أم خالد، تعاني بشدة من تداعيات هذا الأمر وتأثيراته السلبية على حياتها الزوجية، فتقول:"زوجي مولع بمذيعات القنوات الفضائية، فيمتدح ممشوقات القوام ويبالغ في مدحهن على رغم ما أفعله له، وأحرص أشد الحرص على التزين، كما أنني أملك من الجمال ما يكفي، لكن نظراته تمادت وأخذ يبالغ بخياله المريض وعقله الصغير، لدرجة أنه يتمنى السفر إلى البلد الفلاني لملاقاة المذيعة المفضلة والحصول على صور تذكارية معها". الأمر لا يقتصر على فئة الرجال الذين يجتذبهم جمال مذيعات الفضائيات، وإنما امتد أيضاً إلى المرأة التي لم تعد مقتنعة بشكل زوجها وأناقته، بسبب ما تراه من مذيعين على الشاشة الصغيرة، وإن كانت غير قادرة على التعبير عن هذا الأمر أمام زوجها، وإلا لاقت ما لا يحمد عقباه. عن هذا تقول ريهام عبدالله:"حياتي الزوجية أصبحت بؤرة قلقي وألمي، فزوجي على رغم طيبته وكرم أخلاقه، إلا أنني غير مقتنعة به، بعدما أصبحت أضعه في مقارنة مع ما أراه من أناقة المذيعين على الفضائيات، حتى زهدت في زوجي وأصبحت أنظر إليه نظرة دونية وقريبة من التصغير واللا مبالاة". مواجهة هذا السلوك من الزوج يختلف من امرأة لأخرى، فمنهن من لا تستطيع مواجهة زوجها ويتحول الأمر بالنسبة لها إلى صراع داخلي، ومنهن من تحاول التشبّه بالمذيعات والمشاهير، ومنهن نوع ثالث تمثله مها الثابتي الطالبة الجامعية، التي تقول:"لو قدَّر الله لي زوجاً من مثل هذه النوعية فسأعامله بالمثل وأرميه بالسهم نفسه، فإذا امتدح المذيعة وعبّر عن إعجابه الشديد بشكلها، ووصف محاسنها فسأقوم بالإطراء على أحد المذيعين وأمتدح وسامته وشياكته كي أوقفه عند حده". وجهة نظر النصف الآخر يمثلها سلطان المحمد، فيقول:"أنا ميولي رياضية ولا أهتم بالسياسة نهائياً، ولكن تجذبني إحدى مذيعات القنوات الإخبارية الشهيرة، وأصبحت لا أملّ من مشاهدة الأخبار والتقارير التي تقدمها عن العراق، وعلى رغم ما أشاهده من أخبار مؤلمة عن العراق، إلا أنني أحرص وبشدة على متابعة برنامجها، والجميل أن الأخبار تعاد أكثر من مرة!". أما خالد الصميت فيتحدث عن بُعد آخر للقضية يتعلق بمواصفات شريكة العمر، ويقول:"بعد إلحاح شديد من الأهل على أخي البالغ من العمر 28 عاماً بضرورة الزواج، وافق ولكن كانت له مواصفات معينة في الزوجة المطلوبة. وبعد سؤاله عن هذه المواصفات أعطانا صورة لمذيعة مشهورة، وأكد عدم القبول بسواها مهما طال البحث وإن امتد لسنوات"، فما كان من أمي إلا أن رمت الصورة وهي تردد"لا تتزوج أبداً". صاحبات الشأن في هذا الموضوع كان لهن رأي، فالمذيعة في القناة الأولى في التلفزيون السعودي الأستاذة إيمان الرجب قالت:"إننا لا نستطيع أن ننكر أن المذيعة الجميلة اللبقة تستطيع أن تلفت نظر المشاهدين، ولكنها لن تستطيع أن تنجح وتُنجح برنامجها كونها تمتلك هذه الصفة فقط، بل يجب أن تملك إلى جانب الجمال صفات عدة، أهمها الحضور واللباقة في التعامل مع الضيوف والمشاهدين. وكذلك لابد أن تكون مثقفة وسريعة البديهة ومحاورة جيدة وتلقائية، ودائماً تبحث عن التجديد، فإذا امتلكت هذه الصفات نستطيع القول بأنها ناجحة وحتما سينجح برنامجها". وتضيف:"إن المشاهد اليوم أصبح يميز بين الجيد والرديء، فإذا شدّته المذيعة بجمالها وأناقتها ولم تعجبه بأسلوبها وبمادتها الإعلامية فبسهولة سيتخلى عنها ويذهب إلى مذيعة أخرى". وتتفق ريما محمد، المذيعة في قناة الاقتصادية مع زميلتها إيمان الرجب في أن أناقة المذيعة ومظهرها لهما دور في ظهورها على الشاشة، لكن الاعتماد الأكبر على أسلوب الطرح والحوار لدى المذيعة وثقافتها، خصوصاً مذيعات المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وانتقاء المعلومة هو الأهم لديهن، وتضيف: إن الأمر يعتمد أيضاً على فئة