البرنامج اليومي الذي يؤديه المرء على اختلاف وظيفته وموقعه في الحياة سواء أكان معلماً أم طالباً أم مديراً أم عاملاً، يستنفذ منه طاقة كبيرة، ولعل الشعور أحياناً بالسأم والملل هو وليد النظام الروتيني، فتتعود النفس لا شعورياً على حياة الرتابة مهما كان العمل، ومع حلول الإجازة الصيفية يحتل الفراغ مساحات عريضة في أيامنا، ومن قديم الزمان حذر حكماء العالم منه قبل أن يوجد الإدمان ويوجد التدخين وتوجد طرق عدة للانتحار البطيء. فالفراغ في زماننا أخطر ما يكون، خصوصاً على عقول الشباب الذي يبحث عن الجديد في كل شيء من دون تمييز إلا من هدى الله. سنة شبة كاملة نعمل فيها، سواء كنا محبين أم كارهين لما نعمل، تضيع علينا خلالها أحياناً أنشطة غير مسموح بها لضيق الوقت، لذا فالإجازة الصيفية يجب ألا نترك فيها جزءاً ولو ضئيلاً إلا وملأناه بما نحب عمله، ويوافق الدين طبعاً من تنمية الهويات المختلفة التي تنمو إلى طور الاحتراف مثلاً، أو السفر سواء داخل البلاد أو خارجها. غير أن هنالك من يتحرك في الظلام ويمشي في مناكب الأرض على غير هدى، ويحطم نفسه بإرادته بحجة قتل الوقت، والوقت يقتله، والمسالك إلى هذه كثيرة، ولا سبيل لحصرها لكن على رأسها الآتي: - السفر للدول الأجنبية طبعاً لغير الأسر من الأبناء الذين تخصص جائزة النجاح لهم من آبائهم تذكرة سفر لإحدى هذه الدول، فيذهب إلى هناك شامخ الرأس نظيف الثوب محملاً برصيد مالي يكفي للهوه ولعبه، ويعود مديوناً بتذكرة سفره منكس الرأس مدنس الثوب ثقيل الأوزار، وإن لم ينته أول مرة يعود ثانية وثالثة كأنه يستعذب الموت البطيء، على يد المحرمات التي حرمها الله في أي بقعة من أرضه. - اللعب بأرواح الناس بركوب السيارات الفارهة لمن لم يصلوا بعد للعقد الثاني من أعمارهم والتسابق بها في الشوارع كدليل على المجد والعراقة ويسر الحال. - استغلال الهاتف بشكل عابث والتلاعب بحرمة البيوت المسلمة وقض مضاجع الناس. والمسالك السيئة كثيرة، وكل يوم يضاف إليها جديد، وإن لم يكن هناك وعي ديني وأب حريص وأم واعية ورقابة من المسؤولين، فإن العاقبة سيئة، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. محمد بن صبر - أبها