للمرة الأولى منذ ولادتهما، نامت الطفلة المغربية حفصة في سرير منفصل عن شقيقتها إلهام، بعد نجاح جراحة"ماراثونية"لفصلهما استغرقت 15 ساعة. بدأت الجراحة، التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صباح أمس، على يد فريق طبي يقوده الدكتور عبدالله الربيعة، في حضور عدد من طلاب الطب. واشتملت الجراحة على تسع مراحل، استغرقت المرحلة الأولى منها نحو ساعتين. وأكد المدير العام التنفيذى للشؤون الصحية في الحرس الوطنى قائد الفريق الطبي الدكتور عبدالله الربيعة تكلل الجراحة بالنجاح من دون حدوث أي مضاعفات، تلتها المرحلة الثانية، التي بدأت بوضع أنابيب للتنفس، ووضع القسطرة الشريانية والوريدية للتوأم حفصة، والقسطرة الوريدية للتوأم إلهام، وأكد الربيعة نجاحها، مشيراً إلى أنه تم خلالها تنظير الجهازين البولي والتناسلي للتوأم، ووضع القسطرة البولية. تلت ذلك المرحلة الثالثة"الإعداد والتعقيم"، التي سمحت بتحديد مكان القطع الأولي في الجراحة، ثم تحديد وضع التوأم للمرحلة التي تلتها، التي تكللت بالنجاح أيضاً، وسمحت للربيعة بأن يتوقع انتهاء الجراحة قبل وقتها المتوقع بثلاث ساعات:"اتضح أن الأمعاء الدقيقة والغليظة مفصولة، وسيتم إجراء تعديل بسيط في الجراحة، إذ بدلاً من فصل الجهاز البولي من الداخل، ستؤجل هذه المرحلة إلى ما بعد فصل الجهاز العصبي والعمود الفقري، وسيتم الفصل من الجهة الخلفية كونه أسهل، وكذلك للحصول على الشكل الجمالي الأنسب للتوأم". وتم خلال المرحلة الرابعة فصل الجهاز التناسلي للتوأم السيامي. وأوضح استشاري المسالك البولية الدكتور أحمد الشمري، أن التوأم كانا يشتركان في مثانة واحدة، واستخدم الفريق الطبي خلال شق الجلد في المرحلة الخامسة من الجراحة مشرط الليزر. وتم فيها - بحسب تصريح الربيعة - فصل الحبل الشوكي بنجاح، واعتبرها من المراحل الحرجة والمهمة في الجراحة. وعلى رغم فقدان التوأم بعض الدم قدرت كميته بنحو 50 سم، إلا أن الربيعة طمأن والدي التوأم على استقرار حالهما. وفي المراحل الأخيرة من الجراحة جرى الفصل النهائي للتوأم المغربي، ووضع كل طفل على سرير، لتبدأ بعدها عملية الترميم والتجميل. يذكر أن مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني في الرياض، شهدت خلال ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، حال استنفار لم تقتصر على الطاقم الطبي، إذ كان جميع العاملين في المدينة متأهبين للمساعدة في الجوانب التنظيمية لسير الجراحة وتغطية الإنجاز الحادي عشر للمدينة، الذي عرف متابعة دولية، وحضوراً لافتاً لممثلي وكالات أنباء عالمية. إلى ذلك، قال والد الطفلتين السياميتين المغربي مصطفى فهيم، إن كرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وجّه بفصل التوأم، جعله عاجزاً عن اختيار كلمات الامتنان. واعتبر، في تصريح إلى"الحياة"، أنه مر أمس بأصعب موقف في حياته، مشيراً إلى أن أمله في الله ثم مساندة المسؤولين في الحرس الوطني، كان العامل الرئيسي في تماسكه خلال إجراء الجراحة. وقال فهيم:"كان الدكتور الربيعة يتصل بي شخصياً كل ساعة تقريباً، ويطمئنني على صحة حفصة وإلهام، وجعلني المسؤولون في الشؤون الصحية للحرس الوطني أشعر وكأنهم أكثر حرصاً على صحة التوأم، وعلى رغم سعادتي الفائقة، بعد أن بلغني الربيعة بالانتهاء من فصل التوأم، إلا أنني لا أستطيع وصف شعوري الذي كان مزيجاً من الخوف والفرح". وأضاف:"على رغم صعوبة موقفي أمس، إلا أن الدعم المعنوي الذي لقيته من السفير المغربي في الرياض عبدالكريم السمار، وحضوره وبعض أعضاء السفارة لمساندتي، جعلني أشعر بأني لست الوحيد في هذا الموقف". وأعرب فهيم في نهاية حديثه إلى"الحياة"عن سعادته بفصل التوأم، وقال:"أتمنى أن أعود إلى وطني برفقة حفصة وإلهام بجسدين منفصلين وفي صحة جيدة، وستكونان طوال حياتهما، إن كتب الله لهما حياة جديدة، نموذجاً حياً لإنسانية الملك السعودي، وكرم شعبه".