المشاهدين، فالباحث عن المعلومة بصدق من القنوات الفضائية ليس كمن يتسلى بمتابعة هذه القنوات لتمضية الوقت فقط، أيضاً هناك فروق فردية بين المذيعات بعيداً عن الجمال والمظهر والأناقة - كما تقول - فمنهن من تشدّ المُشاهد لخفّة ظلها وتتمتع بأسلوب جذاب في الإلقاء والحوار، ويكون لها بصمة مميزة في تقديمها للبرنامج أو النشرة... وتؤكد المذيعة ريما محمد أن هذا هو الأساس في الأمر، ولكن حتى إذا كان المتابع سيشاهد المذيعة لمظهرها فقط فستكون هذه المتابعة للدقائق الأولى من البرنامج ثم سيذهب ليبحث في قناة أخرى عن مذيعه أخرى. "الخلافات الزوجية"،"ملح"لابد منه، فلا نكاد نرى عشاً زوجياً بلا خلافات، كبيرة كانت أم صغيرة، لكنها خلافات، والحقيقة أن لدينا ما يكفينا، ولم نكن في حاجة لاختلاق أسباب جديدة تلقي بسحابتها السوداء على حياتنا الزوجية، إلى أن أطلت علينا القنوات الفضائية بما تجلب لنا من كل حدب وصوب، فلم تعد وظيفتها مقصورة على الأخبار والترفيه، بل باتت شاشات التلفاز أحد أهم أسباب الخلافات الزوجية، فقد تتسبب في تقصير الزوجة أو الزوج في قضاء طلبات البيت بسبب متابعة فيلم أو مسلسل أو إحدى المباريات، وتبدأ المشكلة عندما تجد الزوجة زوجها يتابع بشغف أحد كليبات الأغاني وما تتضمنه من مشاهد وحركات مثيرة، ما يدفعها إلى أن تطلب منه تغيير المحطة إلى محطة إخبارية، اعتقاداً منها أن الأمر انتهى عند هذا الحد، فهل يا ترى انتهى الأمر عند هذا الحد؟ في الآونة الأخيرة، دخلت المحطات الإخبارية المتخصصة إلى ساحة الخلافات الزوجية، بصفتها وسيلة لمتابعة المذيعات الجميلات، ما أجّج نار الخلافات الزوجية، ولم تكد لقاءات الشباب والأصدقاء تخلو من حوارات متنوعة ونقاشات مفتوحة فحواها"المذيعة الفلانية وجمالها وطلتها وابتسامتها"، وكيف ظهرت بالأمس وماذا كانت ترتدي؟ وهو ما انعكس على نظرة هؤلاء الشباب للزوجة، حتى باتت نظرة سطحية، تعنى بالمظهر فقط بصرف النظر عن المضمون والجوهر المكنون"جميلة وبس". العريفي: الرجل يبحث عما يفتقده في منزله لأن هناك حقوقاً وواجبات ينبغي مراعاتها من أجل إشاعة الاستقرار والطمأنينة على جميع أفراد الأسرة، وبما يُسهم في تعميق الأواصر وتمتين العلاقات، وينفي كل أنواع المشاحنات والخلافات، كان من الضروري أن نلتقي مع الدكتور ناصر العريفي أستاذ علم النفس والمتخصص في الحياة الزوجية، لاستقصاء رأيه عن هذا الموضوع، إذ قال:"كثيراً ما تشكو المرأة من بعض تصرفات زوجها، خصوصاً الطريقة التي يلجأ إليها داخل المنزل، باحثاً عن المتعة وراغباً في بعض الاسترخاء داخل منزله، حيث المنزل بالنسبة إليه هو المكان الذي يقضي فيه جل وقته ويشعر فيه بالراحة والطمأنينة من دون شعوره بأن الزوجة تحتاج أيضاً إلى مثل هذه الراحة، والتحدث معه عن بعض مشكلاتها حتى تشعر بالطمأنينة، ويقول الله تعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة". كما يبيّن الدكتور العريفي أن الأسرة المعاصرة تعاني من ضروب متباينة من الانهيار والتصدّع، وما أكثر المعاول الهادمة، ونحن في هذا الموضوع نشير إلى إحدى مشكلات الزوج مع زوجته، وهي النظر إلى النساء من دون مبرر، خصوصاً ما يلجأ إليه بعض الرجال من متابعة بعض البرامج أو الأخبار من أجل المذيعة فلانة، والتي تظهر على الشاشة بمظهر جميل وجذاب، مضيفاً:"إن المرأة لها دور مهم في انصراف زوجها عنها بالنظر إلى غيرها، إذ يرغب في مشاهدة الجمال المتألق أمام عينيه وهي منشغلة في أمور المنزل ناسية أو متناسية مظهرها وزينتها أمام زوجها، فلا يرى من هذه الزينة إلا ما ندر، وفي أيام محدودة ما يدفعه إلى البحث عنها في شاشة التلفاز وإمتاع نظره بأقرب ما يراه في داخل منزله من الحسناوات والمتزينات الظاهرات على الفضائيات".