عززت أرقام رسمية اطلعت «عكاظ» عليها أمس، النتائج القياسية التي حققها الاقتصاد السعودي حتى الربع الثالث من العام 2009، مدعوما بمنظومة الإصلاحات والإجراءات واستثمار إيرادات النفط. وكشف التقرير الربع سنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، أن كتلة النقد الإجمالية المعروفة ب(ن3) بلغت حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي 999.92 مليار ريال، فيما أظهرت أن احتياطي النقد الأجنبي ناقصا الذهب بلغ 152.7 مليار ريال (40.7 مليار دولار). ويعبر إجمالي الكتلة النقدية عن حركة السيولة المتداولة في السوق متأثرة بارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي وضخ الإيرادات، إضافة إلى نمو حركة الحسابات الجارية والودائع الادخارية. فيما يعزز احتياطي النقد الأجنبي الثقة العالمية في الاقتصاد المحلي وقدرته على تغطية فاتورة وارداته لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وهو أمر مقبول إلى حد كبير في ظل المستويات العالمية. علما بأن المصارف السعودية مولت ما قيمته 10.9 15.5 مليار ريال لمصلحة القطاع الخاص حتى نهاية الفترة الماضية. ويتداول اقتصاديا ثلاثة مصطلحات للسيولة النقدية أو ما يسمى بوسائل النقد الثلاث (ن1، ن2، ن3) ينبغي تعريفها. وتعبر الوسيلة الأولى (ن1) عن النقد المتداول بأيدي مكونات الاقتصاد من أفراد وشركات ومؤسسات خاصة وعامة، مضافا إليها الودائع الجارية (ودائع تحت الطلب)، وهي الودائع التي لا يحصل أصحابها على الفوائد. أما الوسيلة الثانية (ن2) فهي تمثل الوسيلة الأولى (ن1) مضافا إليها الودائع الادخارية. وأخيرا الوسيلة الثالثة (ن3)، وهي تمثل إجمالي الكتلة أو السيولة النقدية مضافا إليها الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية والاحتياطيات النظامية للاعتماد والضمانات المصرفية التي تعرف ب(أشباه النقود). وبحسب أرقام «ساما» سجل النقد المتداول (ن2) سجل نموا 150 في المائة، من 788 مليار ريال مطلع العام إلى 823.3 مليار ريال، مشكلا ما نسبته 84 في المائة من إجمالي الكتلة النقدية، وهذا المقياس من أهم المقاييس فهو يدل كمية النقود التي يتم ضخها في السوق من قبل الدولة والقطاع الخاص وبالتالي مستويات الإقراض الحكومي. أما أرقام الاحتياطي النقدي، فتعكس أن الحكومة السعودية بذلت وتبذل جهودا على استخدام دخل إيرادات النفط الرئيس والإضافي لبناء وتعزيز الاحتياطي المالي الدولي، وهي خطوة تلقى اهتماما وإصرارا في أعقاب الهبوط الحاد الذي تعرض له هذا الرصيد إبان حرب تحرير الكويت وهو 2.93 بليون دولار (10.9 بليون ريال). مع الاستدراك بأهمية النظر إلى اتجاهات أسعار النفط ومدى تأثر الإيرادات به، إذ أن دعم رصيد الاحتياطي يعتبر هدفا أساسيا. وفي شكل عام، فإن الأرقام السابقة تشير بقوة إلى أن الاقتصاد الوطني لن يعاني من ضغوط تضخمية أو انكماشية كبرى في العام 2009، نتيجة عدة عوامل، في مقدمها: استمرار النمو الاقتصادي وتراجع متوسطات الرقم القياسي العام لكلفة المعيشة. وفي الشأن ذاته، كشفت بيانات «ساما» عن استمرار تراجع حجم الموجودات الأجنبية للمؤسسة (الاحتياطيات الحكومية في الخارج) بنهاية الربع الثالث من العام الجاري 2009 بما يعادل 34.5 مليار ريال لتستقر عند 1.484 تريليون ريال، مقارنة بنحو 1.519 تريليون ريال بنهاية الربع الثاني من العام نفسه. ويأتي انخفاض حجم ودائع المؤسسة لدى البنوك الخارجية بسبب السحب منها لتغطية إنفاق حكومي في الداخل، وليس نتيجة انخفاض قيمة الاستثمارات الخارجية. وسجلت ودائع المؤسسة لدى البنوك الخارجية تراجعا من 248.3 مليار ريال في نهاية الربع الثاني إلى 238.8 مليار ريال بنهاية الربع الثالث، أي بتراجع نسبته 21.1 في المائة. وبحسب البيانات أيضا، فإن إجمالي استثمارات «ساما» في الأوراق المالية في الخارج سجل تراجعا طفيفا؛ حيث انخفض من 1.100 تريليون ريال في الربع الثاني من العام الجاري إلى 1.07 تريليون ريال في الربع الثالث.