هي حرب مقبلة لا محالة ونحن لها كارهون... إيران تمضي بعناد وإصرار في برنامجها النووي، يقابلها إصرار أميركي وغربي على إحباط ذلك المشروع، وكل يجهز ساحاته وقواه. والمراقب بتمعن لا يخفى عليه أن الحلقات شارفت على التلاقي والاستحكام. فمن الواضح أن إيران لن تتراجع، ومسألة الحصول على السلاح النووي أصبحت بالنسبة لها مسألة حياة أو موت. فالإيرانيون لن يهنأ لهم بال من دون الحصول على القنبلة النووية، طالما هناك قنبلة إسرائيلية في جانب وقنبلة إسلامية سنية لدى باكستان في الجانب الآخر. ولأن الإصرار الإيراني وصل إلى نقطة اللاعودة فقد كانت مناوراتهم العسكرية الأخيرة في الخليج مشروع رسائل علنية للقريب قبل البعيد. الإيرانيون يعرفون أن تهديد مصالح العالم بأسره في الخليج هو نقطة الردع الوحيدة التي يملكونها لمنع أي من أنواع الاعتداء الأميركي أو حتى العالمي نحوهم. فهم يقولون صراحة إن منابع النفط في الخليج تحت سيطرة نيرانهم، ولديهم الوسائل العسكرية الكافية لتدمير الرئة التي يتنفس العالم من خلالها، ومنها ما كشفوا عنه في مناوراتهم الأخيرة، هذا خلافاً لما يملكونه من نفوذ في العراقولبنان وما يعنيه من تهديد للقوات الأميركية وإسرائيل. ويلاحظ أن هناك شحناً وتماسكاً داخلياً في أوساط الشعب الإيراني لم يسبق لهما نظير تجاه ما يسمى بالاستهداف الخارجي. على الجانب الآخر، نلاحظ النشاط الدؤوب للديبلوماسية الأميركية لتحضير الساحة لما ليس منه بد. فإيران كدولة مركزية في محور الشر لا تريد أن تصغي أو تلتزم بالمواثيق الدولية، ولتأخذ دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين كل الوقت الذي يريدونه لكبح جماح إيران بالوسائل الديبلوماسية، والتي قطعاً لن ينجحوا فيها بفعل الإصرار الإيراني، وبالتالي فلا مناص من مشاركتهم في أي جهد دولي لتفعيل الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، والذي من خلاله تستخدم القوة العسكرية تجاه إيران تحت غطاء الشرعية الدولية. في هذا الإطار يمكن فهم أهمية زيارة الرئيس الصيني للمملكة قادماً مباشرة من واشنطن، إذ يمكنه الاطمئنان إلى قدرات المملكة في تأمين حاجاته من النفط في حال توقف تصدير النفط الإيراني، ولا يخفى أيضاً أهمية الزيارات المكوكية التي قام بها الأمين العام لمجلس الأمن الوطني الأمير بندر بن سلطان لكل من الصين وروسيا وكذلك الزيارات المتبادلة لسكرتير الأمن القومي الهندي للمملكة. ولأهمية الرأي العام الأميركي والدولي، بدأت الآلة الإعلامية في تأهيل وتجهيز تلك الساحة نفسياً وعقلياً لقبول أي تعامل عسكري مع الحالة الايرانية، فأسعار النفط تتصاعد بفعل العناد الإيراني، ما يثقل كاهل المستهلك الغربي، وهي الدولة المارقة الرافضة للانصياع للقوانين الدولية، وتجاهر بفناء إسرائيل وإنكار المحرقة المقدسة في أذهان الغربيين وتعوق التقدم والسلم في العراق، وتزعزع استقرار لبنان، وتتحالف مع محور الشر الآخر سورية وبالتالي فإن المصلحة إخلاء العالم من نظام أهوج مثل النظام الإيراني. عسكرياً، فإن التقنية الأميركية كفيلة بتأمين النصر على إيران، فالخمسة عشر عاماً التي انقضت على حرب تحرير الكويت لا بد وأنها شهدت نقلات نوعية متقدمة في تقنيات الحرب لدى الجيش الأميركي، ما يطمئن دول الخليج العربية حيال قدرة أميركا والغرب على تأمين الحماية الكاملة لمنابع النفط وتدمير القدرات الإيرانية في مهدها، كما ستتكفل إسرائيل حتماً بالقضاء على خطورة حزب الله في لبنان إذا ما حاول التحرش، كما أن عصاها الغليظة ستنال من عرش النظام السوري عند الحاجة، وربما نصطاد ثلاثة عصافير برمية واحدة. ما بقي هو التوقيت، فيجب تأمين الساحة العراقية، وهو ما بدأ فعلاً باختيار القيادات الرئيسية، كذلك أن تكون الساحة الأميركية متناسبة سياسياً وانتخابياً، لذا من المتوقع أن يكون الوقت المناسب في تقديري هو الربع الأخير من هذا العام، إذاً فالحرب مقبلة، نسأل الله أن يحفظ فيها وطننا من كل سوء. * كاتب سعودي