عززت ارقام رسمية لتقريرين، احدهما محلي، والآخر دولي النتائج القياسية التي حققها الاقتصاد السعودي منذ مطلع العام الحالي، مدعوماً بمنظومة الإصلاحات والإجراءات، واستثمار ايرادات النفط. وفي شكل عام تؤكد المؤشرات ان الاقتصاد الوطني لن يعاني من ضغوط تضخمية كبرى، نتيجة عوامل عدة، في مقدمها: استمرار النمو الاقتصادي، وتراجع متوسطات الرقم القياسي العام لكلفة المعيشة، وهما عاملان رئيسان في لجم ارتفاع معدلات التضخم. وكشف تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي ساما ان كتلة النقد الإجمالية المعروفة بپ"ن3"، بلغت في الربع الثالث من العام الحالي المنتهي في ايلول سبتمبر الماضي، 529.9 بليون ريال 141.3 بليون دولار، فيما اظهرت ارقام صندوق النقد الدولي ان احتياطي النقد الأجنبي بلغ 75.07 بليون ريال 20.02 بليون دولار. ويعبر اجمالي الكتلة النقدية عن حركة السيولة المتداولة في السوق، متأثرة بارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي، وضخ ايرادات في السوق مباشرة، اضافة الى نمو حركة الحسابات الجارية والودائع الإدخارية لقطاع الأعمال والأفراد، فيما يعزز احتياطي النقد الأجنبي الثقة العالمية بالاقتصاد المحلي، وقدرته على تغطية فاتورة وارداته لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر، والتي تقدر بنحو 15 بليون ريال. وتتداول اقتصادياً ثلاثة مصطلحات للسيولة النقدية، او ما يسمى بوسائل النقد الثلاث"ن1، ن2، ن3". وتعبر الوسيلة الأولى"ن1"عن النقد المتداول بأيدي مكونات الاقتصاد من افراد وشركات ومؤسسات خاصة وعامة، مضافاً إليها الودائع الجارية ودائع تحت الطلب، وهي الودائع التي لا يحصل اصحابها على الفوائد. اما الوسيلة الثانية"ن2"فهي تمثل الوسيلة الأولى"ن1"مضافاً إليها الودائع الادخارية، وأخيراً الوسيلة الثالثة"ن3"، وهي تمثل اجمالي السيولة النقدية مضافاً إليها الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية، والاحتياطات النظامية للاعتماد، والضمانات المصرفية التي تعرف بپ"اشباه النقود". وبحسب ارقام"ساما"، سجل النقد المتداول"ن2"قيمة بلغت 434.06 بليون ريال 115.8 بليون دولار مشكلاً ما نسبته 82 في المئة من اجمالي كتلة النقد، وهذا المقياس من اهم المقاييس، فهو يدل على كمية النقود التي تضخ في السوق من قبل الدولة والقطاع الخاص، وبالتالي، مستويات الإقراض الحكومي. وبلغت نسبة نمو النقد المتداول منذ مطلع العام 17 في المئة، اذ بلغ رصيده في كانون الثاني يناير 406.08 بليون ريال 108.3 بليون دولار. وتبين ارقام صندوق النقد الدولي، ان الحكومة السعودية بذلت وتبذل جهوداً، لاستخدام دخل ايرادات النفط الرئيس والإضافي، لبناء وتعزيز الاحتياطي المالي الدولي، وهي خطوة تلقى اهتماماً وإصراراً، في اعقاب الهبوط الحاد الذي تعرض له هذا الرصيد ابان حرب تحرير الكويت. وكان رصيد احتياط النقد الأجنبي السعودي بلغ ذروته مطلع الثمانينات، عندما فاق 25 بليون دولار 94 بليون ريال قبل ان يسجل انحداراً كبيراً الىaxن دولار 10.9 بليون ريال في عام 1992. ويوضح اقتصاديون تحدثت إليهم"الحياة"، ان المستوى المعلن من الاحتياط النقدي، يعتبر كافياً لتغطية الواردات لفترة لا تقل عن ثلاثة اشهر، وهو امر مقبول الى حد كبير، في ظل المستويات العالمية. علماً بأن المصارف السعودية مولت ما قيمته 10.9 بليون ريال 3 بلايين دولار لمصلحة القطاع الخاص، حتى الربع الأول من العام الحالي. لكن الاقتصاديين يستدركون بالإشارة هنا الى اهمية النظر الى اتجاهات اسعار النفط، حتى نهاية العام الحالي، ومدى تأثر الإيرادات به، اذ ان دعم رصيد الاحتياطي يعتبر هدفاً أساسياً.