أقبلت علينا شهور الصيف وداهم الحر الأجواء واشتعلت نُهرُنا وليالينا غيظاً ومع هذه الأجواء جاء موسم الإجازات التي بدأت بالفعل عند البعض وأوشكت أن تبدأ عند البعض الآخر ومع الصيف وحرّه والإجازة وطولها يبدأ الناس يتململون من الفراغ ويفكرون في السياحة والسفر سواء إلى الداخل أم إلى الخارج السفر في حد ذاته لا غبار عليه وفيه فوائد عظيمة أجملها الثعالبي حينما قال صاحب السفر يرى من عجائب الأمصار وبدائع الأقطار ومحاسن الآثار ما يزيده علماً بقدرة الله تعالى فيدعوه إلى شكره لكن السفر والسياحة ليسا هما المشروع الوحيد أو الأفضل للقضاء على الفراغ والتمتع بالإجازة ولا نعتقد في ظل الحياة المتسارعة والبدائل الكثيرة أن يوجد فراغ حقيقي في حياة الناس وحتى أولئك الذين لا يزالون يعانون من هذا الفراغ يعترفون بأنه فراغ وهمي أو لنقلْ شعور نفسي ينتهي بمجرد الاندماج في أي مشروع مثل الزيارات العائلية والرحلات الترفيهية والعادات القرائية لإحصاءات العالمية تقول إن المسافرين قلة في كل بلد وأن البرامج الصيفية الداخلية تستوعب القاعدة العريضة من الناس صحيح أنك إذا ذهبت إلى المطارات والموانئ في أي بلد يخيل إليك أن كل الناس مسافرون لكن أيضا إذا رجعت إلى داخل البلد قلت إن كل الناس ماكثون ويظل مشروع القراءة خاصة خلال إجازة الصيف هو المشروع الأقوى والأفضل ويظل الكتاب هو صاحبك الذي لا تملّه في كل الأحوال ومن خلال الكتاب والمطبوعة يستطيع المرء أن يسيح في الأرض وأن يتجول بين أفكار الآخرين القريبين والبعيدين ومن ثم يضيف هذا القارئ إلى عالمه عوالم أخرى لم يكن ليدركها لولا القراءة الوراقية التي تؤكد صمودها وأهميتها رغم السفر والسياحة ورغم البدائل التقنية الحديثة والسلام عليكم.