كنت في الصف الأول في متوسطة"الفيض"الأهلية في سامراء، حين طلب أستاذي"بهجت"يد أم"أطوار"وتزوج، وكانت الأم سورية الأصل، جاءت العائلة مع خالها الطبيب، ومكثت سنوات في سامراء، وكسبوا جميعاً الجنسية العراقية، وصار أستاذي بهجت عبدالكريم العواد مديراً للمدرسة، وبعد أن تقاعد رحل إلى بغداد، واشتغل بالمحاماة، فهو متخرج في كلية الحقوق. واشتغلت"أطوار"في الإعلام، وكانت تعتبر نفسها كإحدى بنات"سامراء"حيث ولدت ونشأت، ثم عملت أخيراً مع فضائية"العربية"كنت استمع لها معجباً بشجاعتها وفصاحتها، كما أعجب بسمتها وملابسها، ولكونها نشأت وترعرعت في سامراء، فقد بقيت تتردد على هذه المدينة التي تشهد منذ سنين صراعاً ظاهراً وخفياً بين أهل المدينة وجماعة الزرقاوي بين شد وجذب، هدنة واقتتال، ولا أعتقد أن ذلك يخفى على المرحومة"أطوار"وأهلها، ومسارعتها للتوجه لسامراء بعد تفجير"المراقد"فيها بحيث تكون أول من يصلها وينقل بالصوت والصورة، ما حصل جعل المسؤولين عن التفجير يخطفونها مع أربعة زملاء لها في العمل، نجا أحدهم حين هرب وقتل الثلاثة ظلماً وعدواناً. لا أدري ماذا أقول لأستاذي بهجت ولا ما أقول لعائلته سوى إنا لله وإنا إليه راجعون. هناك حماقات وأخطاء وخطايا وقعت في العراق مثل تفكيك الدولة وحل أجهزة الشرطة والجيش، وترك البلد مستباحاً لكل من هب ودب، حتى اجتمعت في العراق كل أجهزة المخابرات وكل طامع ومغامر. ووصل إلى المسؤولية الكبرى من لا يستحقها، ومن كان حتى الأمس يعمل في استخبارات"الدول المجاورة"ويكتب تقارير ضد"كل المعارضة العراقية"يصل إلى الوزارة بقدرة قادر ويعمل في البلد وكأنه إمبراطور لا يهاب ولا يخاف من أحد، ولا يستمع لرأي أحد. في مثل هذا الجو"الفلتان"اختارت"أطوار"بنت الثلاثين أن تعمل في الصحافة وبشجاعة فتعرض نفسها للموت يومياً، دون أن تعرف من أين يأتيها وما هي جريمتها، ولماذا تستهدف. سلام عليك يا أطوار من شجاعة، ولك يا استاذي بهجت الصبر ولأم أطوار السلوان، ولك يا بلدي السلام، ولكن مع الاحتلال والفلتان"والغلو"من أين يأتي السلام؟ وكيف ومن أين يأتي الأمان؟ ويا أهلنا في سامراء بالله لا تنسوا"أطوار"ولا عائلتها. كاتب وأكاديمي عربي