تتضاعف أعداد المتسولين في شهر رمضان، لاعتبار هذا الشهر من المواسم المهمة والخاصة جداً عند هؤلاء، إذ تكثر"التمثيليات"، وتستحدث السيناريوهات للإشفاق واستدرار جيوب المحسنين. ولم تعد عبارات الاستجداء المباشر، والملابس المهترئة، والعاهات المصطنعة، هي المتحكمة بالمشهد، فهي حِيَل تختلف بين لحظة وأخرى قد تكون يومية أو أسبوعية، مع الإضافات الحديثة في كل موسم كالأعياد والحج وشهر رمضان. طرق وأساليب حديثة يحتال بها المتسولون بعد أن فقدوا المعونة، أو احتاجوا إلى مبالغ صغيرة لتيسير بعض أمورهم التي توقفت بفعل الظروف القاهرة، والتي فرضت عليهم ذلك، وهم ينتمون في الغالب إلى جنسيات مختلفة كالباكستانية واليمنية والإفريقية. الكثيرون من المتسولين يتقنون اللهجة الخليجية، مرددين عبارات مثل:"أنا مقطوع في هذا البلد وأحتاج إلى مبلغ بسيط"، ومنهم من تجده يقوم بتوزيع بعض من الآيات القرآنية للتسول بها، ويتصيد بها النساء لاعتقاده بأنهن"كريمات في العطاء"، وسيدات ورجال بكامل أناقتهم، يرتدون أرقى الملابس، ويحملون أكياساً للتبضع من ماركات عالمية للإيحاء بأنهم ليسوا متسولين، بل هم من علية القوم وأغنيائهم، وظروفهم الصعبة أوقعتهم في فخ التسول. يروي مروان جمال 24 سنة تجربته مع تمثيلية الرجل الأنيق الذي يدعي مجيئه من الخبر لأداء العمرة، وضاعت منه نقوده، ويحتاج فقط لعشرة ريالات لتعبئة البنزين، وغيرها من الحوادث التي شهدها كثيراً في هذا العام وخصوصاً في شهر رمضان، ويقول:"لا أخفيك أنني استغربت في البداية طلبه الذي لم يتعد العشرة ريالات، إلا أنني أيقنت أنها موضة جديدة لاستجداء عطف الناس، والحصول على المبالغ المالية وربما الوفيرة في أقل من ساعة". أما عهود الحربي 18 سنة فأشارت إلى أن المتسولين في شهر رمضان باتوا يتصيدون الزبائن في كل مكان حتى في المستشفيات لاستكمال علاجهم في مستشفى آخر مثلاً،"ففي إحدى المرات استوقفتني فتاة لا تكاد تبلغ الرابعة عشر تطلب مني 15 ريالاً لشراء دواء لأخيها الذي ينتظرها في الصيدلية ويحتاج إلى بقية المبلغ، وبدأت في البكاء والدعاء أمامي حتى إنني شعرت بالحرج أمامها، وقمت بإعطائها المبلغ الذي طلبته". ويروي مدير مكتب مكافحة التسول في جدة سعد علي الشهراني، أنه تم القبض على متسول في حوزته أكثر من 72 ألف ريال سعودي من فئة ريال واحد. وأضاف الشهراني:"من المشاهد الغريبة في الوقت الحالي رؤية المتسول بملابس الإحرام يطلب ثمناً لقضاء العمرة، وهو يقصد من ذلك التحايل على الناس واستجداء عطفهم، ولم يقتصر الأمر على الكبار بل تم القبض على ثلاثة أطفال يرتدون عباءات نسائية وملابس رياضية للاحتيال على المواطنين والمقيمين"، مشيراً إلى أن هذا التخفي وعدم إبراز الفقر يوفر لهم أموالاً كثيرة عند الإشارات المرورية". وأشار الشهراني في حديثه إلى?"الحياة"إلى أن نسبة المتسولين السعوديين لا تتجاوز الاثنين في المئة، مشيراً إلى أنه يتم تسلم هؤلاء المتسولين وعرضهم على باحثين اجتماعيين ونفسيين في مكتب مكافحة التسول لبحث حالتهم الاجتماعية، ومن بعدها يحولون إلى الضمان الاجتماعي لتصرف لهم مبالغ مالية يستطيعون العيش من خلالها. أما إذا كان من الأشخاص القادرين على العمل، فإنه يُحال إلى مكتب العمل لإيجاد وظيفة مناسبة له، وإن كان يتيماً فيُحال إلى الدور الاجتماعية. وحول آلية القبض على المتسولين السعوديين أو الأجانب، أوضح الشهراني أن"آلية القبض على المتسولين السعوديين أو الأجانب لا تختلف، إلا أن طريقة التعامل معهم تأخذ منحىً مختلفاً، إذ يعامل المتسول السعودي بالآلية سابقة الذكر، عبر إحالته إلى المكان المناسب له سواء دور الرعاية أو مكاتب العمل أو إلى الضمان الاجتماعي، أما في حالة المتسولين الأجانب فتتم إحالتهم إلى الشرطة للتحقيق معهم مباشرة، ومن ثم يحالون إلى إدارة الوافدين والجوازات، لأن غالبيتهم يحملون جنسيات يمنية وباكستانية وافريقية". وعن التصرف في أموال المتسولين بعد القبض عليهم، أوضح الشهراني أنه في حالة ثبوت أن المبلغ جمع من طريق التسول تتم إحالته إلى المحكمة، ليحكم بها القاضي إلى الجمعيات الخيرية للاستفادة من هذه الأموال، أما إذا كان الشخص المقبوض عليه جمع المال من خلال العمل من طريق كفيل أو شخص آخر فإن المال يُعاد له. +