لم يقف تسلط بعض النساء على أزواجهن في تصرفاتهم التي لايحبذونها عادةً من خلال أسلوب تعاملهم معهن، كخروجه من المنزل إلى ساعة متأخرة، أو زيارة أسرته وأصدقائه، كما لم تكتفِ الزوجات بالاصرار على فرض الخروج مع أزواجهن نهاية كل أسبوع أو الذهاب إلى التسوق ومرافقة زوج العمر معها فحسب، بل طال حب تملكهن مشاهدة زوجها للقنوات الفضائية على ألا تكون رخصة متابعة البرامج لكل ما يعرض في الشاشة. تحدث عدد من الأزواج ل«الحياة» عن زوجاتهن اللاتي أجبروهم على مشاهدة بعض البرامج التي لا تعرض نساء أو مذيعات حسناوات، الى جانب منعهم من مشاهدة بعض المسلسلات العربية التي تبث على القنوات الفضائية. ويرى البعض أن اهتمام النساء بمنعهن أزواجهن يندرج تحت أمرين لا ثالت لهما، فإما أن تكون الظنون والشك قد أخذا حيزاً من تفكير الزوجة تجاه زوجها، أو أنها لا تثق بنفسها وإمكاناتها التي تقدمها لزوجها، مشيرين الى أن الصراعات الاسرية حول البرامج او المسلسلات الفضائية من المفترض ألا يكون لها أساس في عش الزوجية. وبحسب متابعين للقضايا الاسرية وما يدور فيها فإن الخلافات بين الزوجين حول فرض المرأة وصايتها على زوجها الى جانب تسلطها عليه في أقل الامور يُعد من ضمن العنف الاسري الذي صنفه المهتمون بعنف المرأة ضد الرجل. يقول أبو محمد إن زوجته فرضت عليه عدم مشاهدة بعض القنوات الغنائية الا بوجودها، أو حذف القناة من جهاز الاستقبال نهائياً، مشيراً الى أنها تعارض مشاهدة بعض البرامج المنوعة بسبب بعض تصرفات المذيعات فيها، وأضاف: «زوجتي تمنعني من مشاهدة برامج المسابقات التي يكون فيها نساء بلباس لا يوافق العادات والتقاليد». من جانبه أكد أبو عبدالاله أن زوجته تجبره على مشاهدة البرامج الثقافية فقط والتعليمية، معتبرة أن برامج المنوعات والغناء والمسابقات تهدم الحياة الزوجية، مشيراً إلى أن سبب فرض زوجته عليه مشاهدة برامج محددة بحجة عدم انتقاده لها في تصرفاتها وشكلها. من جهة أخرى فجر أبو سعود غضبه عندما تحدث مع «الحياة» عن تصرفات بعض الزوجات مع أزواجهن، مستغرباً هذا التصرف من بعض النساء اللاتي يتحكمن في شريك حياتهن وهو واحد منهم. يقول أبو سعود: «زوجتي لا تعارض مشاهدتي القنوات الغنائية وبرامج المنوعات والمسابقات، ولكن تمنعني وبشدة من مشاهدة المسلسلات العربية، إضافة إلى المسلسلات الخليجية». أشار أبو سعود إلى أنه عند خروجه من المنزل والاجتماع بالأصدقاء في الاستراحة يقوم مباشرة بسحب جهاز التحكم عن بعد لجهاز استقبال القنوات ويشاهد المسلسلات العربية التي تعرض فترة وجوده برفقة زملائه، لافتاً الى أن خروجه من المنزل غالباً هو لمشاهدة المسلسلات التي لا يستطيع رؤيتها في المنزل مع زوجته. من جانب آخر أكد رئيس قسم الاجتماع في جامعة الامام محمد بن سعود الدكتور عبدالرزاق الزهراني أن فرض سيطرة الزوجات على أزواجهن بعدم متابعة ما يبث على القنوات الفضائية يعتبر من المشكلات الأسرية الحديثة نسبياً، مشيراً الى أن المشكلات الاسرية في الفترات السابقة هي للحصول على تلفزيون خاص للعائلة بدلاً من مشاهدته عند الجيران أو في المقاهي. وأوضح