أوضح الشيخ الدكتور الشريم ان من سماحة الإسلام انه لم يدع شيئاً للأمة فيه خير إلا دلها عليه، ومن ذلكم طرق التعامل مع شعور الحزن الذي يعتري الإنسان، فلقد كان الموقف الإسلامي غاية في إتقان التعامل مع الأحزان، وذلك من خلال التعوذ منها قبل وقوعها ثم بالمثوبة على الصبر عليها بعد وقوعها ثم في طريقة رفعها، فقد كان من صور التعامل معها قبل الوقوع كثرة تعوذ النبي صلى الله عليه وسلم منها كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن". وأما في مقام ما للصابر على الأحزان التي تصيبه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يصيب المرء من نصب ولا وصب ولا همّ ولا حزن ولا اذى حتى الشوكة يشاكها الا كفّر الله بها خطاياه". واما في التعامل معها لرفعها بعد وقوعها فقد جاءت الشريعة بدواءين ناجعين احدهما دواء حسي مادي هو ما يسمى بالتلبينة، وهي طعام يصنع من حساء من دقيق أو نخالة فيه عسل أو لبن أو كلاهما لما رواه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها انها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ان التلبينة تجمّ فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن". وقوله تجمّ الفؤاد أي تريحه، واما الآخر فهو دواء معنوي روحاني دل عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله:"ما قال عبد قط اذا اصابه همّ وحزن اللهمّ اني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو انزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همّي، الا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا: يا رسول الله أينبغي لنا ان نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: اجل ينبغي لمن سمعهن ان يتعلمهن"، يضاف الى ذلكم العلاج المعنوي، وهو محادثة المحزون نفسه واستحضاره عظمة الله وقضاءه وقدره، وان ما أصابه لم يكن ليخطئه وان ما أخطأه لم يكن ليصيبه، حتى تهدأ نفسه ويزول عنه ما يجد، وهذا ما يسمى في اصطلاح الطب النفسي المعاصر بالعلاج الذهني:"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون نزلاً من غفور رحيم".