في الجزء الرابع من سلسلة الغذاء الإسلامي سنرى فوائد التلبينة، وهذه سلسلة من عدة حلقات كل واحدة تتكلم عن غذاء ورد في القرآن أو السنة، وفي المقالات السابقة رأينا منافع زيت الزيتون والحبة السوداء والتمر واليوم سنطّلع على فوائد طعامٍ قليل الشهرة لكن كثير المنفعة. أولاً: ما هي التلبينة؟ إنها حساء يُصنع من دقيق الشعير بنُخالته، ويوجد في الأسواق اليوم مُنتجات تلبينة السنة النبوية، وأساس هذا الحساء مسحوق التلبينة والحليب المغلي ويُمكن أن يُحلّى بالعسل. ما هي فوائد التلبينة؟ كثيرة، منها أنها ممتازة لمشاكل البطن والأمعاء، وقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذا قيلَ له: إنَّ فلانًا وجِعٌ لا يَطعَمُ الطعامَ، قال: «عليكم بالتلْبينَةِ فاحسوهُ إيَّاها». وكان يقولُ: «والذي نفسي بيدهِ إنها تغسِلُ بطنَ أحدِكُم كما تغسلُ إحداكنَّ وجهَها من الوسَخِ». للشعير فوائد للقناة الهضمية، فهو يغذي البكتيريا الحميدة التي تسكن الأمعاء، والتي يزيد عددها حتى تزاحم البكتيريا الضارة وتُخرجها، وهو ينظم خروج الفضلات، ويحافظ على سلامة القولون، واحتساء الشعير على هيئة التلبينة يجعله أسهل وأسرع امتصاصاً. أيضاً يمكن أن يحمي الشعير من أنواع من السرطان خاصة التي تصيب القناة الهضمية. من فوائده الأخرى أنه يقلل من الكولسترول، ويحوي مادة اسمها نياسين تحمي القلب من الأضرار، حتى إنه يخفض ضغط الدم بل ويقي بإذن الله من النوبات القلبية. الشعير يفيد أيضاً في مكافحة مرض السكر، وحصى الكلية، وسرطان الثدي، وربو الأطفال، والكثير غير ذلك. أما أشهر خصائص التلبينة فهي أنها مهدئة للنفس والقلب، ففي صحيح مسلم أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت إذا مات الميتُ من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقنَ إلا أهلها وخاصتها - أمرت ببرمةٍ (أي قِدر) من تلبينةٍ فطُبخت، ثم صُنِعَ ثريدٌ (نوع من الطعام) فصُبَّتِ التلبينةُ عليها، ثم قالت: كُلْنَ منها، فإني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: «التلبينةُ مُجِمَّةٌ (أي مريحة) لفؤادِ المريضِ، تُذهب بعضَ الحزنِ». يحوي الشعير مادة الميلاتونين المهدئة للمخ والتي يفرزها الجسم أيضاً ليساعد على النوم، والبعض يستخدم مستخلصات الميلاتونين لمقاومة الأرق، وهذه المادة أيضاً تبعث شعوراً بالبهجة والسعادة. من الدراسات الحديثة التي أجريت على التلبينة دراسة نَشَرتها منظمة الصحة الأمريكية عام 2013م، وطُبِّقَت الدراسة على 30 مريضا بالاكتئاب – رجالا و نساء -، واستمرت الدراسة 3 أسابيع، أراد فيها الباحثون معرفة تأثير التلبينة على النفسية بأن جعلوا المصابين يأكلون التلبينة باستمرار وأخذوا يسجلون حالة نفسياتهم بدقة، ولما انتهت التجربة العلمية كانت النتيجة تحسّناً قوياً في النفسية وانخفاضاً بارزاً في أعراض الاكتئاب والضغط النفسي واضطرابات المزاج. إذا أردتَ نوماً هادئاً أو تحسيناً سريعاً للنفسية ودفعاً لبعض الحزن والغم، فعليك بالتلبينة، وصَدَقَ من لا ينطق عن الهوى، عليه صلوات الله وسلامه.