الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: تحدثنا في المقالات السابقة عن أسباب الحزن، وذكرنا بعضاً من طُرق علاجه وإليك -أخي القارئ- تتمة الموضوع. * تتمة علاج الحزن: 15- اشكر اللهَ على نعمه المترادفة: احمد اللهَ على ما أسبغ عليك من نِعمه الظاهرة والباطنة؛ أعظمها أن هداك للإسلام، وغيرك يتخبط في ظلمات الشرك والضلال. -لا تعد مصائبك، وتنسى نعم الله عليك، قال تعالى:( إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)، قال الحسن: "هو الذي يعدُّ المصائبَ وينسى النعم"… فإنك إن عددّت نعمك أقبلت عليك الأفراحُ من كل جانب، وإن عددّت مصائبك أحاطت بك الأحزانُ من كل جانب. 16-اطو ماضيك الحزين: تناس الذكريات المؤلمة التي عصفت بك في ماضي حياتك، فكما قيل: ملف الماضي عند العقلاء يُطوى ولا يُروى، ولا تلتفت إلى الوراء فتتعثر في الطريق، انظر إلى المستقبل، وأمّل خيراً من رب كريم. 17-أكل التلبينة: إذا أصاب العبد هماً وحزناً قد لا يرغب في طعام يأكله، ولا غذاء يشتهيه، فليصنع له أهله التلبينة، فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تأمر بالتلبينة للمريض، وللمحزون على الميت، وتقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنّ التلبينة مُجمّةٌ لفؤاد المريض تذْهَبُ ببعض الحزن). -التلبينة:حساء من دقيق أو نخالة، وربما يجعل فيها شيء من العسل واللبن، وسميت بذلك تشبيهاً لها باللبن في بياضها ورقتها. -مجمة: من الإجمام وهو الراحة. **هذه بعض طرق العلاج، ولم أذكر باقيها لضيق المقام. * الخاتمة: وفي خاتمة المطاف: أيها الحزين، وصيتي لك: * لا تحزن والله ربك، فإنه لا حزن مع الله أبداً، فإن داهمك الحزن فاستعذ بالله منه، وخفف حزنك بأنّ ما أصابك من المحن لطفاً من الله بك ليسوقك إلى كمال النعيم. * لا تحزن والله ربك، قل بلسانك وقلبك: (رضيت بالله رباً) رضاً بربوبية الله، رضاً بإلوهيته، رضاً بقضائه وقدره، فمنْ رضي بالله رباً رضيه الله له عبداً. * لا تحزن والله ربك، فالدنيا لم تصف للأنبياء ولا للمرسلين ولا لخيار عباد الله الصالحين، أتريدها أن تصفو لك؟! * لا تحزن والله ربك، فالدنيا قصيرة، فلا تقصِّرها بالأحزان والغموم، فيتكدر حالك ويستوحش قلبك. * لا تحزن والله ربك، فعجلة الحياة تسير؛ ضحكت أم بكيت، فرحت أم حزنت، فلا تُشقي نفسك بالهموم والأحزان. * لا تحزن والله ربك، افرح بالنعم التي منَّ الله بها عليك، وأشكرهُ عليها (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). * لا تحزن والله ربك، ادعه ليجلي كربك وحزنك وهمّك، وأحسن الظنّ به، وتفاءل، فربك قدير كريم. * لا تحزن والله ربك، كَفْكِفْ دموعك، وانهض واستمتع بالحياة، فهي حلوة جميلة بطاعة ربك والقرب منه والأنس به، وجدّ في العمل الصالح حتى تلقى ربك وهو عنك راضٍ، فتفوز بجنة عرضها السموات والأرض، لا حزن فيها ولا كدر، ولا تعب فيها ولا ضجر. -جعلنا الله وإياك من سكان الجنان، وأزال عنّا الهموم والأحزان، إنه مجيب الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلّم. {باختصار، من كتابي (لا تحزن والله ربك)}