عززت أرقام رسمية لتقريرين محلي آخر ودولي - اطلعت"الحياة"عليهما- النتائج القياسية التي حققها الاقتصاد السعودي منذ العام الماضي، مدعوماً بمنظومة الإصلاحات والإجراءات واستثمار إيرادات النفط. وأوضح تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي ساما أن كتلة النقد الإجمالية المعروفة ب ن3 بلغت في مطلع العام وتحديداً حتى نهاية كانون ثاني يناير 2006 أبلغت 549.8 بليون ريال 146.6 بليون دولار، فيما أظهرت أرقام صندوق النقد الدولي أن احتياطي النقد الأجنبي بلغ 97.4 بليون ريال 25.9 بليون دولار. ويعبر إجمالي الكتلة النقدية عن حركة السيولة المتداولة في السوق متأثرة بارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي وضخ إيرادات في السوق مباشرة، إضافة إلى نمو حركة الحسابات الجارية والودائع الادخارية لقطاع الأعمال والأفراد، فيما يعزز احتياطي النقد الأجنبي الثقة العالمية في الاقتصاد المحلي وقدرته على تغطية فاتورة وارداته لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والتي تقدر بنحو 15 بليون ريال. ويتداول اقتصادياً ثلاث مصطلحات للسيولة النقدية، أو ما يسمى بوسائل النقد الثلاث ن1, ون2, ون3 ينبغي تعريفها. وتعبر الوسيلة الأولى ن1 عن النقد المتداول بأيدي مكونات الاقتصاد من أفراد وشركات ومؤسسات خاصة وعامة، مضافاً إليها الودائع الجارية ودائع تحت الطلب، وهي الودائع التي لا يحصل أصحابها على الفوائد. أما الوسيلة الثانية ن2 فهي تمثل الوسيلة الأولى ن1 مضافاً إليها الودائع الادخارية. وأخيراً الوسيلة الثالثة ن3، وهي تمثل إجمالي الكتلة أو السيولة النقدية مضافاً إليها الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية والاحتياطيات النظامية للاعتماد والضمانات المصرفية التي تعرف ب أشباه النقود. وبحسب أرقام"ساما"سجل النقد المتداول ن2 قيمة بلغت 454 بليون ريال 121 بليون دولار مشكلاً ما نسبته 82 في المئة من إجمالي كتلة النقد، وهذا المقياس من أهم المقاييس فهو يدل على كمية النقود التي يتم ضخها في السوق من الدولة والقطاع الخاص وبالتالي مستويات الإقراض الحكومي. وفي الجانب الآخر، تعكس أقام صندوق النقد الدولي أن الحكومة السعودية بذلت ولا زالت تبذل جهوداً على استخدام دخل إيرادات النفط الرئيس والإضافي لبناء وتعزيز الاحتياطي المالي الدولي، وهي خطوة تلقى اهتماماً وإصراراً في أعقاب الهبوط الحاد الذي تعرض له هذا الرصيد إبان حرب تحرير الكويت. وكان رصيد احتياط النقد الأجنبي السعودي بلغ ذروته مطلع الثمانينات عندما فاق 94 بليون ريال 25 بليون دولار قبل أن يسجل انحداراً كبيراً إلى أدنى مستوى له، وهو 2.93 بليون دولار 10.9 بليون ريال في عام 1992. ويوضح اقتصاديون - تحدثت إليهم"الحياة"- أن المستوى المعلن عن الاحتياطي النقدي يعتبر كافياً لتغطية الواردات فترة لا تقل عن ثلاثة شهور على الأقل، وهو أمر مقبول إلى حد كبير في ظل المستويات العالمية. علماً بأن المصارف السعودية مولت ما قيمته 10.9 بليون ريال 3 بلايين دولار لمصلحة القطاع الخاص حتى الربع الأول من العام الحالي، لكن الاقتصاديون يستدركون الإشارة هنا إلى أهمية النظر إلى اتجاهات أسعار النفط حتى نهاية العام الحالي ومدى تأثر الإيرادات به، إذ إن دعم رصيد الاحتياطي يعتبر هدفاً أساسياً. وفي شكل عام، فإن الأرقام السابقة تؤكد أن الاقتصاد الوطني لن يتعرض لضغوط تضخمية كبرى، نتيجة عوامل عدة، في مقدمها: استمرار النمو الاقتصادي، وتراجع متوسطات الرقم القياسي العام لكلفة المعيشة، وهما عاملان رئيسان في لجم ارتفاع معدلات التضخم.