الزهراني في حديث مع «الحياة» أنه مع تزايد القنوات الفضائية أصبحت بعض الاسر تشاهد قنوات وبرامج خاصة بها، ما دعا رب الاسرة الى توزيع اجهزة التلفاز في المنزل وغرف النوم، معتبراً ذلك أنها بدأت وبشكل ملاحظ أخيراً من تفكك أعضاء الأسرة، إضافة الى عدم تواصلهم مع بعضهم البعض. واتفق الزهراني مع الزوجة التي تفرض سيطرتها على زوجها عندما تمنعه من مشاهدة بعض القنوات المخلة، أو الغنائية التي تظهر فيها بعض المشاهد الانحلالية، معتبراً أنها تريد أن تحافظ على أسرتها وعلى زوجها وعلى قيمها وثقافتها الاجتماعية وعاداتها. من جهة أخرى كشفت مشرفة قسم الحماية بوزارة الشؤون الاجتماعية والاختصاصية الاجتماعية الدكتورة موضي الزهراني أن تسلط الزوجات على أزواجهن يعتبر من ضمن العنف الأسري، مشيرةً الى أنه يتعلق بأهم مؤسسين للأسرة وهما الزوجان، خصوصاً أن هذا التسلط الذي يختلف من زوجة لأخرى تبعاً لاختلاف مستواها الاجتماعي والتعليمي والثقافي، إذ إن تسلطها قد يؤدي لنتائج سلبية تسيء لاستقرار الأسرة ومن أبسطها «الطلاق»، خصوصاً عندما يكون التسلط بهدف إجبار الآخر على القيام بأمر لا يرغبه، أو يتعلق بحبس الحرية الشخصية، او اختلاق المشكلات بسببها، ما يؤدي لتوتر العلاقة الزوجية وافتقاد قيمتها العاطفية. وأوضحت الزهراني ل«الحياة» أنه عندما تقل نسبة الثقة بين الزوجين تبدأ بناءً على ذلك اتخاذ قرارات قد لا يتحملها الطرف الآخر، وقد تدفعه للقيام بسلوكيات لا ترضي شريك حياته، لافتةً الى أنه إذا كانت العلاقة مبنية على الثقة والاحترام ومنح الآخر فرصة للحرية الشخصية، فإن الحياة الزوجية بينهما تكون بلا شك متجددة في مجال حياتهم الاسرية. مؤكدةً أن عقد الزواج ليس «صك ملكية» يمنح الحق لاتخاذ قرارات مصيرية تجاه الآخر، مشيرةً الى أنه عندما ترفض المرأة رؤية زوجها لغيرها من النساء بالتلفاز أو غيره، فهذه تعتبر مأساة نفسية ستغير مجرى حياتها الى الجحيم، لأنها بذلك قدمت له أدلة قوية ضدها تشير إلى عدم ثقتها بنفسها، وبذلك ستكون وسيلة للاستفزاز باستمرار. وترى الزهراني أنه على الزوجة الوثوق بنفسها، لانها لو رفضت نقد زوجها عليها بهدف منعه من مقارنتها بغيرها من الممثلات أو المذيعات أو خوفها من ارتباط زوجها بغيرها عاطفياً فإن ذلك سيزيد الوضع بينهما توتراً وسوءاً. وطالبت الزوجة أن تدع لزوجها حرية مشاهدة القنوات وإعطاءه الأمان والثقة بدلاً من هجره للمنزل لساعات طويلة في الاستراحات أو المقاهي، واحترام رغبات مشاهدته وذلك من باب الحرية الشخصية، نافيةً ان تكون للخيانة الزوجية علاقة بحبس حرية الزوج عن مشاهدة القنوات الفضائية، مشيرةً الى أن حبس حرية الزوج عن مشاهدة القنوات لا يعتبر سبباً قوياً للخيانة الزوجية، لافتةً الى أن الخيانة أقوى بأسبابها ومبرراتها النفسية والعاطفية والجنسية. وأشارت الى أن هناك كثيراً من الأزواج والزوجات يعيشون حرية القرار والتنقل والاختيار في حياتهم الأسرية، ومشاهدة ما يحلو لهم من القنوات والبرامج الفضائية، لكن في المقابل قد تكون لديهم ارتباطات عاطفية تشبع ذلك النقص الذي يعانون منه مع الطرف الآخر.