنظمة يقدم خدمة تفضيلية من الناحية التجارية لأي عضو في المنظمة أو غيرها فإنه ينبغي من باب أولى أن يقدم هذه الخدمة لجميع الأعضاء في المنظمة، وذلك تحقيقاً لمبدأ المساواة وعدم التمييز في التعامل التجاري، إلا أنه ومن هذا المبدأ قد تم استثناء تلك المزايا المتبادلة في إطار الاتحادات الجمركية أو المعاملات التفضيلية التي تقوم بمنحها بعض الدول المتقدمة لعدد من الدول النامية، وذلك بموجب ما يسمى بنظام الفضليات المعمم GPS، وهو بالتأكيد يهدف لمساعدة اقتصادات الدول النامية على النهوض. أما المبدأ الثاني الذي تقوم عليه أهداف المنظمة العالمية للتجارة فهو مبدأ المعاملة الوطنية، وتوضيحاً لهذا المبدأ فإنه يرتكز في الأساس على النواحي الضريبية على السلع، لذا فإنه ينبغي على الدولة العضو في منظمة التجارة العالمية مراعاة مساواة كل السلع المحلية وتلك المستوردة من الدول الأعضاء من حيث الرسم الضرائبية وكذلك من حيث المواصفات القياسية والرسوم المحلية، علماً بأن هنالك مستويات محددة للمواصفات بحسب قوانين المنظمة، ونلاحظ هنا أن هذا المبدأ ينطوي على سمة التبادلية بين الأعضاء أو المعاملات المماثلة وهو مبدأ قديم في التعامل التجاري بين الدول يرتكز غالباً على الاتفاقات الثنائية بين الدول. كذلك نلاحظ أنه من المقومات المهمة التي تساند السياسات التي تقوم عليها منظمة التجارة العالمية، وجوب توافر الوضوح والشفافية في التعامل التجاري بين الدول الأعضاء، أي كشف كل المعلومات في التعامل التجاري وبكل دقة وصدق، وكذلك إتاحة الفرص لإمكان الاطلاع على كل القوانين الوطنية، خصوصاً تلك المتعلقة بمعالجة المسائل التجارية، أو تلك المتصلة بالمجالات أو القطاعات المنضوية تحت مظلمة منظمة التجارة العالمية، ونلاحظ هنا أنه من المطلوبات المهمة لانضمام أية دولة لمنظمة التجارة العالمية هو ضرورة المراجعة لقوانينها بما يتواءم واتفاقات المنظمة، إضافة إلى ضرورة نشر كل القوانين الوطنية ذات الصلة لتمكين بقية الأعضاء في المنظمة من الاطلاع عليها، وذلك حتى يتسنى مراقبة السياسات التجارية المتبعة لدى هذه الدولة. من الطبيعي أنه لا يمكن القول بأن سعي أي دولة للانضمام لا يعني أو يضع في الاعتبار الصناعات الوطنية الناشئة في تلك الدولة، ووجوب توفير الحماية لها من خطر المنافسات التجارية المحمومة وغير المتكافئة، التي قد لا تقوى تلك الصناعات على مقاومتها أو الصمود في وجهها، لذلك فإن من مبادئ منظمة التجارة العالمية السعي لحماية الصناعات الوطنية الناشئة للدول الأعضاء، خصوصاً تلك الصناعات ذات الحساسية في مواجهة المنافسات التي أشرنا إليها، وقد اتاحت أو كفلت المنظمة لذلك الغرض وسائل محددة للدول اتخاذها لحماية الصناعات الوطنية الناشئة الخاصة بها، ومن تلك الوسائل أو المعالجات مسألة فرض الرسوم الجمركية المعقولة التي لا تعارض مبدأ المنظمة الأساسي في السعي بصورة عامة لتخفيض وإنهاء الرسوم الجمركية، إضافة لوسائل أخرى نسعى لتوضيحها لاحقاً بإذن الله. * مستشار قانوني. [email protected] ترحب صفحة"قانون"بتلقي مشاركات القراء. كما تستقبل زاوية"مستشارك"الاستفسارات والأسئلة، ونعدكم بالرد عليها إثراءً للصفحة. إضافة إلى إمكان مناقشة القضايا الشخصية وطرحها على الرأي العام، تعميماً للفائدة، مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات الواردة. للمراسلة: صحيفة الحياة، صفحة"قانون"، على رقم الفاكس: 4615454. ص. ب. 68907، الرياض 11537.