تغمر الحاج مصطفى السامرائي فرحة عارمة وهو يرى الحشود المتوافدة من محافظات الجنوب الشيعية الى المرقدين العسكريين في سامراء، فيما انتعشت تجارته لبيع الحلويات بعد توقف عن العمل لفترة ثلاث سنوات. ويقول:"لم أكن أتصور بأنني سأعيش لأرى هذا اليوم". ويستذكر السامرائي في حديثه مع"الحياة"يوم تفجير القبة الذهبية التي صادفت أمس الذكرى الثالثة لها بالقول:"كان ذلك أتعس يوم مرت به المدينة على الاطلاق. كان هذا اليوم والأيام التي تلته سوداء على المدينة، إذ عمت الفوضى في الأحياء وثار الخوف في نفوس عائلاتها بعد سيطرة تنظيم القاعدة والمسلحين على مقاليد الأمور". لكن مصطفى يشير الى أن"الفصل المذهبي وعدم الثقة الذي كان يحيط بسامراء لمجرد السماع باسمها ولّى، والمدينة تستقبل يومياً مئات الزوار القادمين من بغدادوالمحافظات الجنوبية". وكان مرقد الإمامين العسكريين تعرض إلى تفجيرين، الأول في 22 شباط فبراير عام 2006 أسفر عن انهيار القبتين الذهبيتين للمرقد، واندلعت في أعقابه موجة عنف وتهجير طائفي كانت بين تداعياتها سلسلة عمليات تفجير طاولت مئات الجوامع السنية في بغدادوالمحافظات الجنوبية على أيدي متشددين شيعة. اما التفجير الثاني فحدث بعد سنة تقريباً على الأول، بواسطة قصف أصاب مئذنة وباحة المرقد. ويتفق كثير من السياسيين والمراقبين على أن تفجير قبة مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في شباط العام الماضي يمثل تاريخاً رسمياً لبداية الاقتتال الطائفي والعنف المذهبي في العراق. ويقول قائد عمليات سامراء اللواء رشيد فليح في اتصال مع"الحياة"إن"الوضع الأمني وصل إلى مستويات إيجابية كبيرة، مشيراً إلى أن كل أحياء سامراء تخضع إلى سيطرة أجهزة الأمن، وبالتالي فإن المدينة لا تحتاج الى أي عملية عسكرية كبيرة وإلى أي قوة اضافية سواء من الجيش أو الشرطة. ويشير فليح الى أن الوضع الأمني الجيد الذي تتمتع به سامراء وضواحيها يضاهي الأوضاع الأمنية في أكثر مناطق بغداد، لافتاً الى عدم وجود أي وجه لمقارنة أوضاع سامراء بعد أيام من تفجير المرقدين بالوضع الحالي". ويتطلع آلاف العراقيين الى الاسراع في اعادة بناء القبة الذهبية واعادة تأهيله مجدداً ليتسنى للزوار القيام بمراسيم الزيارة في شكل أكبر. ويقول سلام الخفاجي أحد الزوار القادمين الى بغداد بعد زيارته سامراء ل"الحياة"إن"الوضع الأمني الآن في المدينة جيد جداً وليست هناك أي خشية من أعمال العنف لكن المشكلة هي في المرقد الذي ما زال مدمراً وأداء طقوس الزيارة تتم بصعوبه بعد تصاعد اعداد الزوار يومياً في ظل استمرار عمليات البناء". ويقول"أبو محمد"، وهو متعهد لنقل الزوار من محافظات الجنوب الى سامراء إن"رحلات تنطلق يومياً من محافظات كربلاء والنجف وبابل الى سامراء". ويضيف أن"أعداد الزوار الراغبين في زيارة سامراء يزداد يومياً، ما يعكس حجم التحسن الأمني الذي شهدته مدن العراق، ولا سيما مدينة سامراء التي كانت مرتعاً للمسلحين". وبحسب قائممقام المدينة محمود سامراء، فإنها تستقبل أسبوعياً ما يقارب 15 ألف زائر من محافظاتالعراق. ويقول في اتصال مع"الحياة"إن المدينة سجلت رقماً قياسياً الجمعة الماضية في استقبالها الزوار اذ بلغ عدد زائريها أكثر من 30 ألف زائر. أما عن عمليات البناء الجارية في المرقد، فيشير المهندس ميثم محمد مدير مشروع اعمار المرقدين العسكريين الى أن نسب الانجاز في مشروع اعادة اعمار الروضة العسكرية بلغ 60 في المئة". ويقول إن"قبة الإمامين العسكريين سينتهي العمل فيها قريباً، وأن الفرق الهندسية والفنية تواصل أعمالها في إنهاء المرحلة الثانية التي تتضمن انشاء السياج المحيط بالروضة والأروقة الجانبية والقبة الذهبية التي ستكون أكبر قبة ذهبية في العالم".